أول مبعوث بريطاني لبغداد بعد الغزو: بريمر لم يكن يطلعني على أي معلومات حول حقول النفط

غرينستوك للجنة التحقيق في الحرب: تأثيرنا بعد الاجتياح لم يستحق الذكر

TT

قال الممثل البريطاني السابق في العراق جيريمي غرينستوك إن الحاكم المدني الأميركي في العراق السفير بول بريمر لم يكن يطلعه على معلومات متعلقة بحقول النفط العراقية، مشيرا إلى أن «رغبة الأميركيين في الوصول إلى حقول النفط، قد تكون تفسيرا جزئيا» لقرار حجب تلك المعلومات عنه. ولكنه أضاف في شهادته أمس أمام لجنة شيلكوت للتحقيق في الحرب على العراق، أن تفسير الحرب وكأنها كانت كلها بسبب النفط «كذبة». وفي شهادته الثانية أمام لجنة شيلكوت التي تحقق في الحرب على العراق، قال الدبلوماسي البريطاني خلال شهادته التي ركزت أمس على مرحلة ما بعد الغزو وفترة وجوده في العراق، إن بريمر لم يكن يطلعه على كل الأمور التي يقوم بها، وإنه «لم ينوِ ذلك قط». وأضاف: «لم أرَ معلومات حول إنفاق الأموال، ولم أرَ أي شيء متعلق بصناعة النفط في العراق». ولما سأله أحد أعضاء اللجنة المؤلفة من خمسة أشخاص عن سبب رغبة الأميركيين في السيطرة على قطاع النفط قال: «أتصور أنهم اعتقدوا أنهم يفهمون بالنفط. وأيضا عرفوا أن القطاع مهم لأنه سيشكل مصدر دخل للحكومة (العراقية) في المستقبل، ولكن لم يريدوا أن يسيطروا على صناعة النفط لأنفسهم، هذه إشاعة كاذبة». وكان غرينستوك سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة، قبل تعيينه ممثلا لبريطانيا في العراق بعد الغزو في 2004. وقد مثل أمام اللجنة قبل نحو أسبوعين وجرى استجوابه حول المناقشات التي جرت في أروقة الأمم المتحدة قبل الحرب، ومن أبرز ما قاله حينها أن الحرب افتقرت إلى الشرعية لأنها لم تحصل على دعم دولي وأممي. وتطرق غرينستوك أمس إلى الفترة التي قضاها في العراق بعد الغزو كممثل بريطانيا هناك. وخلال جلسة الاستجواب، قطع البث في منتصف الجلسة أمس لأكثر من دقيقة، قال بعدها رئيس اللجنة جون شيلكوت إن ذلك حصل بسبب التطرق إلى معلومات دقيقة تعلق بالأمن القومي.

وانتقد غرينستوك بريمر الذي قال إنه لم يكن يشركه في القرارات التي يتخذها، وأضاف أن بريمر «لم يرد أن يسمع اقتراحات مختلفة عن التعليمات التي كان يعطيه إياها (الرئيس الأميركي جورج) بوش». وقال إنه كان «يعمل مع قوة عظمى تحب أن تقوم بالأمور على طريقتها». وأكد أن تأثير بريطانيا على اتخاذ القرارات في مرحلة ما بعد الحرب، لم يكن يُذكر. وكان مسؤولون سابقون في الخارجية ووزارة الدفاع البريطانية قد قالوا أمام لجنة شيلكوت، إن بريطانيا قررت الإسهام بعدد كبير من الجنود لكي تضمن أن يكون لها تأثير على سير الأمور في مرحلة ما بعد الغزو. كما نفى أن تكون بريطانيا قد لعبت دورا في الإشراف على السجون في العراق، وقال إن الأميركيين كانوا يشرفون عليها بشكل كامل. وقال إنه حاول التوسط لدى بريمر بعد أن وردته تقارير من منظمات إنسانية حول عدد كبير من العراقيين الذين يرمون في السجون من دون محاكمات، وحاول أن يقنع بريمر بإحالة أكبر عدد ممكن منهم إلى المحاكم، إلا أنه باء بالفشل. وأشار إلى أن التقارير حول سجن أبو غريب شكلت له مفاجأة عندما في وسائل الإعلام. وقال الدبلوماسي البريطاني إن مصر نبهت بريطانيا إلى مستوى العنف الذي يمكن أن يندلع في العراق بعد الغزو. وأضاف أن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيظ الذي كان يشغل حينها منصب سفير مصر لدى الأمم المتحدة، قال له في نيويورك: «لن تصدق أبدا مستوى العنف الذي يمكن أن يفتعله العراقيون». وكشف عن أن البعض في لندن كانوا يتوقعون أن يحقق الغزو «نجاحا كارثيا»، أي أن نظام صدام حسين يمكن أن يسقط بسرعة كبيرة لدرجة أنه لن يكون هناك بديل يحل مكانه. وقال: «وكان هذا ما حصل». ورسم غرينستوك صورة عن توقعات رئيس الوزراء البريطاني توني بلير «الطموحة جدا» لمرحلة ما بعد الحرب، وقال إنه في سبتمبر (أيلول) 2003، كان قلق بريطانيا الأكبر من الوضع الأمني «الذي كان بدأ يتدهور» في العراق. وقال إن بلير «كان مهتما بإعادة فرض النظام عبر تشكيل قوات شرطة عراقية بسرعة». وأضاف أنه حاول أن يحذر رئيس الوزراء من أن تشكيل قوات شرطة بعدد كبير سيستغرق وقتا، إلا أن بلير كان مصرا على بدء التنفيذ ومحاولة الانتهاء منها بأسرع وقت ممكن. وأضاف: «قلت له إن ذلك قد يستغرق عاما، ولكنه رد بدعوتنا إلى الإسراع والانتهاء من تشكيل قوات الشرطة في نهاية العام... ولكن نحن عرفنا أنه طلب طموح جدا». وأشار إلى أن بلير كان يتطلع أيضا إلى تسليم السلطة للعراقيين في صيف العام 2004، وقال إن هذا كان أيضا توقع طموح جدا. وكشف عن «انزعاج كبير» داخل الأمم المتحدة بسبب إقصاء المنظمة الأممية عن قرار حرب العراق، وقال وهو يتحدث عن دور الأمم المتحدة في العراق في أعمال إعادة البناء وتقديم المساعدات الإنسانية: «كان في الأمم المتحدة شعور بالغضب لأننا جررناهم إلى شيئا لم يشاركوا فيه». كما قال إن الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي عنان، لم يكن يعارض فكرة توجيه ضربة عسكرية إلى العراق، إنما أراد أن تمر عبر الأمم المتحدة.