قمة كوبنهاغن: ميركل ترفض بذل أوروبا المزيد لتوصل إلى اتفاق حول المناخ

شغب في أضخم تظاهرة في العاصمة الدنماركية شارك فيها أكثر من 30 ألف ناشط بيئي

ناشطون بيئيون يتظاهرون أمس في كوبنهاغن لحث الدول على التوصل إلى اتفاق حول المناخ (رويترز)
TT

أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن رفضها بذل المزيد من الجهود الألمانية والأوروبية المسبقة بغرض الوصول لاتفاقية عالمية لحماية المناخ خلال الأسبوع المقبل، في القمة المنعقدة في كوبنهاغن، في وقت اندلعت فيه أعمال عنف في كوبنهاغن أمس خلال أضخم تظاهرة شارك فيها نحو 30 ألف شخص من النشطاء البيئيين، لحث الدول على التوصل إلى اتفاق ملزم حول المناخ.

وتتواصل في مركز المؤتمرات في العاصمة الدنماركية، المفاوضات التي تخللتها في الأسبوع الأول نقاشات شديدة اللهجة بين الصين والولايات المتحدة، وهما أبرز دولتين ملوثتين في العالم، مع الوصول التدريجي للوزراء. وأشارت ميركل في مقابلة مع صحيفة «بيلد آم زونتاج» الألمانية تنشر اليوم، أن اتفاقية حماية المناخ التي تسعى 192 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأنها في كوبنهاغن الأسبوع المقبل، يجب أن تحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل فعال. وقالت «الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض مقياس حاسم.. لديّ تفاؤل حذر إزاء إمكانية التوصل إلى مثل هذا الاتفاق.. تحدثت عن ذلك هاتفيا الأسبوع الماضي مع رئيسي وزراء الصين والهند اللذين نحتاجهما في مثل هذا الاتفاق». وأوضحت ميركل أن قمة حماية المناخ تدور حول الاتفاق على «أهداف سياسية مركزية»، وقالت إنه «يتعين أن يعقب ذلك اتفاقية موضوعة وفقا للقانون الدولي بتفاصيل قانونية العام المقبل». وأضافت المستشارة الألمانية أنه لن تستطيع «دولة أو قارة بمفردها حماية المناخ»، مضيفة «لذلك، تدور قمة كوبنهاغن حول مسؤولية عالمية، فهنا لا يمكن أن تتنصل دولة من المسؤولية».

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو سيحضر محادثات الأمم المتحدة لتغير المناخ في كوبنهاغن يومي 17 و18 ديسمبر (كانون الأول)، مؤكدة مواعيد زيارته التي أعلنت من قبل. ولم تذكر الوزارة تفصيلات أخرى في بيان مقتضب نشرته على موقعها على الإنترنت. وسيتواجد ون هناك في ختام الاجتماع منضما إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وأدى خلاف بين الدول الغنية والفقيرة إلى تعثر محادثات المناخ. وهاجمت الصين أول من أمس مبعوثا أميركيا كبيرا بوصفه أنه «شخص لا يتسم بالمسؤولية بشكل كبير أو يفتقر إلى المنطق السليم»، لقوله خلال اجتماع القمة إن أميركا لن تمنح مساعدات مناخية للصين.

وفي المقابل، تظاهر عشرات الآلاف في كوبنهاغن في مسيرة لم تخل من بعض الشغب، إذ ألقى نحو 300 شاب يرتدون ملابس سوداء، الطوب وحطموا زجاج النوافذ مما دفع الشرطة إلى التدخل واعتقال 19 من المحتجين. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن نحو 50 من رجال الشرطة قاموا باعتقال عدد من المتظاهرين ونقلهم في عربات كانت تقف بالجوار. وأصدرت شرطة كوبنهاغن في وقت سابق تحذيرا قويا ضد أعمال الشغب خلال قمة المناخ التي تجري برعاية الأمم المتحدة. واستمر باقي المتظاهرين بالاحتجاج سلميا رغم تصاعد التوتر.

وجرى نقل أحد عشر من المتظاهرين إلى الاحتجاز التحفظي على خلفية الشكوك في ارتكاب أعمال جنائية. كما جرى القبض على مجموعتين أخريين تضم كل واحدة أربعة أشخاص لحيازتهم أسلحة ومخدرات. ومع ذلك، قالت الشرطة إنه لم تقع أي اضطرابات ضخمة. وقال منظمون إن المسيرة سوف تنطلق من البرلمان إلى مقر انعقاد المؤتمر في مركز بيلا الضخم الواقع خارج مركز المدينة.

ويطالب المحتجون باتفاق واسع النطاق ليحل محل بروتوكول كيوتو وبمساعدات مالية ضخمة من الدول الغنية لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة ظاهرة تغير المناخ. وكان متحدث باسم الشرطة قد صرح أمس بأن أكثر من خمسة آلاف ضابط سوف يتصدون بحزم لأي احتجاجات عنيفة. وكان البرلمان الدنماركي قد أقر في السابق إجراءات خاصة لمعاقبة الجرائم التي ترتكب خلال قمة المناخ.

وكانت الشرطة الدنماركية قد ألقت في ساعة متأخرة من مساء أمس القبض على 75 من المحتجين قبل المظاهرة. وكان من بين الـ75 شخصا 13 ألمانيا وترددت مزاعم أنهم كانوا جزءا من احتجاج قوي لم يرخص له وكانوا يحاولون حصار الشركات التي يعتقدون أنها مسؤولة عن الإسهام في انبعاثات غازات الدفيئة.

وجاء ذلك في وقت تظاهر عشرات آلاف الأشخاص في منطقة آسيا ـ المحيط الهادئ وفي كافة أنحاء العالم، لحث الدول المشاركة في المؤتمر، على التوصل إلى اتفاق ملزم. وفي استراليا، نزل نحو 50 ألف شخص، بحسب المنظمين، إلى شوارع مدن عدة. وتجمع آلاف المتظاهرين أمام مقر البرلمان في العاصمة كانبيرا، في حين نزل الآلاف إلى شوارع سيدني وملبورن. وقالت تريشا فيلمان، إحدى منظمات تظاهرة ملبورن، «إنه لأمر أساسي أن يتعهد قادتنا الأسبوع المقبل بوقف التقلبات المناخية». وهي «خامس مسيرة سنوية ضد الاحتباس» تنظم في استراليا. وفي مانيلا، تجمع مئات الأشخاص في «تظاهرة صاخبة» أمام مقر البلدية وهم يقرعون الطبول ويرتدون قمصانا حمراء. وقال علي أبو سان العضو في منظمة «غرينبيس» فرع الفيليبين «إننا نرتدي قمصانا حمراء كرمز لـ(الإنذار الاحمر) لنقول للعالم إنه لم يعد أمامنا متسع من الوقت» للتحرك لوقف ظاهرة الاحتباس.

وفي جاكرتا تظاهر 150 عضوا في منظمات محلية أمام السفارة الأميركية لمطالبة أول دولة ملوثة في العالم بأن تكون قدوة وتساعد الدول النامية في خفض انبعاثات غازات الدفيئة. وقال علي أكبر، المسؤول الإندونيسي في منتدى التنمية «في حال لم تلتزم الولايات المتحدة أكثر فإن عددا من الدول النامية لن تبذل جهودا لخفض انبعاثاتها».