مصادر إسرائيلية: واشنطن تخطط لطرح تسوية مؤقتة تمهيدا لمفاوضات الحل الدائم

تقضي بانسحاب من مناطق «ب» وبعض «ج» ليصبح تحت سيطرة السلطة 60% من الضفة

TT

كشفت مصادر اسرائيلية عليمة ان الادارة الأميركية تراجعت عن فكرة التركيز على تسوية دائمة للصراع الاسرائيلي الفلسطيني والعودة الى طريقة التسويات المرحلية. والفكرة الجديدة تقضي بتوسيع منطقة نفوذ السلطة الفلسطينية بحيث تصبح مسيطرة سيطرة كاملة على 60% من الضفة الغربية.

وقالت هذه المصادر ان ادارة الرئيس باراك أوباما أدركت خطأها في طرح حلول حماسية ذات طموحات عالية، حتى لا تقع في أزمة ثقة جديدة مع الأطراف المعنية، كما حصل عندما طرحت على اسرائيل شرط تجميد البناء الاستيطاني بالكامل في القدس والضفة الغربية، لاستئناف المفاوضات، ثم تراجعت بعد أن أدركت ان الأمر غير ممكن مع الحكومة الاسرائيلية الحالية. فهذا التصرف صدم الفلسطينيين والعرب، وهم الذين بنوا كثيرا على تصريحات أوباما المتفائلة عن تسوية دائمة في غضون سنتين. وأفقد هذه الادارة المصداقية في اسرائيل أيضا، حيث فهموا ان بالامكان القول«لا» للرئيس الأميركي من دون أن يؤدي ذلك الى أزمة في العلاقات. وحسب المصادر المذكورة، فإن الرئيس أوباما يدرك الآن ان الطرفين غير جاهزين لتسوية دائمة حيث ان الحكومة الاسرائيلية يقيدها اليمين المتطرف، والسلطة الفلسطينية ممزقة ما بين حماس وفتح وما بين غزة ورام الله. ولهذا، فإن من الأفضل التروي والتوجه الى خطوات مرحلية محسوبة «خطوات صغيرة ناجحة هي أفضل بكثير من خطوات كبيرة فاشلة». وأوضحت المصادر ان الرئيس أوباما توصل الى هذا القرار بتوصية من دنيس روس، مستشاره لشؤون الشرق الأوسط الذي شغل عدة مناصب تتعلق بقضية الشرق الأوسط في الماضي ويعتبر المسؤول ذا الخبرة الأغنى في البيت الأبيض اليوم. ووضع روس خطة تقضي بانسحاب اسرائيل من المناطق «ب»، التي تعادل مساحتها 20% من الضفة الغربية ووفقا لاتفاقات أوسلو تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية اداريا ولكنها أمنيا خاضعة لسيطرة اسرائيل، وتحويلها الى منطقة «أ» التي تبلغ مساحتها هي أيضا حوالي 20% ولكنها تخضع بالكامل، اداريا وأمنيا للسلطة الفلسطينية. كما تقضي خطة روس الجديدة بانسحاب اسرائيل من 20% اضافية من الضفة الغربية، بحيث تصبح المنطقة التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية 60% من الضفة وتكون ذات امتداد جغرافي.

وتؤكد صحيفة «معاريف» الاسرائيلية ان هذه المقترحات ستقدم للطرفين، الفلسطيني والاسرائيلي، كاقتراح أميركي متكامل. وان واشنطن تعتبره مقدمة لاستئناف مفاوضات السلام حول التسوية الدائمة.

وحسب مصادر أخرى، ستقترح الادارة الأميركية على الطرفين اجراء هذه المفاوضات بشكل مكثف بنفس طريقة «شيبرد ستون»، التي جرت في ظل حكومة بنيامين نتنياهو الأولى والتي أفرزت اتفاقية الانسحاب من الخليل ومن 13% من الضفة الغربية سنة 1998.

وتقول «معاريف» ان القيادتين الاسرائيلية والفلسطينية لن تستطيعا رفض هذه المبادرة، أصبح معروفا لدى الأمريكيين برضوخه للضغوط. وفي ظروف الخريطة الحزبية الحالية في اسرائيل، قد يكون نتنياهو ينتظر هذه الضغوط ويحتاج اليها ويرغب بها، إذ ان رموز اليمين المتطرف في حكومته أبدوا تفهما لهذه الضغوط في قضية تجميد الاستيطان الجزئي المؤقت وراحوا يدافعون عن قراره ويقولون انه ما كان ممكنا السماح بأزمة مع الولايات المتحدة في موضوع كهذا، وقد يتم تكرار هذا الموقف في مشروع روس هذا. اضافة الى ان قوى عديدة في اليمين والوسط في اسرائيل تريد تحريك المسيرة السياسية بأي ثمن، حتى تلجم الهبة العدائية لاسرائيل في الخارج. وكما كتبت الصحيفة فإن اسرائيل تواجه تدهورا في مكانتها السياسية في العالم اليوم بشكل غير مسبوق. وما حدث في بريطانيا في الأسبوع الماضي (صدور أمر باعتقال تسيبي لفني لمحاكمتها بتهمة ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الأخير على قطاع غزة وقبلها تقرير غولدستون والأزمة مع تركيا وغيرها)، ما هي إلا اشارات تدل على مدى هذا التدهور في مكانة اسرائيل.

وأما في الطرف الفلسطيني، فإن الأميركيين يرون ان الرئيس محمود عباس (ابو مازن)، ورغم معارضته للتسويات المرحلية، لن يستطيع الاعتراض على تسلم منطقة اضافية في الضفة الغربية بهذه المساحة الكبيرة. وليس سهلا عليه ان يقول لا لهذا المشروع.

ولذلك، فإن الادارة الأميركية ترى ان هناك أملا حقيقيا بنجاح المشروع وتطبيقه، ملتزمة الحذر والتقدم فيه خطوة خطوة.