واشنطن ستسلم صنعاء 6 يمنيين معتقلين في غوانتانامو

مخاوف من قدرة الحكومة اليمنية على مراقبة وإعادة تأهيل العائدين

TT

تخطط إدارة أوباما لترحيل ستة يمنيين محتجزين في السجن العسكري الأميركي في خليج غوانتانامو بكوبا، الخطوة التي قد تشكل بداية تسليم عشرات المحتجزين الآخرين إلى اليمن، طبقا لمصادر على معرفة مستقلة بالقضية.

ويعد إطلاق سراح المحتجزين خطوة أولى مهمة نحو التعامل مع أكبر مجموعة من المحتجزين داخل السجن ـ حيث يوجد حاليا 97 يمنيا هناك ـ والالتزام بهدف الرئيس أوباما المعلن المتمثل في إغلاق منشأة الحجز. إلا أن المشكلات الأمنية ونقص الموارد في اليمن أثارا المخاوف حيال قدرة الحكومة اليمنية على مراقبة وإعادة تأهيل العائدين. في هذا السياق، يؤكد منتقدو الإدارة أن إعادة المحتجزين إلى اليمن، وهي بلاد من المعتقد أن لتنظيم «القاعدة» وجود قوي بها، يرقى لمستوى إعادة إرهابيين إلى ميدان القتال. من المقرر نقل المحتجزين اليمنيين الستة، بجانب أربعة أفغان، إلى خارج غوانتانامو في غضون الأيام القادمة. ويأتي قرار الإفراج بعد شهور من الاجتماعات رفيعة المستوى بين ممثلين عن الحكومة اليمنية ومسؤولين أميركيين بارزين، علاوة على زيارة ستيفين آر. كابيس، نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، لليمن الأسبوع الماضي، حسبما أشارت مصادر. من ناحيتها، رفضت الوكالة التعليق. ومن المقرر كذلك خضوع عملية النقل لمراقبة وثيقة، والتي حال نجاحها، ربما تؤدي إلى إطلاق سراح المزيد من المحتجزين اليمنيين الذين صدر تصريح بإعادتهم إلى وطنهم من قبل فريق مراجعة من مختلف الوكالات برئاسة وزارة العدل تولى دراسة قضية كل محتجز موجود في غوانتانامو. جدير بالذكر أن أوباما أقر عملية المراجعة بهدف الإسراع من وتيرة إغلاق معسكر الاحتجاز. وأجاب ديفيد ريميز، محامي موكل عن سبعة من المحتجزين اليمنيين، لدى سؤاله عن عملية النقل الوشيكة، بقوله: «إن هذا يشكل انفراجة لحالة التأزم التي وصلت إليها الحكومتان الأميركية واليمنية. هناك أمر حطم الأزمة، وهذا أمر جيد، لأنه ليس بإمكانك تسوية مشكلة غوانتانامو من دون تسوية للقضية اليمنية». يذكر أنه منذ افتتاح معسكر الاحتجاز في غوانتانامو في مطلع عام 2002، جرى ترحيل 15 يمنيا صدر قرار بشأنهم يقضي بأنهم لا يشكلون تهديدا: 14 منهم في عهد إدارة بوش، وواحد من قبل إدارة أوباما. من ناحية أخرى، رفضت المصادر، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها نظرا لحساسية القضية، تحديد أحدث المحتجزين الذين سيجري إطلاق سراحهم تمهيدا لتسليمهم إلى اليمن. ورفض المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل التعليق على هذا الأمر. تبعا للأرقام المتوافرة، يشكل اليمنيون 46% من إجمالي الـ210 محتجزين الباقيين في غوانتانامو. وصدر حكم بإطلاق سراح ثلاثة من هؤلاء المحتجزين اليمنيين من جانب قضاة فيدراليين في أعقاب سلسلة من الإجراءات طعنوا خلالها في احتجازهم. وقد استأنفت الحكومة ضد اثنين من هذه الأحكام الثلاثة. من جهة أخرى، قال فرانك آر. وولف، عضو مجلس النواب عن الحزب الجمهوري، وأحد منتقدي سياسة إدارة أوباما تجاه غوانتانامو، إن المحتجزين اليمنيين يشكلون تهديدا خاصا بسبب انعدام الاستقرار في وطنهم. وعندما سئل عن قرار نقل المحتجزين إلى اليمن، أجاب: «عليكم بالتوقف. هؤلاء الرجال خطرون. أعتقد أنهم سيتورطون في أعمال إرهاب ستكلفنا حياة أميركيين». بالرغم من أن 34 يمنيا على الأقل صدر تصريح بشأن إطلاق سراحهم، فإن الشكوك لا تزال تحيط بمصير أكثر من 60 منهم. وسيمثل بعضهم للمحاكمة أمام إما محكمة فيدرالية أو أخرى عسكرية، بينما من المحتمل أن يحتجز آخرون في إطار نظام ما لمدة طويلة في سجن «تومسون»، بمجرد إغلاق معسكر الاحتجاز في غوانتانامو. المعروف أن الحكومة اليمنية تصارع في مواجهة حرب أهلية في الشمال، وحركة انفصالية في الجنوب وكوارث إنسانية مع انهيار الاقتصاد. في خضم هذا الخواء، يزداد وجود «القاعدة» باستمرار، اعتمادا على مناطق واسعة من البلاد يغيب عنها حكم القانون، يستغلها التنظيم كملاذ له. ويساور القلق مسؤولين أميركيين حيال إمكانية استغلال «القاعدة» اليمن، الذي يحتل موقعا استراتيجيا بقلب واحدة من أهم المناطق النفطية وطرق الشحن بالعالم، كمنصة لشن هجمات ضد السعودية ودول القرن الأفريقي. الخميس، شنت الحكومة اليمنية المركزية الضعيفة واحدا من أكبر جهودها لمكافحة الإرهاب في السنوات الأخيرة، مع إقدام قوات يمنية، مدعومة بضربات جوية، بقتل 28 مسلحا، يتبعون «القاعدة» وإلقاء القبض على 17 آخرين في هجوم جرى شنه قبل الفجر ضد معسكر تدريبي إرهابي مزعوم. من جهته، صرح محمد الباشا، المتحدث الرسمي باسم السفارة اليمنية في واشنطن، بأن القتلى تضمنوا محمد صالح الكاظمي، أحد العناصر البارزة في «القاعدة» داخل اليمن. استهدفت العملية مسلحين كانوا يخططون لشن هجمات انتحارية ضد مواقع يمنية وأجنبية، بينها مدارس، تبعا لما ورد ببيان صدر على موقع صحيفة 26 سبتمبر (أيلول) وهو موقع على شبكة الإنترنت على صلة بالمؤسسة العسكرية اليمنية. ومن الواضح أن العديد من المدنيين قتلوا ودمرت منازل، حسبما صرح شهود لوكالات أنباء محلية. من جهته، أجرى أوباما اتصالا هاتفيا بالرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، للثناء على جهود بلاده في محاربة الإرهاب، مشيرا إلى أن غارات الخميس «تكشف عزم اليمن مواجهة تحدي «القاعدة»، شبكة الإرهاب العالمية التابعة لأسامة بن لادن»، طبقا لما ورد بوكالة أنباء «سبأ» اليمنية الحكومية. المعروف أن بن لادن تربطه صلات وثيقة باليمن، حيث ولد والده، وشنت «القاعدة» هجمات متكررة هناك. عام 2000، فجر أفراد من «القاعدة» المدمرة الأميركية «كول» أمام ساحل عدن، ما أسفر عن مقتل 17 من البحارة الأميركيين. ومنذ ذلك الحين، شن مسلحون سلسلة من الهجمات ضد مصالح أميركية وسائحين أجانب وقوات أمن يمنية. * خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»