أزمة بين بغداد وطهران بعد احتلال قوة إيرانية بئرا نفطية على الحدود

الجيش الأميركي: المتوغلون رفعوا علم بلادهم على منطقة الفكة

TT

تحركت الحكومة العراقية دبلوماسيا أمس لمعرفة أسباب دخول قوات إيرانية الأراضي العراقية في محافظة ميسان جنوب البلاد ورفعها العلم الإيراني في منطقة الفكة التي تبعد نحو 100 متر عن المخفر الحدودي الإيراني فيما اعتبرت وزارة الخارجية العراقية هذا «الخرق الإيراني» خرقا للعلاقات بين البلدين و«اعتداء».

وقال علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء نوري المالكي أن الحكومة العراقية بدأت باتباع الطرق الدبلوماسية لمعرفة ما حصل عندما دخلت قوات إيرانية منطقة الفكة وقامت برفع العلم الإيراني، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الخارجية العراقية ستقوم باستدعاء السفير الإيراني لدى بغداد وستصدر بيانا حول الوضع.

من جانبه، اعتبر محمد الحاج حمود وكيل وزارة الخارجية العراقية ما قامت به القوات الإيرانية خرقا للعلاقات بين البلدين التي وصفها بأنها «طيبة جدا»، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الخارجية العراقية استدعت السفير الإيراني كما تم توجيه السفير العراقي في إيران للتباحث مع الخارجية الإيرانية لمعرفة ملابسات الحادثة. وأوضح حمود أن لجنة قد بدأت أعمالها منذ فترة لغرض ترسيم الحدود بين البلدين وعلى الإيرانيين الانتظار حتى التأكد من نتائج أعمال اللجنة التي لم تنهِ أعمالها بعد لمعرفة حدودها، لكنه عاد وأكد أن «البئر التي رفع العلم عليها مستخدمة من الجانب العراقي بعد تشغيلها عام 1974 وتوقفت بسبب الحرب وهي ضمن الأراضي العراقية». وأعلن وزير الدولة لشؤون الأمن الوطني العراقي شيروان الوائلي انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن الوطني لمناقشة الحادثة. ويضم مجلس الأمن الوطني الذي يرأسه المالكي، وزراء الدفاع عبد القادر العبيدي والداخلية جواد البولاني ووزير الخارجية هوشيار زيباري والمالية باقر جبر صولاغ والعدل صفاء الصافي.

وقال نائب وزير الداخلية أحمد علي الخفاجي إن التوغل الذي حدث أمس هو الأحدث في سلسلة من عمليات التوغل هذا الأسبوع. وأضاف لوكالة «رويترز» أنه في الساعة 3:3 عصر أمس تسلل 11 جنديا إيرانيا عبر الحدود بين البلدين وسيطروا على بئر النفط. وأضاف أنهم رفعوا العلم الإيراني وما زالوا في الموقع «حتى هذه اللحظة». وقال إن الحكومة العراقية لم تتخذ إجراء عسكريا لكنها أكدت أنها ستسعى لاتخاذ رد دبلوماسي محسوب على الموقف. وأضاف أن المسؤولين العراقيين ينتظرون الأوامر من قيادتهم.

وكان مصدر في الجيش الأميركي أعلن أن قوة إيرانية عبرت الحدود العراقية وسيطرت على موقع نفطي عند المنطقة الحدودية المشتركة للبلدين شرق مدينة العمارة (جنوب العراق). ونسبت إليه وكالة الصحافة الفرنسية قوله إن «الحادثة وقعت دون أعمال عنف ونأمل أن يتم معالجته بين العراق وإيران». وأضاف أن «البئر تقع في منطقة حدودية مشتركة بين العراق وإيران» مشيرا إلى «وقوع حوادث متكررة هناك». كما أكد مصدر في شركة نفط الجنوب قيام قوة إيرانية بتجاوز الحدود الدولية والسيطرة على البئر قائلا إن «القوة الإيرانية دخلت فجر اليوم (أمس) وقامت بالسيطرة على البئر رقم 4 ورفع العلم الإيراني هناك، مع أن البئر داخلة الأراضي العراقية». وتحدث مفضلا عدم الكشف عن اسمه، عن مساعي وزارة النفط بتشكيل وفد سيتولى زيارة الموقع للاطلاع على الأوضاع عن كثب».

وتقع البئر التي تحمل رقم 4 في حقل الفكة النفطي الذي يمثل جزءا من ثلاثة حقول يقدر مخزونها 1.55 مليون برميل. وقد وضعت في جدول التراخيص الذي أعلنته وزارة النفط العراقية في يونيو (حزيران) الماضي. ويقع الحقل إلى الشرق من مدينة العمارة (305 كلم جنوب بغداد). ويمنع الإيرانيون العاملين العراقيين من الوصول إليها.

واتهمت بغداد مرارا إيران بإطلاق النار على كوادر عراقيين، الأمر الذي نفته طهران. وعقد العراق وإيران عدة اجتماعات خلال الأعوام الماضية، بهدف التوصل إلى اتفاق حول الحدود لكن دون الوصول إلى أي نتائج.

ويؤكد عدد من المتمرسين في السلك العسكري العراقي أن مجرد رفع العلم على أي منطقة يعني احتلالا لها أو أنها تعود إلى البلد صاحب العلم. وأشاروا في أحاديث متفرقة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المناطق الحدودية مع إيران ومنها منطقة الفكة والطيب والشيب شهدت معارك ضارية بين القوات العراقية والقوات الإيرانية وكان الإيرانيون يسعون بكل قوتهم للسيطرة عليها لكنهم لم يحرزوا تقدما في أثناء الحرب التي دامت ثماني سنوات.

وتعد هذه المرة الأولى التي تتوتر العلاقة بين الحكومتين العراقية والإيرانية بعدما توطدت العلاقات بين البلدين بعد سقوط النظام السابق الذي قاد حربا لثماني سنوات بين عامَي 1880 و1988 ضد إيران، وكان النظام السابق يعد من أشد خصوم الحكومة الإيرانية.

وحسب مصادر موثوقة من داخل محافظة ميسان فإن منطقة الفكة تضم عدة آبار للنفط توقف التصدير فيها بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية ومن بينها البئر رقم 4 التي رفع الإيرانيون عليها علمهم أمس. وأكدت المصادر أن القوات الإيرانية كانت لا تزال مرابطة في الموقع حتى كتابة هذا التقرير. وأشارت إلى أن البئر تبعد نحو 100 متر عن المخفر الحدودي الإيراني. وحول الوجود السكاني في هذه المنطقة قالت المصادر إن أقرب منطقة زراعية يوجد فيها السكان هي منطقة الطيب التي تبعد نحو 30 كيلومترا عن الحدود الإيرانية.