الحكومة الهولندية ترى العراق بلدا آمنا وتريد عودة لاجئيه طواعية إليه

توجه رسائل إلى من رفضت طلباتهم تطلب منهم الاستعداد للرحيل

TT

«يجب على العراقيين العودة إلى بلدهم».. هذا هو العنوان الذي اختارته بعض الصحف الهولندية، بعد أن أشارت إلى أن وزارة العدل الهولندية قررت أن العراق الآن «بلد آمن»، وأن مصالح الهجرة والتجنيس ستراجع ملفات طالبي اللجوء العراقيين خلال فترة الستة الأشهر القادمة، وأن طالبي اللجوء العراقيين سيتم إخبارهم عن طريق البريد ابتداء من اليوم أو من الغد حتى «يكونوا على استعداد لرحلة العودة إلى وطنهم ومغادرة هولندا». وكانت شائعات سرَت من قبلُ لبعض الوقت بأن هولندا سترحّل العراقيين إلى بلدهم، و في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، أنهت الحكومة الهولندية السابقة، الحماية الجماعية للاجئين القادمين من العراق، وأصبحت تعتمد على دراسة دوافع كل حالة على حدة. وتقول وزيرة الدولة لشؤون الهجرة نبهات البيرق: «لقد تحسن الوضع الأمني في العراق حاليا وبات من الممكن للاجئين العراقيين العودة إلى بلدهم آمنين». وتأمل البيرق أن يعود طالبو اللجوء العراقيون ممن رفضت طلباتهم طواعية إلى العراق. وأعلنت الوزيرة مؤخرا أن الحكومة الهولندية ستتخلى عن سياسة منح تصاريح مؤقتة لجميع طالبي اللجوء السياسي القادمين من بؤر متوترة بعينها، حيث «كان لها تأثير غير مرحب به في زيادة طلبات اللجوء التي تعتمد على الاحتيال».

وعقب الانفجارات الأخيرة التي عرفها العراق، وأسفرت عن سقوط أعداد من القتلى والجرحى، أبدى الكثير من المؤسسات والمراكز الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق اللاجئين، في عواصم أوروبية مختلفة، قلقها من خطط، تستعد بلدان أوروبية لتنفيذها، وتهدف إلى إعادة أعداد من اللاجئين العراقيين إلى موطنهم الأصلي وفي هذا الإطار، أعرب الكثير من الأوساط الحزبية والإعلامية الهولندية، عن رغبتها في أن تعيد الحكومة الهولندية النظر في خطط سبق أن أعلنت عنها بشأن تشديد إجراءات اللجوء بالنسبة إلى العراقيين، وكانت الحكومة أعلنت في ذلك الوقت أن السبب وراء ذلك هو التحسن الذي طرأ على الحالة الأمنية، ويأتي ذلك بعد أن أعربت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، عن قلقها إزاء قيام بعض الدول الأوروبية مؤخرا بإرغام طالبي اللجوء السياسي من وسط العراق على العودة.

وقال المتحدث باسم المفوضية أندريه ماهسيتش: «ننصح بعدم إعادة أي عراقيين من وسط العراق حتى يكون هناك تحسن واضح في الوضع الأمني وحقوق الإنسان في البلاد». وفي بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كانت بريطانيا قد قامت بإعادة 44 عراقيا بالقوة إلى بغداد، ولكن عقب وصولهم إلى العراق قبلت السلطات 10 منهم فقط بينما تمت إعادة الباقين إلى بريطانيا ويقيمون حاليا في مراكز للمهاجرين. كما أعادت الدنمارك 38 عراقيا، معظمهم من وسط وجنوب العراق، بينما أعادت السويد 250 شخصا.

وأوصت المفوضية بضرورة تقييم حالات العراقيين القادمين من ثلاث محافظات في الشمال ومن محافظات الجنوب والأنبار بالنظر إلى كل حالة على حدة، ويبدو أن اللاجئين العراقيين سيفقدون الحماية الخاصة التي يتمتعون بها في هولندا. وحسب ما أعلنت في مايو (أيار) الماضي، تعتزم وزيرة الدولة بوزارة العدل نباهات البيرق تشديد إجراءات اللجوء بالنسبة إلى العراقيين، نسبة إلى التحسن الكبير الذي طرأ على الحالة الأمنية في العراق. منظمات شؤون اللاجئين وصفت مقترحها هذا بالمتعجل. ويحصل العراقيون الذي يطلبون اللجوء في هولندا تلقائيا على تصريح إقامة مؤقت ولكن البيرق تنوي تغيير هذا الوضع إذا ما أوتيت لذلك سبيلا. وتحسن الحالة الأمنية هو العامل الذي دعاها إلى التفكير في تقييم طلبات اللجوء بصورة فردية. هذا الأمر ينطبق على الطلبات الجديدة كما على الحالات القديمة للذين يقيمون مؤقتا لبعض الوقت في هولندا، حيث تتم مراجعة ملفاتهم من جديد. وتوفير الحماية للمجموعات ذات الوضع الاستثنائي كالمسيحيين والمثليين جنسيا سيظل كما هو ولن يطرأ عليه تغيير. وجاءت خطط البيرق عقب الإعلان عن إحصائيات اللاجئين الجديدة، حيث تبين ازدياد أعداد طالبي اللجوء العراقيين بنسبة كبيرة. ففي النصف الأول من عام 2008 ارتفع عدد الطلبات بنسبة 40 في المائة ليصل إلى 2351 طلبا. هذا يُعزى إلى تشديد إجراءات اللجوء في بلدان أوربية أخرى أوى إليها العراقيون في وقت سابق. أدى هذا التزايد في أعداد طالبي اللجوء إلى تنامي الانتقادات من قِبل البرلمان. الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم كانت له، منذ البداية، تحفظاته على سياسة حماية العراقيين. حزبا المعارضة: الحزب الليبرالي وحزب الحرية، كانا قد طالبا قبلُ بالكفّ عن سياسة الحماية هذه. ويسري الإجراء الخاص بحماية العراقيين، من وسط وجنوب العراق، منذ عام 2007. وطالبو اللجوء القادمون من هذه المناطق لا يتم إبعادهم، حيث يحصلون بشكل مبدئي على إذن إقامة مؤقت بافتراض أن الوضع غير آمن بما فيه الكفاية هناك. أما الذين يأتون من شمال العراق، الهادئ نسبيا، فلا يسري عليهم إجراء الحماية إضافة إلى المجرمين أو العراقيين المتهمين بجرائم حرب.