أحمدي نجاد للغرب: العصا لا تخيفنا.. والتوصل إلى اتفاق نووي ممكن من دون تهديد

قال إن الإفراج عن «كلوتيلد ريس» يتوقف على «القادة الفرنسيين».. وساركوزي يعتبر موقفه هذا «تبرئة» لها

TT

طلب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من الولايات المتحدة والغربيين احترام إيران والكف عن تهديدها لإتاحة المجال للتوصل إلى اتفاق حول تخصيب اليورانيوم. في وقت أكد فيه وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، أن إيران على استعداد لبحث مقترحات القوى الكبرى من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن تبادل اليورانيوم منخفض التخصيب وتسوية الأزمة بين طهران والغربيين بشأن الملف النووي.

وقال نجاد إن «كل شيء ممكن»، وذلك في معرض حديثه عن كمية اليورانيوم منخفض التخصيب الممكن أن ترسله إيران إلى الخارج مقابل الحصول على وقود نووي لمفاعل الأبحاث في طهران. وأضاف: «400 كيلوغرام، 800 كيلوغرام.. هذا غير مهم. ولكن ليس في مناخ التهديد. عليهم أن يغيروا لهجتهم، في إطار الاحترام والشرعية. في هذه الحالة نحن جاهزون للجلوس على طاولة من أجل التوصل إلى اتفاق. لكن إذا كانوا يعتقدون أن بإمكانهم رفع العصا في وجهنا لتهديدنا فإن هذه المرحلة قد ولت».

وتسعى الدول الكبرى لإخراج 1200 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب من إيران، وهو ما يضمن في رأي هذه القوى أن إيران لا تسعى لامتلاك السلاح النووي. وقال أحمدي نجاد في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية من كوبنهاغن: «منذ البداية لم يشكل تسليم 1200 كلغ من اليورانيوم (منخفض التخصيب) مشكلة بالنسبة لنا. ولكننا رأينا أنهم حولوا الأمر إلى فضيحة سياسية لممارسة الضغط علينا. قالوا إنهم يريدون أخذ هذا اليورانيوم لكي يمنعوا إيران من صنع قنبلة». وأضاف: «1200 كلغ ليست كمية كبيرة. نحن نمتلك التكنولوجيا وننتج حاليا هذا اليورانيوم بنسبة 3.5%. نحن مستاؤون من الطريقة التي يتصرف بها (الغربيون) معنا». ورفض أحمدي نجاد التهديد بفرض عقوبات على إيران، مؤكدا أنها لن تؤثر على بلاده. وقال: «إنهم يهددوننا الآن بعقوبات، بقرارات وبضغوط. هذه عودة إلى الوراء، (ولكن) نحن لن نتساهل مع هذا الوضع».

ومن المفترض أن تجري القوى العظمى (الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا وألمانيا)، التي تسعى للتفاوض مع إيران بخصوص برنامجها النووي، محادثات هاتفية في 22 ديسمبر (كانون الأول) الحالي على ما أعلن دبلوماسي أميركي الأربعاء. وأوضح أن المحادثات ستجري بين المديرين السياسيين في وزارات خارجية الدول الست للبحث، خاصة، في فرض عقوبات جديدة.

وقد رفضت إيران في 18 نوفمبر (تشرين الثاني)، الماضي مشروع اتفاق عرضته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 21 أكتوبر (تشرين الأول) بعد مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا. ويقضي مشروع الاتفاق بأن ترسل إيران اليورانيوم إلى بلد آخر لتخصيبه بغية الحصول على وقود لمفاعل الأبحاث في طهران. وبحسب مسؤول أميركي، فإن مشروع اتفاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدعو إيران لإرسال «1200 كلغ من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى روسيا دفعة واحدة»، لتخصيبه بنسبة 20% وتحويله بعد ذلك في فرنسا إلى وقود لمفاعل الأبحاث في طهران.

وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) أعلن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي أن طهران مستعدة لمبادلة 400 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب الذي تملكه في جزيرة كيش مقابل كمية موازية مخصبة بنسبة 20% لبدء عملية تفاوض مع القوى الكبرى. ورفضت الولايات المتحدة هذا الاقتراح، معتبرة أنه لا يتضمن «أي شيء جديد». وقال أحمدي نجاد: «نحن نعتمد سياسة شفافة. لو كنا نرغب في صنع القنبلة النووية لكانت لدينا الجرأة لنقول ذلك. عندما نقول إننا لا نصنع القنبلة، فهذا هو الواقع، لأننا لا نؤمن بالقنبلة الذرية».

وأمس قال متقي في طهران، إن إيران على استعداد لبحث مقترحات القوى الكبرى من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن تبادل اليورانيوم وتسوية الأزمة بين طهران والغربيين بشأن الملف النووي. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا» عن متقي قوله: «نحن على استعداد لبحث مقترحات الطرف الثاني بشأن تبادل الوقود النووي». من جهة ثانية، قال الرئيس أحمدي نجاد إن بلاده تريد إطلاق سراح الشابة الفرنسية كلوتيلد ريس، التي تحاكم بتهمة الاشتراك في الحركة الاحتجاجية التي أعقبت الانتخابات، لكن ذلك يتوقف على «القادة الفرنسيين»، في موقف اعتبره نظيره الفرنسي «تبرئة» لمواطنته. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، إن ريس «متهمة في نظر العدالة. لقد أطلق سراحها بكفالة وهي موجودة في السفارة الفرنسية. لقد طالبتنا الحكومة الفرنسية ببادرة وفعلنا ذلك.. لكن رد الحكومة الفرنسية لم يكن جيدا». وأضاف: «نريد تسوية هذه المسألة، لكن ذلك يتوقف على سلوك القادة الفرنسيين. إذا صححوا قليلا سلوكهم وتحركوا بطريقة متوازنة فإن الأمر سيسوى. هم يعرفون ما عليهم القيام به»، من دون أن يوضح إلى ماذا يشير.

وكان الرئيس الإيراني أشار في السابق، ردا على سؤال عن إمكان الإفراج عن ريس، إلى إيرانيين معتقلين في فرنسا. وأضاف أحمدي نجاد: «لقد جرت محادثات وتم تبادل رسائل. إنهم يعرفون ما الذي يجب فعله.. لا أريد الدخول كثيرا في التفاصيل، ولكني آمل أن يسوى هذا الأمر لأننا لا نريد أن تكون هناك مشكلة بين شعبينا وبين بلدينا». من جهته، أعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي في كوبنهاغن، عن «سروره» بتصريحات أحمدي نجاد، معتبرا أنها «تبرئ» مواطنته. وقال ساركوزي: «أنا مسرور جدا لهذا التصريح الذي أدلى به أحمدي نجاد. بقوله ما قال، فهو يبرئ كلوتيلد ريس». وأضاف: «يبدو، بحسب تصريحه، أن كلوتيلد ريس محتجزة في إيران ليس بالنسبة إلى ما قامت به، ولكن إلى ما قام به القادة الفرنسيون. هي إذا بريئة. وهذا ما لم أكف عن قوله منذ بدء الأزمة».

وأكد الرئيس الفرنسي أن «كلوتيلد ريس تبلغ من العمر 22 عاما ولم تكن أبدا جاسوسة. أثمن ما قاله لتوه أحمدي نجاد الذي أكد بالتالي أن احتجازها تم بسبب خطأ ارتكبه القادة الفرنسيون وليس لما قامت به». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان سيلبي مطالب الإيرانيين، أجاب ساركوزي: «لا أريد أن أفعل أي شيء يفاقم الأمور. آمل أن تعود كلوتيلد ريس إلى فرنسا». واعتقلت كلوتيلد ريس، المحاضرة باللغة الفرنسية في جامعة أصفهان (وسط)، في الأول من يوليو (تموز) لمشاركتها في مظاهرات احتجاجية على فوز الرئيس أحمدي نجاد في 12 يونيو (حزيران) بولاية رئاسية ثانية. وأفرج عنها بكفالة في 16 أغسطس (آب) بشرط بقائها في مقر السفارة الفرنسية في انتظار صدور الحكم عليها.

وبحسب وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، فإن الشابة الفرنسية متهمة بالمشاركة في تجمعات وأعمال شغب يومي 15 و17 يونيو (حزيران) وبجمع معلومات وصور سلمت إلى الملحق العلمي في السفارة الفرنسية في طهران. وبحسب وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، فإن ريس «اعترفت» مطلع أغسطس بأنها شاركت «لدوافع شخصية» في المظاهرات وأعدت تقريرا لمعهد تابع للمركز الثقافي في السفارة الفرنسية. وطلبت ريس «الصفح» آملة بـ«العفو» عنها، بحسب المصادر نفسها. أما السلطات الفرنسية، فتؤكد أن مواطنتها بريئة وأنه لا يمكن بالتالي إثبات أي تهمة عليها. ومثلت الشابة الفرنسية في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) أمام محكمة ثورية في طهران قبل أن تعود إلى السفارة حيث تمكث منذ منتصف أغسطس. وبحسب محاميها، فإن من المقرر أن تجري جلسة محاكمة أخرى لم يحدد القضاء موعدها بعد.