مصادر في لندن: إيران تجري تجارب على عنصر مكون لقنبلة نووية

استندت إلى «وثيقة» تتصل بمشروع عسكري نووي يعتبر الأكثر حساسية في إيران

TT

أكدت مصادر صحافية في لندن، أن إيران تقوم بأنشطة تهدف إلى إجراء تجارب على عنصر رئيسي يدخل في تصنيع قنبلة نووية، مستندة إلى وثيقة إيرانية.

وقالت صحيفة «التايمز» البريطانية أمس إن «الوثيقة التي تتصل بمشروع عسكري نووي يعتبر أحد المشاريع الأكثر حساسية في إيران، تصف خطة مدتها أربعة أعوام لتجربة عنصر قنبلة نووية يؤدي إلى إحداث انفجار». وأضافت أن مصادر عدة داخل وكالات استخباراتية لم تكشف هويتها حددت تاريخ الوثيقة بـ«بداية 2007، أي بعد أربعة أعوام من التعليق المفترض من جانب إيران لبرنامجها للتسلح». والوثيقة التقنية التي كتبت بالفارسية «تصف استخدام هذا العنصر المكون من الهيدروجين واليورانيوم». وقال خبراء للصحيفة إن أي استخدام مدني أو عسكري لا يبرر خطوة مماثلة إلا إذا كانت غايتها تصنيع سلاح نووي. وأوضحت الصحيفة أن هذا النوع من اليورانيوم يدخل في تكوين القنبلة النووية في باكستان.

وأضاف الخبراء للصحيفة البريطانية أن هذه المعلومات هي المؤشر الأهم المتوافر حتى الآن على أن إيران تواصل برنامجها النووي العسكري. وقال ديفيد أولبرايت، الفيزيائي ورئيس معهد العلم والأمن الدولي الذي مقره واشنطن «قد تؤكد إيران أن هذه الأبحاث تنطوي على أهداف مدنية، ولكن ليس ثمة أي تطبيق مدني. إنه مؤشر كبير لـ(إجراء) أبحاث على أسلحة». وتابعت الصحيفة أن الوثيقة تشرح كيفية إجراء تجارب من دون ترك «آثار من اليورانيوم» قد يرصدها العالم الخارجي. وتؤكد إيران أنها تطور برنامجا نوويا مدنيا، لكن الدول الغربية تشتبه في أنها تسعى إلى إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب بغية تصنيع قنبلة نووية.

ويحاول مسؤولون نوويون تابعون للأمم المتحدة تقييم الوثيقة التي تشير إلى أن العلماء النوويين الإيرانيين يختبرون مكونا رئيسيا يستخدم في تفجير رؤوس نووية، بحسب مسؤولي استخبارات وخبراء أسلحة مطلعين على الوثيقة. ويشير مسؤولون سابقون في الاستخبارات وخبراء أسلحة إلى أن تلك الوثيقة إذا ما ثبتت صحتها يمكن أن تعتبر واحدة من أقوى الأدلة التي تشير إلى الجهود السرية الإيرانية لبناء أسلحة نووية. وجاء ذلك في إطار الرد على تقرير تم نشره حول أحد الأبحاث المتطورة التي يزعم قيام إيران بها حول إحدى المراحل النهائية لإنشاء السلاح النووي.

وتروي المقتطفات التي نشرت للمرة الأولى على موقع شبكة صحيفة «التايمز» في وقت متأخر مساء أول من أمس، تفاصيل عن برنامج يعكف عليه علماء إيرانيون لتطوير واختبار مطلق النيوترونات، وهو جهاز يستخدم لإطلاق التفجير النووي. وبالرغم من عدم تحديد تاريخ الوثيقة فإن «التايمز» ذكرت على لسان بعض المسؤولين في أجهزة الاستخبارات الأجنبية أن تلك الوثيقة تمت كتابتها في 2007 أي بعد ما يزيد على أكثر من أربع سنوات على اعتقاد وكالات الاستخبارات الأميركية وقف إيران لبرنامجها النووي الخاص بالرؤوس الحربية.

وقال ديفيد أولبرايت، المفتش السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي راجع الوثيقة والأوراق الأخرى لصحيفة «التايمز»: «مما لا شك فيه أن الوضع سيئ. فتلك الوثيقة تعد مؤشرا قويا على وجود نشاط نووي». ولم تعلق وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في البداية على التقرير، لكن مسؤولين سابقين في الاستخبارات الأميركية قالوا إنه يجب إعادة تقييم الوثيقة وتحديد التوقيت التي كتبت فيه بدقة قبل القفز إلى أي استنتاجات، لكن أحد المتخصصين في الشأن الإيراني سابقا قال إن الوثيقة تعتبر دليلا دامغا. وقال آرت كيلر، مسؤول القضية السابق بإدارة مكافحة الانتشار النووي التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إنهم إذا كانوا يعملون على إنتاج مطلق النيوترونات ـ مصطلح مستخدم في تصميم الأسلحة النووية ـ كما وصف المقال فإنهم يعملون على تصميم قنبلة». وأشار أولبرايت، رئيس معهد العلوم والأمن الدولي المرموق الذي يقع مقره بواشنطن، والمتخصص في دراسة الانتشار النووي، إلى أن الوثيقة تصف برنامج تجارب يستخدم ديوتيرايد اليورانيوم كمصدر للنيوترونات، وهي التقنية التي تستخدمها عدة دول أخرى من بينها باكستان لتصنيع أسلحة نووية.

كتبت الوثيقة بالفارسية تحت عنوان «مستقبل الأنشطة الخاصة المتعلقة بالنيوترونات على مدار السنوات الأربع القادمة». وأضاف أولبرايت أن مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على علم بالوثيقة ويدرسون تداعياتها.

وبالرغم من الانزعاج التي سببته، فإن الوثيقة التي تم تسريبها لا تثبت على نحو قاطع أن الزعماء الإيرانيين قرروا بناء مفاعل نووي. فيقول «ولكن السؤال هو إذا ما كانت تلك الجهود تستهدف إنتاج أسلحة كاملة أم أن إيران تقوم فقط بتنظيم الأبحاث التي تجريها».

يذكر أن التقرير بالغ الأهمية الذي صدر في 2007 أشار إلى أن إيران كانت تجري أبحاثا سرية حول إنشاء أسلحة نووية حتى عام 2003 عندما أوقف قادتها تلك المساعي كاستجابة للضغوط الدولية.

وقد أشار بعض المحللين الأوروبيين ومحللين من الشرق الأوسط إلى وجود أدلة على أن إيران استأنفت عملية البحث السرية في 2005. وفي الوقت نفسه فإن إيران لم توقف أبدا جهودها لتخصيب اليورانيوم، وهي أحد الجهود الأساسية لعمل قنبلة نووية، إلا أن إيران تؤكد طوال الوقت أنها سوف تستخدم اليورانيوم فقط في مفاعلات الطاقة النووية.