البنتاغون: المسلحون في العراق يعترضون مشاهد فيديو تلتقطها طائرات بلا طيار

مسؤولون: لا قرصنة على نظم الاتصالات لكن المتمردين تمكنوا من متابعة مشاهد حية

طائرة أميركية من دون طيار من طراز «بريديتور» (إ.ب.أ)
TT

تَمكّن متمردون عراقيون من اعتراض مشاهد فيديو مباشرة التقطتها طائرات أميركية من طراز «بريديتور» التي تعمل دون طيار، والتجسس على مكون هام من نظام الاستطلاع والسلاح التابع للبنتاغون وذلك من خلال برنامج متاح على الإنترنت تبلغ تكلفته 26 دولارا فقط. وقال مسؤولون إن المسلحين لم يقوموا بالقرصنة على نظم اتصالات عسكرية، ولكن كانت لديهم القدرة على رؤية مشاهد الفيديو الحية يتم التقاطها عبر الأقمار الصناعية من خلال الطائرات التي تعمل دون طيار وكانت تطير على ارتفاع 27 قدما. ويقوم طيارون بتوجيه هذه الطائرات من داخل الولايات المتحدة، وهي تنقل مشاهد الفيديو عبر الأقمار الصناعية. وقال مسؤولون إن لديهم أدلة على اعتراض مشاهد الفيديو داخل العراق، ولكنهم لا يعتقدون أنه تم اعتراض أي مشاهد في أفغانستان أو باكستان. ويقولون إنه تم تشفير روابط الفيديو داخل مناطق هامة منذ اكتشاف عمليات التجسس العام الماضي، ويجرى حماية نظم أخرى.

وطبقا لما أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال»، التي كانت أول من ذكر عمليات التجسس يوم الخميس، فإن المتمردين استخدموا في ذلك برنامجا يدعى «سكاي غرابر»، وهو من صنع شركة روسية لتحميل الموسيقى والصور ومشاهد الفيديو من الإنترنت. وتم الحصول على جهاز كومبيوتر يعود إلى أحد المتمردين في العراق ويحتوي على ملفات بها مشاهد الفيديو التي تم الحصول عليها من الطائرة التي تعمل دون طيار، حسب ما أوردته الصحيفة. ويقول مسؤولون في البنتاغون إنه لا يوجد دليل على أن المتمردين تمكنوا من الاستفادة من المعلومات عمليا، ولم تتضمن مشاهد الفيديو بيانات استهداف أو تحديد أماكن، وكانت مشاهد الفيديو التي تم اعتراضها ضعيفة الجودة. ويضيف المسؤولون أنه من غير الواضح هل كان المتمردون قادرين على تعرُّف مشاهد الفيديو التي اعترضوها، أو المناطق التي تغطيها هذه المشاهد.

ولكن كان هذا بمثابة تنبيه للبنتاغون كي يقوم بتحديث جهود التشفير لضمان أن الخصوم لا يمكنهم مشاهدة الفيديو الجديد، حيث إن العدد الكافي من مشاهد الفيديو يساعد المتمردين على تحديد المناطق التي تراقبها الطائرات التي تعمل دون طيار ومن ثم استهدافها. وفي حديثه مع الصحافيين يوم الخميس قال المتحدث باسم البنتاغون برايان ويتمان إن الولايات المتحدة تعمل بصورة مستمرة على تحديث تقنياتها للكشف عن أي نقاط ضعف وإصلاحها. وأضاف: «في جميع النظم الخاصة بنا نقاط ضعف محتملة».

وقال ضابط في القوات الجوية، شريطة عدم ذكر اسمه لأنه يناقش نظما سرية، إن المتمردين شاهدوا تصوير فيديو أوليا. وأضاف أنه لم يتح لهم الوصول إلى البيانات أو الاتصالات الصوتية أو المعلومات الاستخباراتية الأخرى مثل تحديد أهداف ومعلومات الطيران. وقال المسؤول إن نقاط الضعف في مشاهد الفيديو عبر الأقمار الصناعية غير المشفرة بين الطائرات ومحطات التحكم الأرضية كانت مبعث قلق لعدة أعوام. ولكن لأن نظام «بريديتور» كان يهدف إلى إظهار القوة عندما تم الدفع به إلى القتال في أفغانستان عام 2001، فإنه لم يمر من خلال العملية الاعتيادية لتحديد نقاط الضعف وإصلاحها. وتوجد نفس نقاط الضعف في الطراز «ريبار»، وهو تطوير أكبر وأكثر قوة من «بريديتور»، لأن نظم التوجيه عن بعد تستخدم شبكات اتصالات ومحطات تحكم أرضي متشابهة. ويقول المسؤول إن تحديث نظم الاتصالات في الوقت الذي يوجد فيه نقص في الطائرات التي تعمل من دون طيار داخل العراق وأفغانستان شيء يستهلك الوقت. وتبقى القوات الجوية الأميركية 38 طائرات على الأقل من طراز «بريديتور» و«ريبار» في أجواء العراق وأفغانستان في أي وقت. ويُحتفظ سرا بعدد الدوريات الجوية المقاتلة التي تقوم بها الطائرات دون طيار فوق باكستان، حيث تدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» طائرات دون طيار. وقد ارتفع عدد الطائرات التي تعمل دون طيار داخل أفغانستان والعراق بصورة كبيرة منذ دخول أول طائرة مسلحة من طراز «بريديتور» إلى ساحة القتال قبل ثمانية أعوام. ويوجد حاليا أكثر من 7 آلاف طائرة دون طيار منقولة جوا إلى منطقتي الحرب بدءا من تلك التي تطلق باليد إلى الطائرات «واسب» الصغيرة التي تبلغ رطلا واحدا إلى «غلوبال هوكس». ويقول بي دبليو سنغر مؤلف «ويرد فور وور» والأكاديمي في معهد «بروكينغز» إن الحصول على مشهد فيديو من طائرة تعمل دون طيار ليس يصل إلى القرصنة على نظام الاتصالات بالكامل. إنها حالة «تنصت» لا «قرصنة». وقارن سنغر بين ما قام به المتمردون، وشخص يقوم باعتراض مشاهد فيديو من طائرة تتبع للشرطة. وهذا بالطبع يختلف كثيرا عن القرصنة على نظام الاتصالات المؤمن التابع للشرطة أو الاستحواذ على أوامر الطيران الخاصة بطائرة شرطة. وقال سنغر إنه في حالة الطائرات العسكرية التي تعمل دون طيار لم يقترب المتمردون من تحقيق أشياء أكثر خطورة مثل التدخل في بيانات الاستهداف أو رحلة الطائرات. وقال: «إنهم لا يُجهِزون على الشبكة بالكامل». وأضاف سنغر أنه مع ذلك ينظر إلى اعتراض أي معلومات على أنه مبعث قلق أمني خطير لأنه يمكن أن يمثل الخطوة الأولى تجاه القيام بعمليات اختراق أخرى. ويعتمد البنتاغون بدرجة أكبر على نظم كومبيوتر واتصالات مُؤَتْمَتة للمشاركة في الحربين. وقال سنغر إن اعتراض المتمردين مشاهد الفيديو يأتي في جزء منه بسبب «كسل وغطرسة» الكونغرس الذي لم يشفّر النظم الآلية حيث لم يفترض المسؤولون أنه سيتمكن المسلحون من تحديد وسيلة لالتقاطها. وقال سنغر إن البنتاغون عرف عن المشكلة في منتصف التسعينيات عندما استخدمت طائرات «بريديتور» خلال النزاع الدائر في البلقان. وتمكن قراصنة من أوروبا الشرقية من اعتراض مشاهد الفيديو على «بريديتور»، ولكن اشتكوا من أنهم غير قادرين على التقاط المشاهد المشفرة لـ«قناة ديزني».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»