الجنود الأميركيون في العراق اتخذوا من دير مقرا لهم

دير مار إيليا جنوب الموصل يعود إلى أكثر من 1500 عام

TT

عندما استولت الفرقة 101 المحمولة جوا على هذه القاعدة في عام 2003 قامت دبابة أميركية بنسف برج دبابة تي 72 دفعت بها إلى أحد أركان دير القديس إيليا. وقامت القوة بعد ذلك باستخدام التراب والحجارة في الحائط الذي وقف صامدا على مدى أكثر من الف سنة هنا في أحد قلاع المسيحية الأولى، لبناء المتاريس وقد كان ذلك بمثابة أحد النتائج الكارثية للحرب. قامت الفرقة حينئذ بتحويل المكان إلى قاعدة عسكرية ورسمت شعارها على النقوش الموجودة على الباب المنخفض لكنيسة الدير. وظلت العلامة المميزة هناك حتى فكر أحد القساوسة في صحة وجود «نسرين يصرخان» في الدير. وقال القسيس «هذا ليس أمرا صائبا». ومن ثم بدأ خدمة أميركية بالمصادفة لدير القديس إيليا، ذلك الموقع المسيحي القديم للعبادة الواقع في وسط القاعدة العسكرية المترامية الأطراف جنوب الموصل في شمال العراق. والآن في بادرة للحفاظ على الموقع، وربما التكفير عما ارتكبوه يأمل الأميركيون في إعادة دير القديس إيليا إلى سابق عهده، وقد قام المهندسون العسكريون بوضع خطط لبناء سقف وحوائط المبنى الرئيس ـ الذي يعتقد أنه بني في القرن الحادي عشر ـ قبل أن تترك القوات الأميركية الدير إلى مصير غير معروف. وقال السرجنت هوارد ميلر، مشيرا إلى العمل الذي لم يكتمل الذي ستهلك طاقة الجيش الأميركي مع اقتراب الانسحاب: «نوشك على الانتهاء في بعض الأحيان لكننا لا ننتهي، إنني أرغب حقا في إتمام هذا الأمر». يعمل السرجنت ممرضا، وهو ضابط غير مكلف في المستشفى القتالي للمارينز، لكن سواء أكان ذلك من قبيل المصادفة أو عن عمد فهو أيضا أستاذ البناء بالحجر ومتمرس في الحفاظ على المباني التاريخية في موطنه في الولايات المتحدة. وخلال ساعات الراحة يعمل على جمع قطع الحجارة المكسورة من دير القديس إيليا. وفي حديقة خلف المستشفى يعيد تسخين تلك القطع ثم يسحقها في محاولة لإعادة صنع الطين الذي استخدم بنفس الطريقة التي استخدم قبل ألف عام لإعادة بناء أجزاء من الدير الذي لا يزال قائما حتى اليوم. وقال باتريك مورفي، قائد فريق إعادة البناء الأميركي هنا والذي ينسق عمليات الترميم مشيرا إلى الاسم الجديد للمحافظة التي تضم الموصل «نينوى أشبه بتصفح في التوارة». ولا يعرف الكثير عن تاريخ دير القديس إيليا أو دير مار إليا. ولم تتم دراسة المكان أو التنقيب فيه، بحسب مجلس الدولة العراقي للآثار والتراث الذي يشرف على المواقع الأثرية في العراق. وقبل الحرب احتل الحرس الجمهوري القاعدة، واستخدموا الأحواض كمراحيض، بحسب ما ذكره الأميركيون. ويعتقد أن تاريخ الدير يعود إلى أواخر عام 500 عندما جاءه إيليا الراهب الأشوري مما يعرف بتركيا. ويضم الدير 26 غرفة بنيت حول باحة مركزية في طبقات عدة من ولا تزال الكتابات المكتوبة بالغرافيت باللغة العربية والإنجليزية مكتوبة على بعض الجدران. وكتب شخص يدعى راؤول في لغة غير صحيحة «أديوس موصل». وقال الميجور جوليان بادجت متحدثا عن سوء معاملة الجيش للمكان وجهودهم الآن لإعادة تصحيحه: «عندما انتهينا تركنا المكان في حالة من الفوضى». الكنيسة في حد ذاتها مع بيت المعمودية وصحن الكنيسة ومذبح الكنيسة تظل سليمة لم تصب بأضرار كبيرة لكن الجدران الداخلية تضررت بصورة كبيرة. وتظل الكنيسة التي تأتي على شكل صدفة غير متضررة محفور عليه الصلاة لكن أخرى تبدو نهبت من قبل اللصوص. غطت أرضية الكنيسة الأتربة وقد سقط جزء من السقف وتجري الشقوق في أركان الكنيسة وسقفها ما يسمح بدخول أشعة الشمس وكذلك الأمطار والتي سببت المزيد من الأضرار.

وقال السرجنت ميلر « هدفنا هو منح دير سان إليجيا 100 عام أخرى من العمل».

* خدمة : «نيويورك تايمز» –