بنود اتفاق كوبنهاغن.. لا تواكب المتطلبات الدولية

نتائجها قد تؤدي إلى تغيرات مناخية مدمرة

TT

يتسم اتفاق كوبنهاغن الأخير حول التغيرات المناخية في العالم بنواقص كثيرة وخطيرة، لأن بنوده لا تواكب المتطلبات الدولية للحد من الاحتباس الحراري في الأرض وقد تؤدي إلى ظهور تغيرات مناخية مدمرة.

وقد تراوحت ردود الفعل تجاه الإعلان عن الاتفاق بين التأييد الفاتر والاستنكار لأنه جاء مخيبا لآمال الكثير من الدول النامية ومنظمات الدفاع عن البيئة، ولأنه قد تم عقده بالفعل بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ورئيس الوزراء الصيني، وين جياباو، بعد تأييد دول نامية كبرى مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.

وتتلخص أهم النقاط المثيرة المرتبطة بهذا الاتفاق في ما يلي:

* المناخ: من المقبول على نطاق واسع، أن ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين، يمثل «تغيرا مناخيا محفوفا بالمخاطر»، وفقا لخبراء الأمم المتحدة. ولذلك فقد أوصى الخبراء بضرورة تجنب الوصول إلى هذا المستوى الخطر، وذلك بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 25 في المائة عن مستوياتها لعام 1990، وذلك بحلول عام 2020.

ويشير الاتفاق الجديد إلى أنه «يعترف» بأن الهدف هو عدم زيادة الحرارة بدرجتين مئويتين، إلا أنه لا يتخذ خطوات لدعم هذا الهدف! ولم يتم تحديد السنة اللازمة لخفض الانبعاثات، ولم تحدد أهداف جماعية للحد منها.

ولذلك فقد جاء الاتفاق ضعيفا جدا، لأنه لم يلزم الدول المتقدمة بتخفيض شامل لمعدلات انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهذا ما سيقود إلى احتمال ارتفاع درجة حرارة الأرض بـ3 درجات مئوية بدلا من درجتين.

* التكنولوجيا النظيفة: يشير خبراء صناعات التكنولوجيا «الخضراء» إلى أن الاتفاق لن يقدم على الأغلب أي حوافز تشجيعية لزيادة الاستثمارات في ميدان الأجهزة والتقنيات المصممة لتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أجواء الأرض.

ويتطلب انطلاق هذه الصناعات وضع حدود عالية لأسعار انبعاث ثاني أكسيد الكربون بهدف دفع الشركات للاستثمار في التقنيات الخضراء بدلا من الحالية، كما يتطلب دفع عمليات البحث والتطوير للأجهزة والتقنيات الجديدة، وبعكسه فإن كل القطاع قد يتأخر في إنتاجها.

* خسارة أوروبا السياسية: من ناحية السياسة الدولية فإن الاتفاق كرس رغبة الولايات المتحدة والصين للتعاون بمفردهما، إضافة إلى الدول النامية الكبرى وهي الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا. وعلى الرغم من قيام الاتحاد الأوروبي بالكثير من الأعمال التمهيدية لمؤتمر كوبنهاغن فإن الاتحاد لم يعلم بأن الرئيسين، الأميركي والصيني، قد أبرما اتفاقهما، وأنهما يتأهبان لإعلانه. وعلى الرغم من أن بنود الاتفاق لا تتلاءم مع الأهداف التي قدمتها عدة دول أوروبية، فإن الاتحاد الأوروبي ارتأى عدم معارضة الاتفاق.

* دور أوباما: الرئيس أوباما أدار بشكل حاذق كل مسلسل إعلان البيت الأبيض للاتفاق لنخبة من الصحافيين الأميركيين. وأعلن عن الاتفاق مباشرة على مسامع الأميركيين قبل أن يتعرف عليه مندوبو الدول الأخرى. كما أن منع مشاركة ممثلي المنظمات غير الحكومية والصحافة، في اليوم الأخير للمؤتمر حال دون تدخلهم للتمحيص في الاتفاق.

* الحصيلة النهائية: وجهت ضربة قاسية إلى مبدأ العمل الجماعي الدولي لحل المشكلات البيئية، إذ تم تقديم الاتفاق إلى مجموعة دول العالم على أساس، إما اختيار الموافقة عليه أو رفضه بدلا من التوصل إلى اتفاق دولي شامل. ولذا، فيبدو أن مؤتمرات الأمم المتحدة حول المناخ ستكون غير ذات مغزى في المستقبل.