النواب الأكراد يقاطعون البرلمان التركي بعد حل حزبهم

المتحدث باسم «العمال الكردستاني» يندد بقرار المحكمة ويصفه بالسياسي وليس القانوني

TT

أعلن الحزب الكردي الرئيسي في تركيا أمس أن أعضاءه سيقاطعون البرلمان غداة قرار المحكمة الدستورية حظر الحزب، في الوقت الذي تندلع فيه احتجاجات كردية عنيفة فيما تبذل الحكومة جهودا لإصلاح علاقاتها مع الأقلية الكردية.

وقال أحمد ترك رئيس حزب «المجتمع الديمقراطي» للصحافيين بعد اجتماع للحزب «إن كتلتنا (البرلمانية) انسحبت فعلا من البرلمان اعتبارا من أمس. ولن تشارك بعد الآن في أعماله».

وكانت المحكمة الدستورية قررت حظر الحزب لاتهامه بعلاقته بحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل نظام الحكومة التركية منذ 25 سنة في جنوب شرقي البلاد وتدرجه أنقرة وعدد من الدول على قائمة الجماعات الإرهابية.

واندلعت اشتباكات في المناطق الجنوبية الشرقية التي تسكنها غالبية من الأكراد أمس مما دفع الشرطة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق الحشود.

ورشق المتظاهرون قوات الأمن بالحجارة وحاولوا «شنق» رئيس الشرطة وضابطا في هكاري، حسب ما أوردت وكالة الأناضول للأنباء، مضيفة أن الحشود أخلت سبيل الرجلين بعد تدخل عدد من السياسيين.

وفي منطقة يوكسيكوفا المجاورة، أحرق المتظاهرون الإطارات في الشوارع، فيما أصيب رئيس الشرطة بحجر ألقاه المتظاهرون، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وندد أحمد ترك بحظر حزبه ووصفه بأنه «ضربة لإيماننا بالسلام» إلا أنه أعرب عن أنه «رغم كل العوائق، فإن السلام سيسود في هذا البلد بكل تأكيد».

ويبدو أن قرار الحزب مقاطعة البرلمان هو تراجع عن قرار اتخذه الحزب سابقا قبل حكم المحكمة باستقالة النواب من البرلمان إذا تم حظر الحزب. وتعرض الحزب لضغوط للإبقاء على أعضائه في البرلمان لإظهار الالتزام بالتوصل إلى حل سلمي للمسألة الكردية.

وقال ترك، في إشارة واضحة إلى أن النواب قد ينضمون في وقت لاحق تحت راية حزب جديد، إن «السياسة الديمقراطية ستتواصل. ونحن نؤمن بوضع السياسة في المرتبة العليا».

ولم يتبق للحزب اليوم سوى 19 نائبا في البرلمان (من أصل 550) بعد أن تم تجريد نائبين، أحدهما ترك، من مقعديهما بموجب قرار المحكمة الذي اتخذ أول من أمس. ويمكن لباقي النواب أن يحتفظوا بمقاعدهم في البرلمان كأعضاء مستقلين أو تشكيل حزب جديد.

ودعا ترك حزب العمال الكردستاني إلى إنهاء العنف كما دعا إلى وقف العمليات العسكرية ضد المتمردين. وقال ترك إن «الدم لا يغسل بالدم. والأسلحة لا يمكن إسكاتها بالأسلحة.. دعونا نحُل دون إدخال تركيا في نزاع أهلي».

ويلقي حظر حزب «المجتمع الديمقراطي» الكردي بظلاله على المبادرة التي أعلنتها الحكومة في أغسطس (آب) الماضي بمنح الأكراد قدرا أكبر من الحريات، وأثار مخاوف من اندلاع توترات إثنية جديدة في البلاد التي أدى فيها النزاع إلى مقتل نحو 45 ألف شخص منذ بدايته.

ودافع الرئيس التركي عبد الله غل عن قرار الحظر واتهم حزب العمال الكردستاني بمحاولة «تخريب» خطط أنقرة الإصلاحية المتعلقة بالأكراد.

ونقلت عنه وكالة أنباء الأناضول قوله خلال زيارة لجمهورية مونتينيغرو «ما الذي كان يمكن أن تفعله المحكمة عندما يعلن قادة حزب أن منظمة إرهابية هي سبب وجوده؟.. ولكن يمكن التغلب على كافة المشكلات من خلال الطرق الديمقراطية».

ويقول حزب المجتمع الديمقراطي إنه لا يرتبط «بأية علاقات عضوية» مع حزب العمال الكردستاني، إلا أن الحزب رفض وصف الحزب بأنه إرهابي. وأعرب الاتحاد الأوروبي، الذي تسعى تركيا إلى الانضمام إليه، عن «قلقه» من حظر حزب المجتمع الديمقراطي وحث الحكومة على إصلاح القوانين التركية بشأن الأحزاب السياسية بحيث تتناسب مع قوانين الاتحاد الأوروبي.

وفي القوت نفسه، ندد أحمد دنيز المتحدث الرسمي باسم قيادة حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا بقرار المحكمة بإغلاق مقرات ووقف نشاطات حزب المجتمع الديمقراطي الكردي. منتقدا موقف الحكومة التركية من القرار، ومشيرا إلى أن «حكومة أردوغان كانت قادرة على تغيير هذا الحكم ما دامت تتشدق بشعارات الانفتاح على القضية الكردية».

وقال دنيز في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن قرار المحكمة الدستورية سياسي وليس قانونيا، وهو يؤكد أن «تركيا ومنذ نشوء دولتها وإلى اليوم لا تقبل الاعتراف بالوجود الكردي في البلاد». وأكد أن «الحكومة التركية ما لم تغير سياساتها تجاه الشعب الكردي والقبول بهويته القومية المتميزة لا يمكنها حل هذه القضية الكبرى في البلاد ولا تحقيق الديمقراطية بالشكل الذي يستوعب جميع المكونات القومية».

وأشار دنيز إلى أن «حزب المجتمع الديمقراطي الكردي هو حزب مجاز من قبل الدولة، والسؤال هو: لماذا يحظرون حزبا مرخصا من الدولة يمارس نشاطاته بشكل علني، ونحن في العمال الكردستاني نعتبر حزب رئيس الوزراء أردوغان مسؤولا بالدرجة الأولى عن صدور هذا القرار وتداعياته، لأن حكومة أردوغان كانت قادرة على تغيير هذا الحكم التعسفي بما يتماشى مع سياستها الجديدة في الانفتاح على القضية الكردية».

وذكر المتحدث الرسمي أن «الشعب الكردي لديه الكثير من الخيارات البديلة لمواصلة نضاله السياسي، وستكون له ردود فعل تجاه هذا القرار الذي يهدف بالأساس إلى القضاء على الإرادة الكردية وطمس هويته القومية».