«الأقصر بلدنا» أنشأها الفراعنة.. تتحول أخيرا إلى محافظة

تركوا فيها ثلث آثار الدنيا ومحافظها يخطط لجعلها أكبر متحف مفتوح في العالم

TT

«الأقصر بَلَدْنا.. بلد سُوَّاَح فيها الأجانب تتفسَّح.. وفي كل عام ساعة المِرْوَاَح تِبْقَى مش عايزة ترَوَّحْ».. هكذا يفرح الأقصريون وهم يغنون لبلدهم. الأقصر التي أنشأها الفراعنة وتركوا فيها ثلث آثار الدنيا، تحولت أخيرا إلى محافظة، ومحافظها يخطط لجعلها أكبر متحف مفتوح في العالم. ارتبط اسم الأقصر بالسياحة العالمية. وتسجل جدران معابدها محاولات الإنسان الأولى للكتابة والمعرفة والرسم؛ إنها تميمة المصريين التي يرتاحون إليها. فكل إنسان يمكنه أن يجد نفسه هناك. أهلها طيبون، يستقبلون زوار مدينتهم طوال السنة حيث يجيئها السياح من كل حدب وصوب. يرون في معابد الأقصر اللبنات الأولى لتاريخ البشرية، ويبحثون بين حجارتها عن آثار الإنسان الأول. فوق كل حجر شاهد على التاريخ وأسفل كل بناء كنز دَسَّهُ الأولون وداخل كل أثر رسوم الكتابة الأولى عند المصريين.

قبل أيام قليلة أصدر الرئيس المصري حسني مبارك قرارا بتحويل الأقصر إلى محافظة، و«الشرق الأوسط» كانت هناك لتتحدث مع الدكتور سمير فرج أول محافظ للمدينة (المحافظة) المفضلة عند كل سياح الدنيا.

الدكتور سمير فرج استهل حديثه مؤكدا عزمه تحويل محافظته إلى أكبر متحف مفتوح في العالم، خاصة أنها مدينة هادئة، وأهلها ينخرطون في عمل جاد من أجل خدمة ضيوفهم (السياح). إنهم يؤدون عملهم يوميا بهمة ونشاط ولذلك لا تجد تقريبا أثرا لجريمة أو عنف أو إرهاب أو حتى حوادث ثأر. وأضاف فرج «لدينا خطة يجري تنفيذها لتطوير المحافظة حتى عام 2030، وقد قطعنا في تلك الخطط شوطا جيدا جدا، حيث أعدنا فتح طريق الكباش الذي يصل بين معبد الأقصر، مقر الفرعون المصري قديما، ومعبد الكرنك الذي كان يعرف في العصر القديم بـ«بيت الإله آمون» أو بيت الرب عند الفراعنة.

ويرى أول محافظ للأقصر أن تحويل المدينة إلى محافظة يسكنها 1.2 مليون نسمة وتضم العديد من المراكز والمدن والقرى الأخرى، يعطيها حيزا أكبر في المساحة بالظهير الصحراوي، مما يفتح المجال لمزيد من الاستثمارات ومشروعات التنمية، بما تبلغ قيمته مليارات الدولارات، و«سنبدأ بعمل مشروعات حتى لا يكون اعتمادنا على السياحة فقط، بحيث إذا ما حدثت أي مشكلات في القطاع السياحي يكون لدينا بدائل أخرى»، للموارد الاقتصادية.

وقال إن هذه الاستثمارات ستكون مفتوحة للمستثمرين من المصريين والعرب والأجانب، وأن العمل سيقتصر على المشروعات التي لا تؤثر على البيئة ولا على الآثار ولا على السياحة في محافظة الأقصر، خاصة بعد أن تم القضاء على العشوائيات السكنية التي كانت مجاورة للمناطق الأثرية، من خلال إزالة 3200 منزل كانت موجودة فوق مقابر أثرية، وكذا إزالة 450 منزلا كانت مبنية على طريق الكباش، مشيرا إلى أنه تم نقل كل هذه الأسر إلى قرى جديدة بعيدا عن المناطق الأثرية.

وكانت الأقصر قديما العاصمة الإدارية لمصر العليا في عهد الأسرة الفرعونية السادسة (3000 إلى 2100 ق.م). وتزخر الأقصر بالعديد من المعابد والقصور العائدة لعصور فرعونية ويونانية ورومانية وقبطية، منها، وادي الملوك والملكات، وجبانة دير المدينة، ومعبد الرمسيوم، ومعبد الدير البحري. ويزور الأقصر سنويا نحو 4 ملايين سائح. وأطلق عليها العرب بعد الفتح الإسلامي اسمها الحالي بسبب كثرة القصور الفرعونية فيها. وأدى قرار تحويل الأقصر من مدينة إلى محافظة إلى زيادة عدد نوابها في البرلمان المصري من 4 نواب، إلى 9 نواب. وطاف آلاف المواطنين شوارع المدن الرئيسية، أرمنت والأقصر وإسنا، التي أصبحت ضمن نطاق محافظة الأقصر، ابتهاجا بتطبيق قرار تحويلها لمحافظة، وهو القرار الذي أعلنه الرئيس مبارك خلال زيارته للمدينة الأسبوع الماضي، لتكون المحافظة رقم 29 في البلاد.