صدمة في إيطاليا بعد الاعتداء على رئيس الحكومة

برلسكوني يقضي ثاني ليلة في المستشفى.. وخصومه يحملونه مسؤولية «توتير الجو السياسي» في البلاد

الشرطة تحرس أمس المستشفى الذي نقل إليه برلسكوني بعد تعرضه إلى اعتداء في ميلانو (إ.ب.أ)
TT

عبر إيطاليون عن شعورهم بالصدمة أمس غداة تعرض رئيس حكومة بلادهم سيلفيو برلسكوني إلى اعتداء نفذه مختل عقلي في مدينة ميلانو الشمالية. وجاء هذا فيما قضى برلسكوني ثاني ليلة له في المستشفى، وسط جدل سياسي حول علاقة الحادث بالجو السياسي المتوتر في البلاد.

وقال ألبرتو زانغريا الطبيب الشخصي لبرلسكوني في تقرير صحي تلاه أمام وسائل الإعلام، إن برلسكوني سيبقى في المستشفى حتى (اليوم) الثلاثاء على الأقل وإنه سيكون بحاجة لفترة نقاهة تستمر ثلاثة أسابيع. وأفادت وكالة الأنباء الإيطالية (إنسا) أن رئيس الحكومة أمضى ليلة «هادئة» وكان طلبه الأول «الاطلاع على الصحف». وأضافت أن برلسكوني الذي تلقى اتصالين من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين يعاني من كدمات بالغة في وجهه وجرح داخلي وخارجي لإحدى الشفتين وكسر صغير في الأنف وكسر اثنين من أسنانه.

واعتقل المعتدي ماسيمو تارتاليا، 42 عاما، الذي استخدم تمثالا صغير لكاتدرائية ميلانو لضرب رئيس الحكومة على وجهه، وكان يعالج منذ عشر سنوات لإصابته باضطرابات عقلية. واتصل والده بالمستشفى الذي أدخل إليه رئيس الحكومة للتعبير عن «استغرابه الشديد» لما قام به نجله.

وعبرت الطبقة السياسية الإيطالية عن تضامنها أمس مع برلسكوني، فيما برزت تساؤلات حول «الثغرات» في نظام حماية رئيس الحكومة الإيطالية. وكتبت صحيفة «لاريبوليكا» أن الاعتداء يظهر «تدهورا خطيرا للجو السياسي في إيطاليا». وقال باولو بونايوتي، الناطق باسم برلسكوني، إن «ما حصل ناجم عن جو الحقد»، مضيفا أن رئيس الحكومة سأله في طريقهما إلى التجمع في ميلانو «هناك دوامة من الحقد، ألا تعتقد أنه قد يحصل شيء ما؟».

وعنونت صحيفة «ايل جورنالي» (يمين) التي تملكها عائلة برلسكوني «عنف بنيوي» فوق صورة كبيرة للجروح التي أصيب بها برلسكوني في وجهه. وكتبت الصحيفة: «المهاجم مجنون لكن المحرضين المعنويين معروفون حتى لدى بعض رجال السياسة من يمين الوسط»، في إشارة إلى رئيس حزب إيطاليا القيم أنتونيو دي بيترو.

فقد اتهم العديد من مسؤولي اليمين دي بيترو قاضي مكافحة الفساد سابقا والعدو اللدود لبرلسكوني بأنه أجج التوترات السياسية في الأسابيع الماضية. واعتبرت روزي بيندي المسؤولة في الحزب الديمقراطي (يسار)، أبرز حزب معارض أن «كل شخص يجب أن يشعر أنه مسؤول، حتى رئيس الحكومة وغالبيته اللذين عملا منذ أشهر على شق صفوف البلاد عبر هجمات قوية ضد رئيس الجمهورية والمحكمة الدستورية والقضاء والبرلمان».

وأثقل الجو السياسي بالمحاكمات الجارية حاليا بحق برلسكوني لا سيما بتهم الفساد ورشوة شهود زور والفضائح الجنسية وفي الآونة الأخيرة اتهامات زعيم مافيا تائب له. ويقول برلسكوني إنه ضحية «مؤامرة» من اليسار الذي يبث «الحقد والحسد» ووسائل الإعلام المتهمة بالتداول بـ «أكاذيب» و«قضاة مسيسين».

وأثار الحادث موجة من التضامن مع برلسكوني من حلفائه ومنتقديه على حد سواء في الوقت الذي يسعي فيه برلسكوني لإعادة اكتساب زخم سياسي بعد عام صعب واجه فيه مشكلات قضائية متزايدة وفضائح جنسية. لكن بعض الإيطاليين قالوا إن أسلوب برلسكوني الاستفزازي أحيانا قد يكون وراء الهجوم عليه.

ونقلت وكالة «رويترز» عن رجل متقاعد يدعى ماركو بالديتي قوله: «لقد سعى من أجل ذلك. سعى لذلك لأنه يستفز الناس طوال الوقت. في نهاية المطاف هو محظوظ. قد يلتقي بشخص أكثر جنونا يمكن أن يطلق عليه الرصاص لأنه دائما يلقي بنفسه وسط الحشود دون أي خوف».

إلا أن معظم المواطنين الإيطاليين عبروا عن صدمتهم ورفضهم لما جرى. وقالت واحدة من سكان روما تدعى ماريسا راسو: «هذا تصرف غير إنساني. أكثر الأمور قبحا أن ترى كثيرا من الإيطاليين يعبرون عن سعادتهم لذلك». وأضافت أخرى تدعى فرانشيسكا ريبامونتي: «إنه أمر قبيح يظهر انعداما تاما للإحساس. أيا كان رأيك في برلسكوني فإن ذلك يسيء لصورة إيطاليا في عيون العالم وهو أمر مشين لأنها في الحقيقة ليست كذلك».

من جانب آخر، ندد كارميلو بريغوجليو، نائب رئيس اللجنة البرلمانية لمراقبة أجهزة الاستخبارات، أمس، بـ«الثغرات المثيرة للقلق» في نظام حماية برلسكوني. ونقلت عنه وكالة الأنباء الإيطالية قوله إن «الفصل الخطير جدا الذي تعرض إليه سيلفيو برلسكوني يظهر بشكل مقلق أن نظام حماية رئيس الحكومة يتضمن ثغرات». وأضاف أن اللجنة البرلمانية لمراقبة أجهزة الاستخبارات «ستجتمع وتعالج هذه المسألة بكثير من الانتباه والجدية». وقال: «بدلا من إلقاء تمثال، كان يمكن أن نشهد بسهولة مقتل رئيس الحكومة بدون إمكانية الدفاع عنه».

وتساءلت الصحافة أيضا عن «الثغرات» في نظام حماية رئيس الحكومة وكشفت عن خطأين: تمكن رجل من الاقتراب من رئيس الحكومة إلى هذا الحد وعدم إجلاء برلسكوني على الفور.

وتوالت التعليقات حول الاعتداء على شبكة الإنترنت. وعلى «فيس بوك» استقطبت صفحة حملت اسم «تارتاليا» سريعا آلاف المعجبين الذين اعتبروه «بطلا حديثا». فيما دافع آخرون على صفحات أخرى عن برلسكوني وهاجموا المعتدي عليه.