الحكومة العراقية: لا نقل قسريا لسكان معسكر أشرف اليوم إلى بغداد

مسؤول في «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة لـ «الشرق الأوسط»: نتوقع تكرار سيناريو يوليو

TT

في الوقت الذي أكدت فيه مصادر حكومية عراقية مطلعة أن الأخيرة لن تلجأ تحت أي ظرف إلى نقل عناصر «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة، اليوم، من معسكر أشرف، شمال شرقي بغداد، إلى موقع آخر «بشكل قسري»، توقعت مصادر من المنظمة الإيرانية ومسؤولون داخل المعسكر أنه ربما سيتجدد سيناريو أحداث يوليو (تموز) الماضي عندما اقتحمت القوات العراقية المعسكر بالقوة لفرض سيطرتها الأمنية عليه مما أسفر عن وقوع الكثير من الضحايا بين قتيل وجريح من كلا الطرفين. ويقيم في معسكر أشرف نحو 3500 من عناصر مجاهدين خلق المعارضة لنظام الحكم في إيران بينهم 1000 امرأة منذ ثمانينات القرن الماضي، وحصلوا على دعم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. ومع الإطاحة بالنظام السابق قامت القوات الأميركية بنزع سلاح المنظمة. وترغب الحكومة العراقية الحالية في إغلاق معسكر أشرف وترحيل سكانه، الأمر الذي يخشاه سكان المعسكر الذين عبروا عن رغبتهم في البقاء في العراق. وقررت الحكومة العراقية مؤخرا نقل عناصر المنظمة إلى بغداد بعيدا عن الحدود العراقية ـ الإيرانية.

وتروم الحكومة العراقية اليوم اصطحاب وسائل الإعلام العراقية إلى مقر معسكر أشرف شمال شرقي العاصمة بغداد ضمن منطقة الخالص التابعة لمحافظة ديالى للاطلاع على انتقال سكان أشرف إلى مكان آخر في بغداد.

ونفت المصادر الحكومية المطلعة، التي رفضت الكشف عن اسمها، ردا على سؤال «الشرق الأوسط»، أي نقل قسري لسكان المعسكر، وقالت إن «الأمر لن يكون مطلقا بهذه الصيغة وهم أحرار (سكان أشرف) في الموافقة أو رفض الإخلاء». وحول الموقع الجديد الذي سينقل إليه سكان المعسكر، قالت المصادر: «سينقل سكان أشرف إلى عدة فنادق في منطقة الكرادة (وسط بغداد) وهي فنادق أربع نجوم وستكون محمية بشكل جيد».

من جانبه، توقع محمد محامدين، مسؤول العلاقات الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن «يكون السيناريو المعد لخطة اليوم من قبل الحكومة العراقية هو للقضاء على سكان أشرف عبر إخراجهم بشكل قسري وأن تحدث مشكلات مثلما حدثت في يوليو (تموز) الماضي»، وأضاف أن «الحكومة الإيرانية تحاول جاهدة القضاء على المنظمة قبل الانتخابات العراقية لأنها تتوقع تغير في الخارطة السياسية للانتخابات المقبلة وعندها لن يكون بمقدورها الضغط بهذا الاتجاه».

وأشار محامدين، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من باريس، إلى أن «سكان أشرف بنوا كل ما هو موجود داخل المعسكر وعلى مدى سنوات طوال ووصلت قيمة ما أنفق من أموالهم الخاصة 200 مليون دولار وليس من السهولة التخلي عن كل ذلك بمحاولة نقلهم إلى أي مكان آخر»، لكنه أكد أيضا أنه «يتمنى على الحكومة العراقية أن لا تخضع للضغوطات من الحكومة الإيرانية وأن تمتثل للقانون الدولي الذي يحمي اللاجئين على أرضها بموجب اتفاقية جنيف الرابعة»، حسب قوله وأكد محامدين، حول الشروط التي يمكن من خلالها التفاوض مع الحكومة العراقية لقبول الانتقال إلى موقع آخر، أن «هذه المسألة تعتبر خطا أحمر بالنسبة إلى سكان المعسكر وهم محميون بموجب القانون الدولي». وفي اتصالات لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف مع عدد من سكان أشرف قام بتأمينها محمد إقبال، المسؤول في المعسكر، رفض العديد منهم فكرة مغادرة المعسكر.

وقال أحدهم: «نحترم السيادة العراقية وهذه الأرض (المعسكر) جزء من سيادة الحكومة على أرضها، لكننا بنينا وشاركنا في بناء أغلب مرافقها ولن نستطيع العيش خارج هذا المكان الذي نسكن فيه منذ عشرين عاما».

كما أكد إقبال، المسؤول في معسكر، أن «ما أشيع عن موافقة سكان المعسكر الانتقال غير صحيح وهدفه تضليل الرأي العام». وقال إقبال إن «هذا الادعاء كذب محض وزائف تماما ولا أساس له من الصحة ويهدف فقط إلى تضليل الرأي العام. إن نقل وتهجير سكان مخيم أشرف عمل غير قانوني تماما وانتهاك صارخ للحقوق الإنسانية الدولية وحقوق الإنسان وسوف يؤدي إلى وقوع كارثة إنسانية».

وأشار إقبال إلى أن «الحكومة العراقية تتحدث عن حصول اتفاق وهمي مع سكان مخيم أشرف على نقلهم في الوقت الذي قامت فيه بتشديد الحصار المفروض على أشرف بشكل كبير جدا حيث شمل المواد الغذائية أيضا».

وقال إقبال: «منذ يوم الخميس 10 ديسمبر (كانون الأول) 2009 تم منع دخول المواد الغذائية بما فيها اللحوم والبقوليات والمنظفات إلى أشرف. وتتعرض اللحوم والبقوليات للفساد كونها تنتظر صدور الترخيص في خارج أشرف من قبل ممثل لجنة قمع أشرف في رئاسة الوزراء العراقية، كما أن منع دخول الأطباء والدواء والوقود إلى أشرف لا يزال مستمرا».

وكانت الحكومة المحلية في محافظة المثنى، جنوبي العراق، رفضت نقل عناصر مجاهدين خلق إلى معسكر كانت تتخذه القوات اليابانية مقرا لها يقع في نقرة السلمان ضمن حدود المحافظة، وخرجت تظاهرات في فترات متعاقبة كان آخرها الخميس الماضي لتجديد رفض أهالي المحافظة لنقل سكان المعسكر إلى مناطقهم. وفي تطور لاحق أمس، أعربت بعثة الأمم المتحدة في العراق عن قلقها إزاء نقل سكان معسكر أشرف إلى بغداد.