إيران تطلق صاروخها الباليستي «سجيل ـ 2» القادر على ضرب إسرائيل وأجزاء من أوروبا

واشنطن اعتبرت أن التجربة تقوض ثقة المجتمع الدولي.. لندن: تشجع على اتخاذ عقوبات جديدة.. وباريس: إشارة سيئة للغاية

صورة لصاروخ «سجيل - 2» قبل إطلاقه أمس (أ.ب)
TT

أجرت إيران اختبارا جديدا لصاروخها الباليستي «سجيل ـ 2» القادر على ضرب إسرائيل، وأجزاء من أوروبا، في الوقت الذي تواجه فيه الجمهورية الإسلامية تهديدا بالتعرض لعقوبات دولية جديدة بسبب برنامجها النووي. وسرعان ما أثار هذا الإعلان سلسلة ردود أفعال سلبية من عواصم غربية عدة. فقد أكد البيت الأبيض أن هذا الاختبار الصاروخي يثير شكوكا في النوايا السلمية للجمهورية الإسلامية. وفيما اعتبرته فرنسا «إشارة سيئة للغاية موجهة إلى المجتمع الدولي»، قالت بريطانيا إن ذلك «يشجع على اتخاذ خطوة جديدة نحو عقوبات» على إيران.

وأعلن التلفزيون الرسمي الإيراني أن تجربة إطلاق الصاروخ «سجيل 2» المعدل، كانت «ناجحة» مكتفيا بعرض بعض لقطات لإشعال الصاروخ وإطلاقه. وأوضح التلفزيون أنه نموذج مطور لصاروخ «سجيل» متوسط المدى الذي كان قائد السلاح الجوي للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي أعلن إنتاجه في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويصل مدى «سجيل ـ 2» بين 2000 و2500 كلم وهو ما يتيح له نظريا بلوغ إسرائيل، وأيضا كل جيرانها في المنطقة بما فيها تركيا وروسيا أو باكستان، كما يصل أجزاء من قارة أوروبا.

واعتبر الجنرال حسين سلامي أن هذا الصاروخ الباليستي المكون من طابقين والذي سبق أن اختبرته إيران بنجاح في مايو (أيار) وسبتمبر (أيلول)، هو «أفضل سلاح تملكه القوات المسلحة الإيرانية» حيث يضع إسرائيل والقواعد الأميركية في الخليج داخل مداه. واستنادا إلى الخبراء الأجانب فإن هذا الصاروخ يعمل بالوقود الصلب مما يجعل من الصعب رصده قبل إطلاقه. من جهة أخرى، فإن سرعته الكبيرة لدى دخوله الغلاف الجوي تجعل أيضا «من المستحيل تدميره بصواريخ مضادة»، كما أكد أمس، وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي.

وقال الجنرال وحيدي، كما نقلت عنه وسائل الإعلام إن «الخاصية المهمة جدا للصاروخ المحسّن «سجيل ـ 2» التي تميزه عن الأجيال السابقة من الصواريخ هو أنه يستحيل تدميره بصواريخ مضادة بسبب سرعة دخوله الغلاف الجوي وسرعته الكبرى وقت إصابة هدفه». وأوضح أن التعديلات التي أدخلت «أتاحت خفض زمن إطلاق الصاروخ». وهو أحد نوعي الصواريخ المتوسطة المدى التي تملكها إيران، والآخر هو «شهاب ـ 3» وهو نسخة محورة للصاروخ «نودونغ ـ 1» الكوري الشمالي الذي يبلغ مداه 1800 كلم.

ويأتي اختبار هذا الصاروخ الباليستي في الوقت الذي تتعرض فيه طهران لضغوط متزايدة من جانب المجتمع الدولي الذي يشتبه بأنها تخفي خلف الطابع المدني لبرنامجها النووي جانبا عسكريا، وهو ما تنفيه الأخيرة باستمرار. وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا يدين طهران تحديدا لاخفائها على مدى أشهر إنشاء موقع ثان لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة قم. وما يشير إلى العزلة المتنامية للجمهورية الإسلامية بسبب الملف النووي موافقة روسيا والصين، البلدين المتفهمين تقليديا للمواقف الإيرانية، على هذه الإدانة، مما يمهد لتبني عقوبات دولية جديدة على إيران. وردا على ذلك أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد العزم على بناء عشر محطات جديدة لتخصيب اليورانيوم الأمر الذي اعتبرته الدول الغربية استفزازا، ملوحة بفرض عقوبات جديدة اعتبارا من مطلع 2010.

وما عزز مخاوف الغرب حيال طهران الكشف هذا الأسبوع عن وثيقة سرية إيرانية تشير إلى العمل على مكون حاسم في صنع القنبلة النووية. وقد نفت طهران ذلك لكن واشنطن أعلنت فتح تحقيق في الأمر. وقد أجرت إيران الشهر الماضي مناورات عسكرية للدفاع الجوي لحماية المواقع النووية حظيت بتغطية إعلامية واسعة، وحذرت من أي هجوم تشنه إسرائيل أو الولايات المتحدة، البلدان اللذان لم يستبعدا رسميا الخيار العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني. وحذر وزير الدفاع الإيراني هذا الأسبوع خلال زيارة لسورية من أن طهران سترد باستهداف المواقع النووية ومصانع الأسلحة الإسرائيلية.

وفي واشنطن أكد البيت الأبيض أن الاختبارات الصاروخية التي أجرتها إيران تثير شكوكا في النوايا السلمية للجمهورية الإسلامية. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي مايكل هامر «في الوقت الذي عرض فيه المجتمع الدولي على إيران فرصا للبدء بإرساء الثقة، فإن هذه الاختبارات الصاروخية الإيرانية ليس من شأنها سوى نسف تأكيدات إيران بشأن نواياها السلمية». وأضاف أن «مثل هذه التصرفات ستعزز جدية وتصميم المجتمع الدولي على محاسبة إيران على تخلفها المتكرر عن الوفاء بالتزاماتها المتعلقة ببرنامجها النووي».

من جهته أكد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أن التجربة الإيرانية «تستدعي فرض عقوبات جديدة» على طهران، معربا عن «قلقه العميق» حيالها. ونقلت رئاسة الحكومة عن براون قوله عقب اجتماعه في كوبنهاغن مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «إنه أمر يثير قلقا عميقا لدى المجتمع الدولي ويستدعي خطوة إضافية نحو عقوبات. سوف نعالج هذا الأمر بكل الجدية اللازمة». وأضاف «لقد أعربت (لبان كي مون) عن قلقي، وكذلك فعل هو، بعد التجربة التي أجرتها إيران على صاروخ بعيد المدى».

واعتبرت باريس أن إعلان إيران عن تجربة صاروخية جديدة يوجه «إشارة سيئة للغاية» إلى الأسرة الدولية، على ما أعلن المتحدث باسم الخارجية برنار فاليرو أمس. وقال فاليرو إن «هذا الإعلان يشكل إشارة سيئة للغاية موجهة إلى المجتمع الدولي بعد أقل من ثلاثة أسابيع من اعتماد مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا يدعو إيران إلى الالتزام كليا ودون إبطاء بواجباتها الدولية». وأضاف أن «الإعلان عن اختبار جديد للصاروخ سجيل ـ 2 يدعو للقلق الشديد». وتابع أن فرنسا ترى أن «مثل هذه التجربة ليس من شأنها سوى تعزيز مخاوف المجتمع الدولي في الوقت الذي تطور فيه إيران بشكل متوازٍ برنامجا نوويا بلا هدف مدني قابل للتحديد منتهكة بذلك خمسة قرارات لمجلس الأمن الدولي».