رسالة جديدة من الأسد إلى نتنياهو تقترح استئناف مفاوضات السلام بوساطة أميركية

في رواية لصحيفة إسرائيلية نسبتها إلى «مصدر سياسي رفيع»

TT

ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس، أن الرئيس السوري بشار الأسد، بعث برسالة جديدة إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قبل يومين، يعرض فيها استئناف المفاوضات بين بلديهما بوساطة أميركية.

وقالت الصحيفة إنها تعتمد في خبرها على مصدر سياسي رفيع في إسرائيل قال إن هذا العرض ينطوي على جديد، هو أن إسرائيل وسورية أصبحتا تحملان الموقف نفسه وتفضلان الوساطة الأميركية على الوساطة التركية أو الفرنسية. وأضاف أن هذا العرض يأتي في ظروف مناسبة جدا، حيث إن الإدارة الأميركية التي تشكك عادة في الموقف السوري، تميل إلى الموافقة على خوض التجربة، بسبب تعثر الجهود لاستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. وذكرت الصحيفة أن دمشق ستشهد نشاطا دبلوماسيا مكثفا في الأسابيع القريبة بهدف الدفع باتجاه ضمها إلى محور السلام، وأن زيارة فريد هوب، مستشار، جورج ميتشل، مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط للشأن اللبناني ـ السوري، تصب في هذا الاتجاه. كما أن مستشارا رفيعا من طاقم المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ومستشارا آخر للرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، سيحملان رسالتين وصفتا بأنهما مهمتان، إلى الرئيس الأسد.

وأضافت الصحيفة أن الأسد قال في رسالته إلى نتنياهو إنه مستعد للتفاوض على عملية سلام كاملة، تكون مبنية على الأسس التي طرحت في المفاوضات بين والده، حافظ الأسد، وبين نتنياهو، خلال فترة حكمه الأولى (1996 ـ 1999)، وهي الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 مقابل علاقات طبيعية تنطوي على تبادل السفارات في تل أبيب ودمشق. المعروف أن مفاوضات السلام بين إسرائيل وسورية، كانت قد بدأت في سنة 1991 في إطار مؤتمر مدريد للسلام. لكن الحكومة الإسرائيلية بقيادة إسحق شامير، لم تكن إيجابية فيها. وجاءت حكومة إسحق رابين في سنة 1992، لتبدأ أول مفاوضات سلام جدية، بواسطة وزير الخارجية الأميركية، وورن كريستوفر. وفي حينه أبلغ رابين الوزير الأميركي أنه مستعد للانسحاب الكامل من الجولان مقابل سلام حقيقي وعلاقات طبيعية وإجراءات أمنية تضمن لإسرائيل مراقبة الحدود من جبل الشيخ. وعرف هذا التصريح بـ«وديعة رابين». لكن رابين اغتيل قبل أن يتوصل إلى اتفاق مع الأسد. وجرت محاولة أخرى في عهد إيهود باراك بلغت ذروتها في المفاوضات المكثفة في «شيبردستاون» الأميركية، في شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2000، قادها باراك نفسه عن الجانب الإسرائيلي مقابل وزير الخارجية السوري في حينه، فاروق الشرع. لكن المفاوضات فشلت بسبب الإصرار السوري على استعادة الأراضي المحتلة التي تصل إلى بحيرة طبريا ورفض باراك وصول سورية إلى البحيرة. ولم تستأنف، لأن الرئيس السوري توفي في شهر يونيو (حزيران) من السنة نفسها، وبدأ باراك يركز جهوده على المسار الفلسطيني.

ولم تحاول حكومة أرييل شارون (2001 ـ 2005) استئناف المفاوضات مع سورية، إذ كانت أجندتها مختلفة. وشارون رفض بشكل مبدئي الانسحاب من الجولان واعتبر الحدود مع سورية أكثر أمنا من الحدود مع مصر والأردن اللتين يقيم معهما سلاما. وفقط في زمن حكومة إيهود أولمرت، بدأت مفاوضات غير مباشرة في فبراير (شباط) 2008، بوساطة تركية، حيث كان الوفدان الإسرائيلي والسوري يجلسان في غرفتين منفصلتين والوسيط التركي يتنقل بينهما. لكن هذه المفاوضات توقفت في أعقاب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وأما حكومة نتنياهو، فلم توافق على استئناف المفاوضات بالوساطة التركية. وفي غياب الرغبة الأميركية بلعب دور الوسيط، تطلع نتنياهو إلى وساطة فرنسية. ولكن السوريين لم يتحمسوا إلى ذلك. واختاروا الولايات المتحدة بديلا لتركيا، آملين أن يؤدي ذلك إلى وقف الإجراءات الأميركية ضدها. وتقول «يديعوت أحرونوت» إن إسرائيل كانت قد طالبت سورية بقطع علاقاتها مع إيران كشرط للسلام، لكن سورية رفضت ذلك واعتبرت الطلب تدخلا في شؤونها السياسية. ويبدو أن الطرفين مستعدان لخوض نقاش حول الموضوع يسوي هذه المسألة «بطرق إبداعية»، في حال موافقة الولايات المتحدة على الوساطة. وفي دمشق امتنعت المصادر الرسمية عن الرد على أنباء صحافية إسرائيلية. غير أن مصدرا مطلعا قال إن سورية متمسكة بالوساطة التركية طوال مرحلة المفاوضات غير المباشرة، ولكنها ترحب بوساطة أميركية لدى بلوغها مرحلة المفاوضات المباشرة.