وفاة منتظري الخليفة المعزول للخميني.. وأنصار المعارضة يتجمعون في طهران وقم

شرطة مكافحة الشغب تتمركز بكثافة في قم ومخاوف من تحول جنازته اليوم لاستعراض للقوة > كروبي: الحركة الإصلاحية لا تعتمد على شخص واحد

آية الله حسين علي منتظري (أ.ف.ب)
TT

توفي رجل الدين الإيراني المعارض البارز آية الله العظمى حسين علي منتظري الذي كان من أشد منتقدي القيادة المحافظة في إيران وندد بانتخابات الرئاسة التي جرت في يونيو (حزيران) بوصفها مزيفة.

وقال موقع إصلاحي على الإنترنت إن أنصار منتظري، الذي توفي عن 87 عاما ويعد مهندس الثورة الإسلامية عام 1979، يتدفقون منذ أمس على مدينة قم لحضور جنازته التي تشيع اليوم. كما تجمع أنصار المعارضة في ميادين طهران أمس حدادا عليه.

وجاء في بيان لمكتبه من مدينة قم الدينية التي يقيم فيها منذ سنوات، أن منتظري توفي جراء المرض ليلة السبت - الأحد. وصرح مسؤول رسمي أن جنازة منتظري ستتم اليوم، وسيجري دفنه في ضريح السيدة «المعصومة» في قم. وحسب وسائل إعلام رسمية في إيران فإن منتظري توفي إثر إصابته بأزمة قلبية، وقال أحد المراقبين في طهران إن دفنه قد يتحول إلى استعراض للقوة من قبل المعارضة. وتتزامن وفاة منتظري مع تزايد التوتر مجددا في البلاد بعد ستة أشهر من انتخابات الرئاسة التي أغرقت إيران في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ 30 عاما.

وقال ناصر منتظري أحد أحفاد الزعيم المعارض الراحل، لـ«رويترز» من قم جنوب طهران «توفي جدي أثناء نومه الليلة الماضية (مساء أول من أمس). يأتي الناس والأصدقاء لتقديم تعازيهم لكن ليست هناك إجراءات أمنية خاصة حول منزلنا». وقال باقر معين المحلل الإيراني الذي يتخذ من لندن مقرا له إن مراسم الدفن التي تبدأ اليوم قد تتحول إلى نقطة تجمع للمعارضة الإصلاحية وقد يثير هذا قلق السلطات. وأضاف معين «كم الدعم الذي يظهر له سيشجع المعارضة الحزينة لخسارته».

وقال موقع إصلاحي إلكتروني إن أتباع منتظري يسافرون من أجزاء أخرى من إيران إلى قم. وقال موقع «برلمان نيوز» الإصلاحي على الإنترنت «الآلاف من أصفهان ونجف آباد ومدن أخرى متجهون إلى قم لتشييع جنازة منتظري». وأورد موقع «تغيير» التابع لرجل الدين المؤيد للإصلاح مهدي كروبي أن أتباع منتظري يتجمعون في طهران. وقال «دعت الشبكة الاجتماعية لحركة الإصلاح أنصارها للتجمع في ميدان محسني للحداد.. بعد تقارير أفادت بأن الناس تجمعوا بالفعل في بعض الميادين الأخرى بطهران». وأظهرت لقطات الفيديو التي نشرت على الإنترنت مئات الناس يتجمعون لوداع منتظري عند الجامعات في طهران وتصويرا لتجمع كبير قال الملصق إنه تجمع في نجف آباد حيث ولد منتظري. وهتفت الحشود في نجف آباد قائلة «منتظري هنيئا لك الحرية» و«سنسير على نهجك يا منتظري المظلوم».

وكان يتردد في الثمانينات أن منتظري سيخلف زعيم الثورة الراحل آية الله روح الله الخميني كزعيم أعلى لإيران لكنه اختلف معه بسبب الإعدام الجماعي لسجناء ووضع منتظري الذي هو واحد من أكبر رجال الدين بإيران رهن الإقامة الجبرية في منزله لعدة سنوات حتى عام 2003 لكنه ظل صوتا معارضا بارزا حتى وفاته رغم أنه نادرا ما غادر منزله في مدينة قم.

وقال المحلل الإيراني معين «سنتذكره دائما على أنه الرجل الذي ضحى بمنصبه السياسي من أجل مبادئه» واصفا إياه بأنه كان ملهما لرجال دين آخرين مؤيدين للإصلاح. ومنتظري الذي كان حليفا وثيقا للخميني قبل الثورة سجنته الشرطة في عهد الشاه المدعوم من الولايات المتحدة عدة مرات وكان من بين أقوى المنتقدين للحكومة في مؤسسة دينية اتسعت هوة الخلافات داخلها خلال الاضطرابات التي سببتها انتخابات 12 يونيو (حزيران).

وفي أغسطس (آب) قال على موقعه على الإنترنت إن تعامل السلطات مع الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات «يمكن أن يؤدي إلى سقوط النظام» وندد بالقيادة الدينية بوصفها دكتاتورية. وتقول المعارضة المؤيدة للإصلاح إن الانتخابات تم التلاعب فيها لضمان إعادة انتخاب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد. وتنفي السلطات هذه الاتهامات وصورت احتجاجات المعارضة التي اندلعت عقب الانتخابات التي أخمدها الحرس الثوري على أنها محاولة مدعومة من الغرب لتقويض المؤسسة الدينية.

وتزايدت التوترات في وقت سابق من الشهر الحالي عندما اشتبك طلبة مؤيدون للمعارضة مع قوات الأمن المسلحة بهراوات وغاز مسيل للدموع في أكبر احتجاج مناهض للحكومة منذ شهور. وهدد القضاء الإيراني الأسبوع الماضي باتخاذ إجراءات قانونية ضد شخصيات معارضة بارزة لإذكائها الاضطرابات بعد الانتخابات. لكن كروبي المؤيد للإصلاح والذي حل رابعا في الانتخابات قال إن التهديدات بالاعتقال ستزيده هو وغيره إصرارا على التمسك بالطريق الذي بدأوه. وقال كروبي في بيان على موقعه على الإنترنت أمس «يعتقدون أن الحركة الإصلاحية الشعبية تعتمد على شخص واحد.. لقد عقدت العزم على مواصلة هذا الطريق وفي وجود التهديدات بالاعتقالات لن أتراجع».

ولم تقدم وسائل الإعلام الرسمية في البداية تغطية تذكر لوفاته، لكن النبأ تصدر برامج التلفزيون الحكومي الرئيسية في فترة ما بعد الظهر. وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية إن «عناصر إشكالية» في أسرة منتظري وتصريحاته «التي يقدرها أعداء الجمهورية الإسلامية» هي الملومة في بعده عن الخميني قبل عقدين.

وبدلا من أن يخلف منتظري الخميني عند وفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية عام 1989 أصبح آية الله علي خامنئي الزعيم الأعلى للبلاد.

ولم تذكر أي من وسائل الإعلام الرسمية أو شبه الرسمية لقب «آية الله العظمى» في نقلها خبر وفاته. حتى أن بعض الوسائل الإعلامية استخدمت عبارة «السيد» منتظري. وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إيرنا» في السيرة الموجزة التي أعدتها عن منتظري إنه كان «شخصية دينية محركة لمثيري الشغب» في إشارة إلى المحتجين على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، وانتقدت «تصريحاته الخالية من الأسس والتي رحب بها الإعلام المعادي للثورة»، فيما قال التلفزيون المحلي إنه توفي «بسبب المرض والخرف».

وكان منتظري، أعرب صراحة عن دعمه للمعارضة الإيرانية التي تضم العديد من الطلاب، في رفضها لإعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا للبلاد مرة ثانية في يونيو الماضي. وعارض منتظري تركيز السلطة في أيدي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية ودعا إلى تغيير الدستور الذي ساعد في وضعه عقب الثورة الإسلامية، للحد من سلطة المرشد الأعلى. وانتقد منتظري في العديد من المناسبات الرئيس الإيراني المتشدد بسبب سياسته الداخلية والخارجية بما في ذلك موقفه من الأزمة بين إيران والغرب بسبب البرنامج النووي. كما دعا العديد من رجال الدين البارزين إلى الخروج عن صمتهم حيال انتهاكات حقوق الإنسان خلال حملة القمع التي شنتها الحكومة ضد أنصار المعارضة في الاحتجاجات التي أعقبت فوز أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية بفترة ولاية ثانية، والذين قالوا إن الانتخابات كانت مزورة.