اليمن: 3 قياديين من «القاعدة» أفلتوا.. واعتقال 4 جرحى في مستشفى بعدن

استمرار الطوق الأمني.. وصنعاء تطالب بتسليم البيض ومسؤول جنوبي سابق

طائرة عسكرية يمنية خلال استهدافها مواقع لـ «القاعدة» أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت وزارة الداخلية اليمنية، أمس، اعتقال أربعة من عناصر تنظيم القاعدة في مدينة عدن أثناء تلقيهم العلاج في مستشفياتها، كما أعلنت أن عددا من العناصر الخطرة في «القاعدة» أفلتوا من العملية الأمنية التي تمت في محافظة صنعاء. وذكرت مصادر أمنية يمنية أن الأشخاص الأربعة الذين اعتقلوا في عدن، كانوا ضمن المصابين في الغارة الجوية التي نفذها الطيران اليمني، أول من أمس، على منطقة المعجلة في محافظة أبين الجنوبية، وهي الغارة التي تقول السلطات اليمنية إنها أدت إلى مقتل ما بين 24 و30 من مسلحي «القاعدة» أثناء تلقيهم تدريبات هناك في أحد المعسكرات، بينهم محمد صالح الكازمي، والذي وصفته بالإرهابي وبأنه «يعد من أخطر العناصر القيادية في تنظيم القاعدة ومن أكثر المطلوبين في قائمة الإرهاب». وأعلنت وزارة الدفاع اليمنية عبر موقعها على شبكة الإنترنت أن ثلاثة من أخطر العناصر في تنظيم القاعدة في اليمن، أفلتوا من العملية الأمنية التي نفذت الخميس في منطقة أرحب بمحافظة صنعاء، والتي قتل فيها 4 من العناصر المطلوبة واعتقل 4 آخرون، وقالت الوزارة إن «كلا من الإرهابي قاسم الريمي والإرهابي حزام مجلي وشخص ثالث يعتقد أنه من جنسية إحدى الدول العربية نجوا من الهجوم الذي شنته قوات الأمن اليمنية على عدة أوكار للعناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة في منطقة أرحب بصنعاء». وأضافت أن «الإرهابيين الثلاثة كانوا موجودين في أحد المباني التي هاجمتها قوات الأمن، وتمكنوا من الفرار من ذلك المبنى في اللحظات الأخيرة.. وهي المرة الثانية التي ينجو فيها قاسم الريمي من هجمات أجهزة الأمن اليمنية».

وأشارت الوزارة إلى أن من بين «الإرهابيين الأربعة» الذين اعتقلوا في منطقة أرحب، شخصا يدعى عارف مجلي، وهو «صهر الإرهابي فواز الربيعي» الذي يعد أحد القياديين البارزين في تنظيم القاعدة في اليمن، ومن أبرز المتهمين الرئيسيين في تفجير المدمرة الأميركية (يو إس إس ـ كول)، والذي كان قد لقي مصرعه في عملية نوعية مماثلة لأجهزة الأمن في إحدى ضواحي العاصمة صنعاء مطلع أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2006م، مشيرة إلى أن عنصرا آخر ممن تم القبض عليهم بعد إصابتهم، كان يلف جسده بحزام ناسف، لكنه لم ينفجر. وأضافت المصادر العسكرية اليمنية أن عددا كبيرا من عناصر القاعدة أصيبوا في العملية الأمنية التي نفذتها أجهزة الأمن وقوات مكافحة الإرهاب في منطقة المعجلة بمحافظة أبين، وأن الضربة الجوية تمت أثناء تجمعهم وقيامهم بعملية التدريب، وأن العناصر التي نجت من الضربة قامت مباشرة بإخلاء الجرحى من عناصرها الذين تقول السلطات إن بينهم أجانب. كما أكدت أن «عناصر الخلايا الإرهابية الذين تم القبض عليهم في أمانة العاصمة والبالغ عددهم 13 شخصا، كانوا يتولون تقديم الدعم اللوجيستي للخلية الانتحارية التي تم القضاء عليها في منطقة أرحب، والتي لا يزيد سن بعض أعضائها عن 20 عاما، والتي كانت تعتزم القيام بعمليات انتحارية لاستهداف أهداف مختلفة من بينها منشآت ومصالح يمنية وأجنبية ومدارس».

وأكدت المصادر اليمنية الرسمية إصابة عدد كبير من الإرهابيين في منطقة المعجلة بمحافظة أبين، والتي تتكون من منطقة لتدريب للعناصر الإرهابية، وجاءت هذه الضربة ضد عناصر «القاعدة» أثناء تجمعهم وقيامهم بعمليات التدريب. وأشارت المصادر إلى أن عناصر «القاعدة» أخلوا المنطقة من الجرحى، وتفيد المعلومات بأن عدد عناصر «القاعدة» في المكان ذاته كان كبيرا نسبيا، ومن بينهم عناصر أجنبية كانت تشارك في عمليات التدريب وتتخفى في المنطقة عن أنظار الأجهزة الأمنية وتقوم بالفرار بالمصابين بعيدا عن المعجلة خشية أن يقعوا في أيدي قوات الأمن. وأكدت المصادر أن قوات الأمن لا تزال تضرب حزاما أمنيا لتطويق عناصر «القاعدة»، وتعتبر المصادر الأمنية هذه الضربة التي مني بها تنظيم القاعدة من أقوى وأنجح العمليات التي يتلقاها هذا التنظيم من قوات الأمن اليمني على مسار الصراع الدامي والطويل بين القوات اليمنية وتنظيم القاعدة وحتى الآن.

في غضون ذلك، طلب اليمن من الدول الأوروبية التي يوجد فيها نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض تسليمه، متهما إياه بدعم وتمويل تنظيم القاعدة في اليمن. وقال بيان صدر عن اللجنة الأمنية العليا التي يرأسها الرئيس علي عبد الله صالح إن اليمن طلب من النمسا وجنيف ولبنان، وهي الدول التي يتردد عليها البيض، تسليمه للسلطات اليمنية، بعدما كشف البيض عن تأييده لتنظيم القاعدة الإرهابي باستنكاره للعملية الأمنية التي نفذتها قوات الأمن ضد تنظيم القاعدة في منطقة المحفد بمحافظة أبين ومديرية أرحب بمحافظة صنعاء وأمانة العاصمة، والتي أودت بحياة 36 قياديا وعنصرا من تنظيم القاعدة في هذه الضربة الاستباقية المزدوجة للسلطات اليمنية ضد تنظيم القاعدة. وقال المصدر إن البيض وجد ضالته المنشودة، والحاضن لها بما يوفره من دعم وملاجئ آمنة للتدريب والاختباء والتخطيط لتنفيذ العمليات الإرهابية المستهدف منها إقلاق أمن الوطن وإشاعة الفوضى فيه، من أجل أن ينفذ أجندة تآمرية خاصة بالبيض للإضرار بمصالح الوطن اليمني والمواطنين. كما اتهم المصدر محمد علي أحمد، وهو قيادي معارض في خارج اليمن، بالتهم نفسها التي تتهم السلطات اليمنية بها علي سالم البيض، والذي كان محافظا لمحافظة أبين قبيل أحداث 13 يناير (كانون الثاني) من عام 1986، وانقسم فيها الحزب الاشتراكي اليمني إلى جناحين، الطغمة وهم الذين حكموا الجنوب بعد تلك الأحداث بقيادة البيض، وجناح نزح إلى شمال اليمن ويقوده الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد. وكان محمد علي أحمد من صقور الحرب في صيف 1994، وتقلد منصب الداخلية في الحكومة الانفصالية التي سقطت في 7 يوليو (تموز) من عام 1994 من القرن الماضي. وكان الرئيسان اليمنيان الجنوبيان السابقان، علي ناصر محمد وعلي سالم البيض، وكذا رئيس الوزراء الأسبق المهندس حيدر أبو بكر العطاس نددوا بالغارة الجوية، ففي بيان مشترك لعلي ناصر والعطاس، أدانوا ما سموه «المجزرة»، ودعوا «القوى الوطنية على مختلف مستوياتها أن تقف موقفا جادا ضد هذه الأعمال الوحشية، باعتبار أن السكوت على مثل هذه الأعمال لا يعني فقط الموافقة عليها بقدر ما يعني المشاركة السلبية، فضلا عن أنه يوفر غطاء لارتكاب أعمال مماثلة والتمادي في أعمال العنف والقتل والتي ستطال كل شرائح المجتمع يضاف إلى الغطاء الذي يوفره الصمت العربي والإقليمي والدولي المثير للجدل والذي ينبغي التأكيد أنه غير مقبول بالنظر إلى الانعكاسات الخطيرة التي يمكن أن نستشرفها جراء استمرار هذه الأوضاع المقلقة في اليمن على مستوى الأمن العربي، ابتداءً من أمن الخليج وصولا لأمن المنطقة بصفة عامة». أما علي سالم البيض، ومن مقر إقامته في ألمانيا، فأصدر بيانا، حمل فيه «نظام صنعاء مسؤولية المجزرة»، وناشد فيه الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، التحرك الفوري لتشكيل لجنة تحقيق في «المجزرة».

وهؤلاء الجرحى هم عبد الله سالم (30 عاما) وحيدره سالم علي (27 عاما) ومحمد علي سالم (30 عاما) وعبد الرحمن محمد (30 عاما) وأكدت الداخلية أنه لم يتم التعرف إلا على قتيل واحد من ضمن 30 قتيلا على أقل تقدير لعدد الضحايا في هذا القصف، جثة محمد صالح الكازمي وهو من أبناء المحفد وقدرت المصادر أعمار القتلى من 20 إلى 40 عاما، وأكدت الوزارة أن عملية البحث في فحص جثث القتلى لا يزال مستمرا بهدف معرفة هوياتهم.