قائد مظلي سعودي لـ «الشرق الأوسط»: المتسللون مجرد عصابات ليست لديها القدرة على المواجهة

مفتي السعودية للجنود: تواجهون عدوا مفسدا ضالا انحرفت أفكاره وانسلخ من الأخلاق الكريمة

قوات برية سعودية على الحدود مع اليمن لصد المتسللين (تصوير: محمد علي)
TT

في الوقت الذي وجه فيه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام الديار السعودية نصائح لقوات بلاده المرابطة على الحدود الجنوبية، من ضمنها عدم إفشاء الأسرار الحربية لأي كائن، وشدد فيها على أن الجنود يواجهون «عدوا مفسدا ضالا انحرفت أفكاره وانسلخ من الأخلاق الكريمة التي تحفظ حقوق الجار»، كشف اللواء ركن مظلي سعيد الغامدي وهو أحد القادة الميدانيين السعوديين في ساحة المواجهات مع المتسللين لـ«الشرق الأوسط» أن القوات المسلحة تحقق التقدم في ميدان العمليات العسكرية على كامل الشريط الحدودي، وأنها لم تشهد أي تراجع طوال فترة التصدي وتحرير أراضي السعودية من المتسللين المسلحين، موضحا أن الثبات الحالي للقوات في الميدان والتقدم الذي تحققه كان نتيجة استراتيجيات متبعة بناء على توجيهات حكيمة، مطمئنا الجميع أن المتسللين المسلحين ليسوا إلا مجرد عصابات مدربة وغير قادرة على أن تكون ندا للقوات السعودية، وأنها الآن تجر أذيال الهزيمة وتتراجع لكيلو مترات خارج الشريط الحدودي في العديد من المواقع.

وكانت «الشرق الأوسط» رصدت يوم أمس خلال زيارتها لجبل الدود على الشريط الحدودي، سيطرة القوات السعودية، على كامل الشريط الحدودي، ووقفت على مدى قدرتها في صد أي عمليات تسلل المسلحين وإفشال جميع المخططات الهجومية التكتيكية في حال بادر المعتدون بالهجوم.

وأوضح الغامدي أن المتسللين الذين يتمركزون في معقلهم في منطقة الملاحيظ التي تبعد 3 كيلو مترات على الحدود مع دولة اليمن، لم يستطيعوا منذ أن بدأت الحرب أن يخترقوا أي مواقع للقوات السعودية في شتى مواقعها، كاشفا أن التجهيزات التي تتم بها إحباط محاولات التسلل تتمثل في أجهزة الرؤية الليلية والكاميرات ورادارات المراقبة، يتم بعدها رصد مواقعهم وقصفهم بقذائف المدفعية القادرة على الوصول إلى أماكنهم ومخابئهم.

وبين اللواء سعيد الغامدي أن القوات المسلحة السعودية، البرية والجوية والبحرية، تخوض منذ قرابة الشهر والنصف حربا حقيقية ضد المتسللين المسلحين، واصفا المعتدين بأنهم «مدربون» وذوو احترافية عالية على حرب العصابات، «ولكن ولله الحمد تمكنت قواتنا من التكيف مع نوعية الحرب التي نحن على أتم الجاهزية لها» وقال «تمكنا خلال الفترة الماضية من ضرب أوكارهم وتدمير خنادقهم وعتادهم، الأمر الذي أحبط عزيمتهم، وجعل ضرباتهم على الشريط الحدودي غير قادرة على إصابة أي أهداف في السعودية» كاشفا أن البعض منهم يسقط في الكمائن التي أعدتها القوات، وأن عدد المستسلمين بينهم في حال ازدياد».

وأشار القائد المظلي السعودي إلى أن الجنود السعوديين محصنون ولن يتأثروا بأي أفكار خارجية ترد إليهم، موضحا أن حرب الإشاعات والحرب النفسية ليس لها دور في التأثير على المعنويات بين الجند المقاتلين على الشريط الحدودي، مبينا أن المعنويات «أصبحت مرتفعة جدا وهي في ازدياد مع كل انتصار يتحقق لنا، خاصة أن تأمين الشريط الحدودي بالعتاد والقوات أسهم في دحض أي محاولات هجومية يشنها المتسللون المسلحون مهما كانت نوعية الخطط التي يتبعونها وتضاهي بتكتيكها تكتيك حرب العصابات، والذي فشل أمام قدرة القوات السعودية على التصدي له وردعه ومقاومته».

وأكد أن أي قذيفة يتم إسقاطها على وكر العدو تقودها كلمة «الله أكبر»، ويسود المدافع عن الوطن اعتقاد جازم بأن الدفاع عن أراضي الوطن «شرف لا يضاهيه شرف غير البحث عن الشهادة في سبيل إعلاء كلمة التوحيد وحماية بلاد الحرمين الشريفين»، مستدركا أن بلاده لن تتنازل عن أي شبر من أراضيها في حال التعدي عليها من قبل المسلحين، وتأديب كل من يحاول أو يتجرأ بوضع أقدامه من دون حق. وعن شعور المصابين، وإصرار البعض منهم للعودة إلى ميادين القتال بعد شفائه، قال الغامدي إن جميع أفراد القوات المسلحة الذين يصابون في ميدان العمليات العسكرية يرغبون بالعودة مجددا حتى قبل أن تتم فترة شفائهم، مشيرا إلى أن الوضع في الجبهة «لا يحتمل التأجيل» وقال إن «الأمر أصبح لدينا ممتعا، ونحن نحمي بلادنا الطاهرة من التدنيس أو التعدي عليها ونحافظ على لحمتها الوطنية».

وحول صلاحية ميدان المعركة ومدى تناسبه مع نوعيات الآليات والخطط الميدانية التي تستخدمها القوات السعودية في المواجهات، أكد اللواء مظلي سعيد الغامدي أن الميدان سواء كان منطقة وعرة أو سهلا أو مرتفعات، فله أجراء وتعامل خاص به من قبل القوات سواء كانت جوية أو بحرية أو برية، وقال إن «أرض الميدان لن تكون عائقا أمام الدفاع عن أراضي البلاد»، كاشفا تكيف القوات مع نوعيات الميدان والهجمات التي يشنها المتسللون المسلحون الذين قال إنهم يشنون هجماتهم في شكل فئات متقطعة، والذين عادة ما يبدأون من متسلل واحد إلى 20 متسللا أو أكثر.

وكان المفتي العام للمملكة العربية السعودية، وجه الليلة قبل الماضية خطابا إلى رجال القوات المسلحة وجميع القطاعات العسكرية على الحدود الجنوبية، والذين وصفهم بـ«المجاهدين والمرابطين»، حيا خلاله شجاعتهم وصبرهم، وهنأهم على جهادهم ورباطهم في سبيل الله، وقال آل الشيخ محذرا «إنكم تواجهون عدوا مفسدا ضالا قد انحرفت أفكارهم، وانسلخوا من الأخلاق الكريمة التي تحفظ حقوق الجار، وقد سعوا في إثارة الفتن والتعدي على الأرواح والممتلكات، فخذوا حذركم منهم، واصبروا وصابروا، واعلموا أن الله مع الصابرين». وأكد أن مواجهتهم مع المتسللين تعد من أفضل القربات وأعظم الطاعات، وقال «إن عملكم هذا من أفضل القربات، وأعظم الطاعات، وهو ذروة سنام الإسلام، وأوصاهم بتقوى الله تعالى ومراقبته في السر والعلن، والبعد عن المعاصي والحرص على أداء الواجبات، والإخلاص لله، وأن يكونوا صادقين لا يبتغون إلا رضاء الله والجنة من دون غيرها من حظوظ الدنيا، وحسن الثقة بالله وطلب العون منه دون سواه، وأن يكونوا واثقين بالنصر مقبلين على الطاعة مبتعدين عن المعصية.

وحذر من الفرار من الزحف، وأن عليهم الثبات في المعركة، مشددا: على كل جندي طاعة قائده «دون تردد في غير معصية»، وكتمان الأسرار الحربية، وقال «لا يجوز التحدث بالأمور الحربية، لأن للأعداء عيونا تنقل كل كلمة أو إشارة أو تصريح أو خبر» مستشهدا بقوله تعالى «يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا خذوا حِذْرَكمْ»، وأن على الجميع «احتساب الأجر من الله تعالى لمن أصيب في سيبل الله أو قتل».

وعودة إلى جولة «الشرق الأوسط» أمس على جبل الدود، كانت الطريق المؤدية حيث يرابط جنود القوات السعودية في منطقة يتم السير إليها عبر طريق ترابي وعر يمر بين بعض المزارع، ليصل صوب سلسلة من الجبال الحدودية، من هناك تشاهد تحركات وحدات الجنود المظليين الذين يواجهون المتسللين وهم متمركزون على قمة الجبال وخلف الصخور أو من داخل الخنادق، أو في الهضاب المتاخمة للجبل، حيث ثمة بضع منازل مهجورة كان المتسللون اتخذوها قبل دحرهم أوكارا لهم، أو نقاطا للتجمع قبل شنهم هجوما على الجيش السعودي، وهذه البيوت حاليا أصبحت متهدمة أو شبه متهدمة بعد كثافة الهجوم الصاروخي الذي شنه الجيش السعودي عليها من قبل، وفي خارج هذه الديار تتناثر قطع أثاث ومن حولها بعض سيارات «الجيب» الخربة المتعطلة والتي تحمل اللوحات اليمنية وكان المتسللون يستخدمونها في أوقات سابقة للتقدم، أما في موقع آخر فتشاهد الدبابات السعودية على الحدود وهي في حال جاهزية تامة لدك معاقل العدو المتسلل، وتشاهد هذه الآليات خلال تحركها لجهة ما صوب الجنوب لتصل إلى بداية الحدود السعودية لقصف أهداف، وفي واد آخر تتناهى إلى الأسماع أصوات المدفعية تقصف بدورها وتدك معاقل ومخابئ المتسللين، فيما قمة الجبال يتحرك المظليون ليصطادوا متسللين مختبئين داخل خنادق وكهوف تتناثر داخلها منشورات وصكوك لدخول الجنة يصدرها قائد المتسللين للمغرر بهم، يحثهم من خلالها على التسلل ومهاجمة القوات السعودية.