إسلام آباد: إلغاء مرسوم عفو عن الرئيس الباكستاني وعدد من وزرائه

يؤمن الحماية لأكثر من 8 آلاف شخصية سياسية وفي عالم الأعمال

TT

ألغت المحكمة العليا الباكستانية أمس مرسوما يعود لعام 2007، ويقضي بالعفو عن آصف علي زرداري، الرئيس الباكستاني، وعدد من الوزراء، وبعض مساعديه، وآخرين من تهم كسب غير مشروع، مما يمثل ضربة جديدة للرئيس الذي يفتقر للشعبية وينظر إليه على أنه مؤيد للولايات المتحدة، لتفتح الباب أمام ملاحقات بتهم فساد قد تؤدي إلى زعزعة الحكومة.

ونقلت قنوات تلفزيونية عن المحكمة العليا قولها إن العفو الصادر عام 2007 غير دستوري. ووجهت الحكومة لإنعاش جميع قضايا الفساد المالي ضد الرئيس آصف علي زرداري وغيره من كبار زعماء الحزب الحاكم، بمن فيهم وزير الدفاع، أحمد مختار، ووزير الداخلية، رحمن مالك، وبعض من كبار الدبلوماسيين الباكستانيين الذين يخدمون في لندن وواشنطن.

ووافق قضاة المحكمة العليا الـ17 بالإجماع على إنعاش قضايا غسل الأموال في المحاكم السويسرية ضد الرئيس زرداري، حيث سنت قوانين بعد الرئيس السابق مشرف تعرف باسم قانون المصالحة الوطنية (الاستطلاع القومي)، وكان المدعي العام طلب في رسالة أيضا إلى المحاكم السويسرية إسقاط قضايا غسل الأموال ضد الرئيس الباكستاني زرداري، الذي كان آنذاك يعيش في المنفى في الولايات المتحدة. ومن شأن هذا القرار أن يثير المزيد من الشكوك حول مستقبل زرداري السياسي رغم أن الحصانة الرئاسية تحميه من المحاكمة، كما أنه يشجع متشددي طالبان المصممين على الإطاحة بحكومته.

ويلقب زرداري بـ«السيد 10 في المائة»، بسبب اتهامات بتلقيه رشاوى في مقابل منح عقود تجارية مربحة خلال فترة تولي زوجته الراحلة بي نظير بوتو رئاسة الحكومة خلال التسعينات من القرن العشرين، وأمضى بسببها سنوات في السجن، على الرغم من عدم إدانته.

ويبقى زرداري في الوقت الراهن متمتعا بالحماية بفعل حصانته الرئاسية بالنسبة إلى قضايا الفساد المتعلقة به مباشرة. لكن إلغاء هذا المرسوم الذي يؤمن الحماية لأكثر من ثمانية آلاف شخصية سياسية وفي عالم الأعمال، سيسمح بإعادة فتح إجراءات قضائية ضد مقربين منه بسبب قضايا ورد اسمه فيها.

من جهة أخرى، أعلن معارضون أنه في حال إلغاء العفو، فإنهم ينوون الطعن بالحصانة الرئاسية بالاستناد إلى أن انتخابه غير دستوري. ويرون أن زرداري الذي أمضى أحد عشر عاما في السجن بتهم اختلاس أموال عامة من دون الحكم عليه، لم يكن يحق له الترشح للانتخابات الرئاسية قبل مرسوم العفو لعام 2007.

وبحسب قرار المحكمة العليا الذي تلاه رئيسها القاضي افتخار محمد شودري، فإن «أمر المصالحة الوطنية بات بحكم الملغى وغير قائم، وبالتالي فإن كل الإجراءات والقرارات المتخذة من أي سلطة كانت وكل الإعفاءات والتبرئات التي أعلنت تعتبر وكأنها لم تكن في نظر القانون». وأصدر مرسوم العفو الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف في أكتوبر (تشرين الأول) 2007، الذي كان ينوي آنذاك التحالف مع رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو، زوجة زرداري، لتقاسم السلطة بعد الانتخابات التشريعية في 2008.

ويمكن لهذا الاضطراب أن يزيد من هشاشة موقف الرئيس آصف علي زرداري، الذي يتعرض لانتقادات، والذي فشلت حكومته المدنية في احتواء المسلحين الذين أظهروا قدرتهم على اختراق الأمن قرب مقار قيادة الجيش الباكستاني القوي. وربما توجه لبعض من أقرب مساعدي زرداري تهم جديدة بالفساد إذا ما قضت بذلك المحكمة العليا التي ستنظر في الطعون على قانون منح العفو لثمانية آلاف شخص بمن فيهم وزيرا الداخلية والدفاع.

وقد تصرف هذه التهم بالفساد السياسي أنظار الحكومة بعيدا عن حملاتها لقمع حركة طالبان المسؤولة عن التفجيرات التي أودت بحياة المئات منذ شهر أكتوبر.

غير أن إعادة فتح الملفات يمكن أن تسفر عن مزيد من ضعضعة موقف الرئيس الذي لا يحظى بشعبية كبيرة في ظل تصعيد المعارضة لحملاتها على رموز حكومية.

وأجبرت حكومة زرداري الشهر الماضي على التخلي عن خطط للحصول على موافقة برلمانية على العمل بقانون العفو في مواجهة اعتراضات من المعارضة ومن أحد حلفائها في الائتلاف.