الرئيس اللبناني يبدأ زيارة رسمية لواشنطن.. وعلى الأجندة تسليح الجيش من دون شروط

السيد حسين لـ «الشرق الأوسط»: زيارة سليمان منسقة عربيا وعضوية لبنان في مجلس الأمن تعطيها أهمية مضاعفة

سليمان مستقبلا عون في قصر بعبدا أمس قبل مغادرته إلى واشنطن (دالاتي ونهرا)
TT

يحمل رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان الذي بدأ زيارة رسمية إلى واشنطن أمس، عنوانين أساسيين معه؛ يتعلق الأول بتسليح الجيش اللبناني والعلاقات الثنائية بين البلدين، والثاني محوره التأكيد على الموقف اللبناني الرافض لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، وإعطاء هؤلاء حقوقهم وأهمها حق العودة.

ويلتقي سليمان الرئيس الأميركي باراك أوباما غدا الاثنين، وذلك تلبية لدعوة رسمية كان حملها إليه نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن عندما زار بيروت مطلع يونيو (حزيران) الماضي. إلا أن «التشويش» عليها انطلق أميركيا ومحليا، فالتمهيد للزيارة وجد من يصوِّب إليه في الكونغرس، كما يقول وزير الدولة اللبناني (من فريق رئيس الجمهورية) عدنان السيد حسين لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «للأسف هناك في واشنطن من حاول التشويش على الزيارة، فقد أصدر 31 عضوا في الكونغرس الأميركي وثيقة ركزت على تنفيذ القرار 1701 من وجهة نظرها، وطالبت بنزع سلاح حزب الله. وقد ساند هذا التوجه بعض مراكز البحوث، وبينها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط الذي ركز على ضرورة تنفيذ القرار 1701 وفق التفسير الإسرائيلي من دون أن يشير إلى الخرق الإسرائيلي المتواصل للقرار 1701».

أما محليا، فقد اعتبر الوزير السابق المقرب من سورية وئام وهاب أن «لا ضرورة لزيارة سليمان واشنطن، لأنه لن يستطيع تحقيق أي من العناوين التي تحملها الزيارة»، ما دفع بعض المصادر إلى تحليل هذا الموقف ومواقف أخرى مشابهة له، بأن «هناك انزعاجا سوريا من الانفتاح اللبناني» على واشنطن. لكن مصادر سليمان ردّت لتؤكد أن «تشاورا إيجابيا في شأن الزيارة تم بين الرئيس السوري بشار الأسد وسليمان خلال زيارة الرئيس اللبناني دمشق الشهر الماضي».

ويقول السيد حسين إن «الذين ينتقدون الزيارة بحجة أن سليمان لن يستطيع تغيير المعادلات الداخلية أو الإقليمية، يتجاهلون دور السياسة الخارجية اللبنانية والجولات السابقة لرئيس الجمهورية، والتي أدت إلى تثبيت موقع لبنان على صعيد السياسة الدولية، والدفاع عن مصالحه وشرح مواقفه المبدئية من القضايا العربية، كما حصل في مؤتمر الدوحة الذي أقيم خلال العدوان الإسرائيلي على غزة العام الماضي، أو خلال القمة الاقتصادية في الكويت، أو خلال المؤتمر العالمي لحوار الأديان». ويشير إلى أن «سليمان حقق نتائج مفيدة باعتراف الحكومات العربية، وهو سيقوم بذلك مرة أخرى خلال زيارته واشنطن أو غيرها من العواصم».

ويقول: «التقى الرئيسان أوباما وسليمان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة وبحثا بعض القضايا. واليوم يتابع سليمان بحث تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتحديدا ما يتعلق منها بلبنان، أي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلادهم، وصولا إلى تكريس هذا الحق. انطلاقا من ذلك، سيؤكد على رفض لبنان التوطين من منطلق دستوري أولا، ثم نظرا إلى إجماع اللبنانيين على ذلك وإصرار اللاجئين على العودة إلى ديارهم».

ويضيف السيد حسين: «سيبحث سليمان موضوع تسليح الجيش اللبناني واستقدام أسلحة ومعدات جديدة، ولكن من دون فرض شروط سياسية أو عسكرية أو غير ذلك. ومبدأ رفض الشروط مقابل التسلح ثابت في سياسة سليمان وفي وزارة الدفاع الوطني، وعلينا أن ننتظر النتائج». ويشير إلى أن «الهدف الثالث للزيارة هو الفرصة التي توفرها لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما في ظل وجود جالية لبنانية كبيرة في الولايات المتحدة. ويتضمن برنامج الزيارة لقاءات تجمع سليمان وممثلي الجالية اللبنانية».

هل يتم التنسيق مع الدول العربية للقيام بذلك، وما الذي يميز لبنان ويخوِّله حمل قضايا العرب إلى المحافل الدولية؟ يقول السيد حسين: «بطبيعة الحال هناك اتصالات وتنسيق بين الدول العربية منذ مؤتمر القمة الاقتصادية في الكويت، حيث جرى التركيز على التكامل العربي الاقتصادي وإعادة طرح القضايا العربية برؤية مشتركة في المحافل الدولية. ولبنان لعب هذا الدور سابقا وكان حاضرا في هذا المجال لسببين، الأول محلي يتعلق بتكوينه الديمغرافي وقضية رفض التوطين. والثاني سبب عربي يضطلع لبنان به منذ نشأة القضية الفلسطينية، انطلاقا من التزامه بالقضايا العربية، ولأنه من دول الطوق وما لذلك من أبعاد سياسية». ويضيف: «زيارة سليمان منسقة عربيا، وهو سيدافع عن القضايا العربية بعكس ما يشاع. أما مسألة النجاح فتقاس في ضوء الظروف والإمكانات. فهو سيحمل توجهات القمة العربية والعمل العربي المشترك. وقد تحسن هذا العمل بعد التفاهم السعودي ـ السوري. ومن المقدر له أن يتحسن أكثر بعد قمة الكويت لدول مجلس التعاون الخليجية حيث سيطرح موضوع الأمن الخليجي والعربي». ويشدد السيد حسين على أنه «بالنسبة للتوطين، الصراع الآن سياسي وليس قانونيا، لأن حق عودة اللاجئين مكرس من الناحية القانونية. لكن السعي الإسرائيلي الحثيث لم يتوقف منذ ستين عاما لتصوير توطين الفلسطينيين حيث هم وكأنه حل للقضية. وفي المقابل، المجتمع الدولي متفاوت في موقفه تجاه هذه المشكلة. هناك دول تساند التوطين كليا أو جزئيا، ودول أخرى تعتبر أن عودة جميع الفلسطينيين إلى إسرائيل من شأنه أن يغير طبيعة دولة إسرائيل. وهناك دول في العالم النامي تؤيد حق العودة. لذلك لا بد من التحرك، ولا بد من موقف عربي مشترك وفاعل تجاه مساعدة اللاجئين في العودة إلى وطنهم».

وعن العلاقة بين عضوية لبنان المؤقتة في مجلس الأمن وزيارة سليمان إلى الولايات المتحدة، يقول السيد حسين: «عضوية لبنان في مجلس الأمن تعطي أهمية مضاعفة للزيارة، لأن الولايات المتحدة عضو دائم في مجلس الأمن ولها نفوذ دولي كبير. ثم إن انتخاب المجموعة العربية لبنان كي يمثلها في الأمم المتحدة من شأنه تحميله مسؤولية طرح القضايا العربية في مناقشات مجلس الأمن، فضلا عن طرح القضية اللبنانية وما يرتبط بها من مشكلات ومطالب وطنية. ومن المتوقع أن يزداد تأثير الدبلوماسية اللبنانية في المحافل الدولية نتيجة هذا الأمر. خاصة أن سليمان يقوم بنشاط واسع على الصعيد الخارجي انطلاقا من مسؤوليته الدستورية التي لم تتبدل مع اتفاق الطائف».