نساء بر الصين الرئيسي يتدفقن على هونغ كونغ للولادة

هربًا من سياسة الطفل الواحد وبحثًا عن خدمات طبية أفضل

TT

يتمتع المولود الصغير روجر هوانغ الذي وُلد في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) بالصحة والسعادة، لكنه بالنسبة إلى الحكومة الصينية ليس موجودا، إلا أن هذا ليس رسميا. فقد وُلد في هونغ كونغ، بعدما انتقلت أمه هوانغ روي (31 عاما) التي تعمل صحافية بالقطعة في بكين إلى هنا في يونيو (حزيران) للحاق بزوجها الذي قدم من شنغهاي ليعمل في أحد البنوك. وكانت تلك الخطوة استراتيجية للغاية، لأن هوانغ تخطط للحصول على طفل ثانٍ خلال الفترة المقبلة، وهو ما يتعارض مع سياسة تنظيم الأسرة الصينية (طفل واحد)، وبالتالي فقد ذهبت إلى هونغ كونغ لأن الحكومة تقوم بحساب الأطفال المولودين فيها (أبدت الصين خلال السنوات الماضية تساهلا في تطبيق سياسة الطفل الواحد، بينما يتجادل المسؤولون الفيدراليون حاليا حول ضرورة اتخاذ تغيرات أكثر جذرية). وتقول هوانغ: «كنت أنوي إنجاب طفلين خلال ثلاث سنوات، قبل أن أفقد شبابي. وولادة الطفل في هونغ كونغ أمر طيب، حيث أصبح بإمكاني إنجاب طفل آخر».

وتعد هذه الثغرة في سياسية الطفل الواحد في الصين السبب الرئيسي التي جعلت الأمهات الصينيات يتدفقن على المستشفيات في هونغ كونغ خلال السنوات الماضية. كما تأتي الكثير من هؤلاء النساء إلى هنا لما يمكن اعتباره خدمات طبية أفضل حيث تضم المستشفيات في هونغ كونغ أطباء وممرضات تم تدريبهم في الغرب. ويحصل الأطفال المولودون لأمهات من بر الصين الرئيسي (الذي لا يشمل على هونغ كونغ وماكاو) على الإقامة الدائمة والكثير من المميزات الأخرى التي تشمل التعليم المجاني، والرعاية الصحية المجانية، بالإضافة إلى جواز سفر هونغ كونغ مع إمكانية دخول أكثر من 100 دولة دون تأشيرة.

من جهة أخرى، ذكرت حكومة هونغ كونغ أن نحو 44 طفلا من إجمالي 100 طفل وُلدوا خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الحالية في هذه المستعمرة البريطانية السابقة، كانوا لأمهات من بر الصين الرئيسي، بعدما كان العدد يتراوح بين 18 و100 في عام 2002، وذلك لتخفيف القيود على الحدود.

وقد تكثفت رحلات النساء في اتجاه هونغ كونغ من أجل الولادة، حتى أن العديد من الخدمات المتعلقة بالحمل قد تزايدت إلى حد كبير بالإضافة إلى تزايد الإعلانات على شبكة الإنترنت وعبر الرسائل الهاتفية. وتتضمن تلك الخدمات تدبير تصاريح سفر الحوامل إلى هونغ كونغ وحجز الغرف في الفنادق. ويعد هذا التوجه دليلا على ارتفاع مستوى المعيشة في الصين، فعلى الرغم من أن المهاجرين السابقين إلى هونغ كونغ كانوا من الفقراء الذين يأتي معظمهم من مقاطعة غوانغزو، فإن النساء اللاتي يخترن حاليا المنطقة التي سيلدن فيها هن من الحاصلات على أعلى درجات التعليم في بكين أو شنغهاي، وهن يسافرن إلى هونغ كونغ بالطائرة لا بالقطار، ويُقِمن في الفنادق أو يستأجرن الشقق خلال الفترة التي ينتظرن فيها الولادة، كما أنهن على استعداد لدفع أجر خدمات الرعاية الصحية. ويقول يو كاي مان، وهو طبيب نساء وولادة: «إن السيدات اللاتي يأتين إلى هونغ كونغ للولادة حاصلات على أرفع الدرجات التعليمية، ولأن لديهن المال فهن يعتقدن أنهن يستحققن المزيد».

وفي مواجهة ارتفاع أعداد حالات الولادة التي تتم عبر الحدود، أعلنت سلطات هونغ كونغ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن وقف حجوزات الولادة كافة في المستشفات العامة للحوامل من بر الصين الرئيسي حتى نهاية العام. ويرجع ذلك، وفقا لتصريح لسلطات المستشفى، إلى رغبة السلطات في التأكد من وجود أماكن تكفي سيدات هونغ كونغ خلال ذروة موسم الولادة. ولا ينطبق ذلك القرار على مستشفيات الولادة الخاصة التي تكون دائما مستعدة لاستقبال الحوامل من بر الصين الرئيسي لملء أجنحة الولادة بالمستشفيات والحصول على مزيد من العائدات.

يُذكر أن هونغ كونغ التي يبلغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة، كانت تعاني انخفاض معدل المواليد لتأخر إنجاب العديد من السيدات للأطفال أو لاختيارهن عدم الإنجاب على الإطلاق. وبالتالي فإن المستشفيات الخاصة تعتمد على الأمهات من بر الصين الرئيسي لتشغيل أجنحة الولادة لديها. يقول الطبيب يو إن مستشفى «يونيون» في هونغ كونغ يسجل نحو 5500 حالة ولادة سنويا، يأتي «أكثر من نصفها بقليل من بر الصين الرئيسي». وأضاف أن المستشفى لديه قائمتان للحوامل، الأولى للنساء المحليات اللاتي لهن الأولوية والثانية للنساء الآتيات من بر الصين الغربي. ويقول أيضا إن النساء المحليات لا يفضلن الإنجاب في الكثير من الحالات بينما تسعى دائما سيدات بر الصين الغربي للحصول على المزيد من الأطفال. ويعد قدوم سيدات بر الصين الرئيسي للولادة في هونغ كونغ أمرا طيبا على المستوى المادي، فهو يفيد المستشفى والأطباء والجميع، حسبما يذكر الطبيب يو.

وكانت سياسة التسعير قد أثارت مؤخرا جدلا بسبب صدمة المئات من سيدات بر الصين الرئيسي والمتزوجين من رجال من هونغ كونغ بارتفاع الأسعار. ويقول المدافعون عن ذلك التوجه إن السيدات المتزوجات من رجال من هونغ كونغ واللاتي يعشن فيها، لا يجب وضعهن ضمن فئة الحوامل السائحات اللاتي يأتين من بر الصين الرئيسي فقط للولادة.

وقالت امرأة تبلغ من العمر 31 عاما، وتعيش مع زوجها وابنهما الذي يبلغ سنتين: «إن عائلتنا تنتمي إلى هونغ كونغ، وقد كانت الحكومة غير عادلة عندما طلبت منا أن ندفع تلك الأموال». وقد تحدثت هذه المرأة شريطة عدم الإفصاح عن هويتها لأنها لم تسدد فاتورة مستشفى هونغ كونغ.

وتلتقي بعض السيدات بمساعدة جمعية «كاريتاس» الخيرية، مع سيدات من بر الصين الرئيسي لهن أزواج من هونغ كونغ لإيجاد طريقة لاستصدرا مشروع قانون لتغيير سياسة التسعير. وهن يقلن إنه يجب تقسيم نساء بر الصين الرئيسي إلى فئتين: المتزوجات من رجال من هونغ كونغ أو اللاتي يعشن هنا، والثانية اللاتي يسافرن للولادة فقط. وتضيف المرأة: «إن أزواجنا مواطنون في هونغ كونغ. هم يدفعون الضرائب للحكومة. فلماذا لا نحصل على معاملة عادلة؟».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»