تصريحات وزيرة حول المسلمين والهوية الوطنية تثير جدلا في فرنسا

لجنة برلمانية تختتم جلساتها حول النقاب.. وتوجه نحو حظره جزئيا

TT

أثارت تصريحات أدلت بها وزيرة فرنسية قريبة من الرئيس ساركوزي وطالبت فيها الشبان المسلمين الفرنسيين بأن يشعروا بأنهم فرنسيون، ردود فعل في فرنسا التي تشهد جدلا حول الهوية الوطنية. جاء هذا في وقت اختتمت فيه لجنة برلمانية أمس جلساتها للاستماع بشأن النقاب، فيما أفيد بأنها تتجه للتوصية بحظره جزئيا.

وكانت نادين مورانو سكرتيرة الدولة لشؤون الأسرة صرحت، ردا على سؤال حول ما إذا كان الإسلام يتلاءم مع الجمهورية، بأنها تدعو، خاصة، الشبان الفرنسيين المسلمين إلى أن يشعروا بأنهم فرنسيون وأن يجدوا عملا ويكفوا عن استخدام اللهجة الشعبية. وصرحت مورانو: «نحن لا نحاكم شابا مسلما، فأنا احترم وضعه. ما أريده هو أن يشعر أنه فرنسي عندما يكون فرنسيا». وأضافت: «أريد أن يحب فرنسا عندما يعيش فيها وأن يجد عملا وألا يتحدث الفيرلان (لهجة شعبية تقلب فيها الأحرف الصوتية) وألا يعتمر قبعته بالمقلوب وأن يجد عملا وأن نواكبه في تنشئته».

وأدان قادة في المعارضة وجمعية مكافحة العنصرية تصريحات الوزيرة، معتبرين أنها تنطوي على «مفهوم إثني للأمة» وتشكل «انحرافا جديدا». وقال الناطق باسم الحزب الاشتراكي بونوا هامون لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنه أمر خطير جدا لأنه يؤكد النظرة الكاريكاتورية لعدد من أعضاء الحكومة إلى الشباب في هذا البلد مع خلط لا مثيل له بشأن الشبان المسلمين». من جهتها، صرحت جميلة سونزوني الناطقة باسم حزب الخضر «بعد الحجاب والبرقع جاء دور القبعات». ودعا «اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا» أمس الحكومة إلى «وضع حد للنقاش حول الهوية الوطنية»، معربا عن «قلقه» حيال تصريحات مورانو حول المسلمين.

ودعت رئيسة «اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا» ارييل شواب في بيان وزير الهجرة والهوية الوطنية «ايريك بيسون والحكومة إلى وضع حد لهذا النقاش بكل بساطة». وأضافت أنه «من شدة ما تحول إلى مسرح للتعبير عن الأحكام المسبقة العنصرية، فإن النقاش حول الهوية الوطنية يهدد بقسمة المجتمع الفرنسي وبتعريض العيش المشترك للخطر».

وأبدى الاتحاد «قلقا» جراء تصريحات نادين مورانو، مؤكدا أنه «من غير المسموح أن يكون النقاش الوطني ذريعة لإطلاق الأحكام المسبقة على الساحة السياسية». وأكد الاتحاد أن «هذا التبسيط للأحكام المسبقة مرعب، خاصة أنه يستهدف بشكل ممنهج أتباع العقيدة الإسلامية».

وجاء هذا الجدل في وقت كان مقررا فيه أن تختتم أمس لجنة برلمانية جلساتها بشأن النقاب، وذلك بالاستماع إلى ثلاثة وزراء هم وزراء الداخلية والهجرة والعمل. واستقبلت اللجنة منذ تأسيسها نحو خمسين شخصا من علماء اجتماع ومؤرخين وخبراء في الإسلام وأعضاء في جمعيات للدفاع عن حقوق المرأة ومدافعين عن العلمانية وحتى امرأة منقبة أدلت بشهادتها بعدما كشفت عن وجهها في جلسة مغلقة. وقالت صحيفة «لو فيغارو» أمس إن فرنسا في طريقها لفرض حظر على النقاب في بعض المباني العامة متخلية بذلك عن حظر أوسع نطاقا قد ينتهك حق الحرية الدينية. ونقلت الصحيفة عن مستشارين قولهم إن مثل هذا الحظر يمكن الطعن فيه أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على أساس أنه ينتهك الحرية الدينية.

ومن المقرر أن تنشر توصيات اللجنة حول النقاب الشهر المقبل ويبدو أن التوصل إلى حل وسط مرجح. وكان الرئيس نيكولا ساركوزي قد قال إن النقاب لن يكون موضع ترحيب في بلاده.