المغرب: رحيل عبد الهادي بوطالب أستاذ الملك الحسن الثاني ومستشاره

TT

توفي أمس في مدينة الدار البيضاء، عبد الهادي بوطالب، السياسي المغربي المخضرم، والمفكر والأديب الألمعي، بعد مرض عضال عانى منه طويلا. وذلك عن عمر يناهز 86 سنة.

وكان بوطالب أستاذا للملك الراحل الحسن الثاني، وللملك محمد السادس في المعهد الملكي بالرباط، وسبق له أن تقلد طيلة عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، عدة وزارات. ومن يقرأ كتاب «وزير غرناطة» الذي يروي سيرة حياة ذي الوزارتين الشاعر الأندلسي لسان الدين بن الخطيب، وهو نص أدبي كتبه بوطالب، يخيل له أن هذا الأخير يروي فيه تجربته في الحكم على لسان ابن الخطيب. لكن المحقق هو أن بوطالب كتب هذه السيرة سنة 1952 ولم يكن وقتها قد خاض غمار العمل السياسي في القصر والحكومة. وإذا كانت نهاية ابن الخطيب مأساوية، لأن الرجل قتله الرعاع خنقا، وأحرقت جثته بعد أن قطع شعرة معاوية مع بلاط بني الأحمر في غرناطة، وغضبت عليه الدولة المرينية في فاس، فإن بوطالب خرج سليما معافى بعد خمسة عقود من العمل في حمأة السياسة وأتونها. وشكل بوطالب نموذجا متميزا لعلاقة المثقف والسلطة. فهو رجل لم يتنازل عن مبادئه وأفكاره قيد أنملة، وظل متشبثا بها حينما قرر المشاركة في تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والانسحاب منه، وحين اعتذر عن عدم المشاركة في مجلس الدستور، وفي حكومة محمد الخامس، التي خلفت حكومة عبد الله إبراهيم، وحين تصادم أيام كان وزيرا للعدل ثم وزيرا للتعليم مع الجنرال محمد أوفقير حفاظا على حرمة العدالة وكرامة أسرة التعليم. وأيضا عندما اكتشف وهو وزير لخارجية بلاده انه كان آخر من يعلم بشأن فحوى الاتفاق المغربي ـ الجزائري بعد لقاء تلمسان عام 1970، ونفس الشيء عندما قرر عدم ترشح نفسه لولاية جديدة على رأس برلمان 1970، لأنه علم أن قرار حله أصبح وشيكا، وبالتالي لم يسمح له كبرياؤه السياسي أن يقال عنه إنه كان «رئيس برلمان محلول».

وللراحل عدة مؤلفات، وسبق له أن خص «الشرق الأوسط» بنشر مذكراته «ذكريات وشهادات ووجوه»، و«نصف قرن تحت مجهر السياسة»، وذلك على حلقات.