بعد ليلة من المناقشات المتوترة.. قمة المناخ تقبل بأهداف متواضعة متخلية عن الكبرى والملزمة

الوثيقة تدعو الدول الصناعية والنامية للالتزام بتقليص انبعاث غازات الدفيئة درجتين مئويتين

TT

بعد ليلة من المناقشات المحتدمة في أجواء من التوتر، لا يزال مؤتمر المناخ في كوبنهاغن مترددا في تبني اتفاق توصل إليه مساء أول من أمس 30 رئيس دولة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

وذكر معارضون أن الوثيقة ضعيفة للغاية. وتحدد الوثيقة هدفا يلزم الدول بخفض انبعاث الكربون للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بواقع درجتين مئويتين، وتشير إلى احتمال تقديم مساعدات سنوية تبلغ 100 مليار دولار للدول النامية بحلول 2020.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «هذا لا يمثل، ربما، كل ما نأمل فيه، لكن القرار الصادر عن مؤتمر الأطراف (الممثلة) يشكل مرحلة أساسية»، وذلك بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة وقمة شارك فيها 130 رئيس دولة.

وأعلن مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ أنه «أخذ علما» بالاتفاق الذي صادق عليه رؤساء ثلاثين دولة صناعية وناشئة. وقال ديفيد دونيغر الخبير في مركز المناخ التابع لمجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية في الولايات المتحدة، «لقد وجدوا وسيلة لمنح هذا الاتفاق إقرارا رسميا بحيث تم إقناع غير المقتنعين به بعدم رفضه».

وأحيل هذا «الإعلان السياسي» الذي سارع إلى إعلانه الرئيسان الأميركي باراك أوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي باعتباره «اتفاق كوبنهاغن»، على الجمعية العامة التي تضم 193 دولة.

ورغم أن أوباما وساركوزي اعتبرا أن الاتفاق «غير كاف»، علما بأن ساركوزي رأى فيه «أفضل اتفاق ممكن»، فإن الوثيقة المؤلفة من ثلاث صفحات تحدد هدفا يتمثل في الحد من ارتفاع حرارة الأرض بدرجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

ومن جانبه وصف رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون قمة المناخ بأنها «خطوة أولى» على طريق معاهدة شرعية ملزمة يجب أن تقبل بها الدول سريعا.

وفي مقابلة مع محطة التلفزيون البريطانية «سكاي نيوز» من العاصمة الدنماركية إثر القمة، قال براون إن قمة كوبنهاغن كانت «نجاحا» لأنها أتاحت اجتماع دول بطريقة لم تحصل أبدا من قبل.

وأضاف «هناك تقدم قد حصل ولكنه خطوة أولى». وأوضح أن «الأمور دائما صعبة، دائما من الصعب تحقيق هذه الخطوة الأولى. بعد الخطوة الأولى هذه، آمل أن نتمكن من التحرك سريعا في المستقبل من أجل التوصل إلى معاهدة شرعيا ملزمة».

وقال أيضا «هذا الأمر لم يكن المسألة الوحيدة التي طرحت خلال الأسبوع ولكن أعتقد أنه من المهم ترسيخ جميع المقترحات التي أقرت والتقدم نحو معاهدة شرعية ملزمة». وأضاف «لا أعتقد أنه كان بإمكاننا أن ننتظر أكثر لما حصل خلال الأيام الأخيرة».

وبعد ليلة طويلة، اكتفى رئيس الوزراء الدنماركي لارس لوكي راسموسن، رئيس الجلسة العلنية الختامية للمؤتمر، الذي احمرت عيناه تعبا، بإعطاء الكلمة لمتحدثين ليعبروا عن لائحة طويلة من الطعون في «الاتفاق».

وانتقد ممثل أرخبيل توفالو الصغير في جنوب المحيط الهادئ، بشدة مشروع الاتفاق وشبهه بـ«حفنة من الأموال من أجل خيانة شعبنا ومستقبلنا».

ورغم أن الاتفاق ينص على إنشاء صندوق خاص ومبلغ سيرتفع تدريجيا إلى مائة مليار دولار بحلول العام 2020، لصالح الدول الأكثر ضعفا بشكل أولوي، فإن هذا الاتفاق جرى التفاوض عليه سرا وراء الأبواب المغلقة، ما يتعارض مع القواعد المتعددة الطرف للأمم المتحدة.

وفي حده الأدنى، يدعو الاتفاق الدول الصناعية والدول النامية إلى تأكيد التزامها تقليص انبعاث غازات الدفيئة خطيا بحلول نهاية يناير (كانون الثاني)، ويلحظ آليات تضمن الشفافية في التطبيق. لكنه لا يحدد موعدا نهائيا يتم بعده تقليص تلك الانبعاثات في شكل تدريجي.

كذلك، ينص الاتفاق على رصد 30 مليار دولار على الأمد القصير، أي خلال الأعوام 2010 و2011 و2012، على أن تتم زيادة هذا المبلغ ليصل إلى مائة مليار دولار بحلول العام 2020.

وستخصص هذه الأموال في شكل رئيسي للدول الأكثر فقرا بهدف مساعدتها في احتواء تداعيات الاحتباس الحراري.

لكن عددا من المنظمات غير الحكومية نددت بما اعتبرته «إخفاقا»، وأصيب عدد من المفاوضين بخيبة أمل كبيرة كون الفقرة التي تشدد على ضرورة التوصل إلى اتفاق «ملزم قانونا» من الآن حتى مؤتمر المناخ في مكسيكو في نهاية 2010 تم حذفها من النص النهائي.

واقترحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل استضافة مؤتمر في منتصف الطريق، وتحديدا في يونيو (حزيران) المقبل في بون.

وعلق خبير المناخ الفرنسي جان جوزيل خارج القاعة العامة للمؤتمر أن «الحزن هو السائد»، مذكرا بالأجواء الواعدة التي سادت قبل عامين مؤتمر بالي الذي أطلق «خريطة الطريق» تمهيدا لكوبنهاغن.