النساء العربيات يناشدن القادة العرب إدراج مبدأ المساواة في الدساتير والتشريعات

في لقاء بالرباط بحث أهمية رفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة

TT

أجمعت تدخلات شهدها لقاء عربي في الرباط، أمس، على أهمية رفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، المعروفة اختصارا بـ«السيداو»، وتعديل كل التشريعات التمييزية التي تحول دون تمتع النساء بكامل حقوقهن، وذلك بمناسبة الذكرى الثلاثين لاعتماد هذه الاتفاقية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، والسنة الثالثة لتأسيس التحالف الإقليمي «المساواة دون تحفظ»، المكون من جمعيات نسائية ومنظمات حقوقية عربية.

وخلال هذا اللقاء، الذي نظم بشراكة مع الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، وعرف مشاركة جميع الدول العربية، ممثلة بمنظمات غير حكومية تعنى بحقوق المرأة وحقوق الإنسان، تم الكشف عن توجيه التحالف الإقليمي يوم 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي لـ«نداء من النساء العربيات» إلى القادة العرب، يناشدهم فيه العمل على تعزيز المساواة الكاملة للنساء العربيات، من خلال رفع التحفظات على اتفاقية «السيداو»، ورفع كل العقبات التي تشكل عائقا أمام تمتع النساء بحقوقهن كمواطنات، وإدراج مبدأ المساواة الكاملة في الدساتير والتشريعات وخطط العمل الإجرائية، ووضعها حيز التنفيذ، ودعم جهود المنظمات غير الحكومية في عملها بالتعريف بالاتفاقية وتفعيلها لإلغاء كل أشكال التمييز ضد النساء، وتعزيز المساواة الفعلية.

وأوضح التحالف الإقليمي أنه يهدف إلى حث الدول العربية، التي لم تنضم بعد إلى اتفاقية «السيداو» (السودان والصومال) إلى الإسراع في الانضمام إليها، وحث الدول الأطراف في الاتفاقية على رفع تحفظاتها التي تتعارض مع جوهر الاتفاقية، والتصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بها، مع العمل على ملاءمة تشريعاتها الوطنية لبنود الاتفاقية.

وأبدى التحالف قلقه إزاء استمرار الفجوة بين النصوص الدستورية ومقتضيات التشريعات الوطنية، والالتزامات السياسية والممارسات المؤسساتية للدول العربية على صعيد الواقع العملي، الأمر الذي يجعل النساء في الدول العربية عرضة للتمييز والعنف والتهميش على جميع الصعد العامة والخاصة.

وأشاد التحالف بنضال المنظمات الحقوقية، ومنها النسائية، من أجل إزالة المعوقات التي تحول دون حصول النساء العربيات على حقوقهن الإنسانية، خاصة في القضايا الجنسية، والعنف ضدهن، وحقهن في المشاركة السياسية.

ونظمت أمس، في إطار هذا اللقاء، مائدة مستديرة، أدارتها أمينة المريني، مؤسسة ورئيسة سابقة للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وشاركت فيها نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، وأحمد حرزني، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، تم فيها استعراض ما تحقق من مكاسب لصالح المرأة المغربية، مثل مدونة (قانون) الأسرة، ومنح المرأة لجنسيتها لأطفالها من زوج أجنبي، وتوسيع دائرة مشاركتها في المجال السياسي.

وقالت الصقلي إن هناك تطورات كثيرة حصلت في هذا السياق، في السنوات العشر الأخيرة، بفضل دينامية المجتمع المدني، ومبادرات الحكومة الرامية للتغيير، مضيفة أن المغرب قام باختيار استراتيجي يقوم على تثبيت حقوق الإنسان، كما هي في كونيتها وشموليتها، وواصل استكمال بناء المؤسسات، في دولة الحق والقانون، ضمن مشروعه الديمقراطي الحداثي.

بيد أن حرزني سجل في تدخله أنه كان هناك بطء ملموس في مصادقة المغرب على اتفاقية «السيداو» استغرق 14 سنة، كما تطلب الأمر 8 سنوات لنشرها في الجريدة الرسمية، متسائلا عن الأسباب التي أدت إلى ذلك، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى الدولة التي قرأت الاتفاقية في الأول بشكل خاطئ، كما حمل الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني، من حركة نسائية وحقوقية، جزءا من المسؤولية، وذلك قبل المصادقة عليها.

ونوه حرزني بالرسالة الملكية ليوم 10 ديسمبر( كانون الأول) 2008، التي أعلن فيها العاهل المغربي الملك محمد السادس، عن رفع جميع التحفظات التي سبق للمغرب أن وضعها بشأن الاتفاقية، مشيرا إلى الأشواط التي تم قطعها في هذا الصدد، مؤكدا أنه ليس هناك أي تراجع، وأن التبليغ الرسمي لم يتم بعد، وسوف يقع ذلك لاحقا.

وكانت ربيعة الناصري، المنسقة العامة للتحالف «المساواة دون تحفظ»، قد تطرقت إلى دوافع إنشاء التحالف، الذي يهدف إلى تحفيز الفاعلين وأصحاب القرار في الدول العربية التي لم توقع بعد على اتفاقية «السيداو» على الانضمام إليها، مشيرة إلى صعوبة المهمة في المنطقة العربية، وقالت إن هدف التحالف طموح جدا، ويرتبط بإشكالية التغيير، أي تغيير العقليات والسياسات في كل البلدان العربية.

أما ميرفت التلاوي، وهي وزيرة وسفيرة مصرية سابقة، فتحدثت عن تجربتها عند ما كانت عضوا ضمن لجنة الخبراء الذين شاركوا في الأمم المتحدة في صياغة بنود الاتفاقية، وكانت هي المسلمة الوحيدة في اللجنة، ولذلك طالبت بإصدار توصية لإبراز ما أعطاه الإسلام من حقوق للمرأة، بعد أن لاحظت أن هناك بعض الدبلوماسيين العرب، خاصة الشباب منهم، لا يفهمون حقوق المرأة في الإسلام، على حد قولها.

وسجلت التلاوي أيضا أنه «ما زال هناك ضعف في الوعي العام لدى الجمهور العربي، إذ ما زال الإعلام يكرس العادات السيئة التي تخالف التعاليم الدينية، وروح العصر، وهي من الأمور التي يجب أن نحاربها ونقضي عليها»، مستشهدة بأن القرآن الكريم كرم المرأة، ورفع من شأنها.