خلافات في الجامعة العربية بسبب تقريرها عن «تحديات التنمية»

وزراء الشؤون الاجتماعية العرب وجهوا انتقادات عنيفة ضده

TT

وقعت خلافات في الجامعة العربية بسبب تقريرها عن «تحديات التنمية»، ووجه وزراء الشؤون الاجتماعية العرب انتقادات عنيفة ضده أمس. وفي الوقت الذي أشاد فيه الأمين العام للجامعة، عمرو موسى، بالتقرير الذي يدور حول «تحديات التنمية في الدول العربية»، قوبل التقرير بانتقادات عنيفة من قبل الوزراء المشاركين في أعمال الدورة التاسعة والعشرين لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالقاهرة أمس.

ولفت موسى إلى أهمية التقرير الذي يرصد الجوانب الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، كاشفا عن وجود العديد من التحديات التي تواجه الدول العربية، مشيرا إلى أن تدهور الموقف السياسي وتراجع مستوى التعليم أوجدا عناصر خارجية متحكمة في مصائر الدول العربية مما زاد من تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة.

واعترض الوزير الكويتي محمد العفاسي مؤكدا خلال مداخلته أن الأمين العام لم يوضح بشكل جيد من هم الذين يتدخلون في شؤون الدول العربية ويحددون مصائرها، وانتقد وصف التقرير لدول الخليج فقط على أنها دول نفطية في حين أن هناك تنمية صناعية واقتصادية داخل هذه الدول وأنها تشهد عمليه نهضة. وطالب الأمانة العامة بضرورة طرح مثل هذه التقارير قبل الاجتماعات بوقت كاف حتى تتم دراستها بشكل جيد ووضع الملاحظات اللازمة عليها، مستنكرا عرض التقرير أثناء الجلسة والمطالبة بإطلاقه في نهايتها.

وزير الشؤون الاجتماعية السعودي يوسف بن أحمد العثيمين تبنى المطلب الكويتي نفسه، مؤكدا على أن التقرير بُذل فيه جهد علمي وتقني ومهني، ولكن عرضه لم يتضمن ما المطلوب من مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية تجاهه، قائلا: «هل تطالب الجامعة بعرضه فقط، أم اعتماده من قبلنا، أم المناقشة؟.. وإذا كان الأمر قضية تَبَنٍّ، فهذه هي المرة الأولى التي نطلع فيها على هذا التقرير، ونحتاج إلى وقت لدراسته، ففي الجدول الأخير المتعلق بالتنمية البشرية، هناك نقص واضح في المعلومات، ولنتبناه، ولنبني عليه سياسات فعالة واضحة، لا بد أن تكون حكوماتنا على قناعة به، وإنما عرضه هكذا.. بمعنى نجحت العملية ومات المريض، ما دام أن التقرير قد تم إطلاقه فعلا».

ورد الدكتور إبراهيم السوري، مدير إدارة التنمية والسياسات الاجتماعية بالجامعة العربية، قائلا إن التقرير تم عرضه على الدورة الـ27 (لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب) وكانت السعودية والسودان قد طالبتا بالتوسع في تحليل قضية الفقر وبرزت قضية الأمن الغذائي، ثم تم رفعه مجددا بشكل مختلف وتم التحفظ على بعض البيانات ثم عرضه مجددا على الدورة الـ28 وصدر قرارا باعتماده بجزأيه، وباعتباره مساهمة الوزراء في القمة الاقتصادية، وفقط اليوم، هو مجرد احتفاء به.

وردا على ذلك أوضح وزيرة الشؤون الاجتماعية السورية، ديالا الحاج عارف، أنهم على علم بأن هذا التقرير ليس بجديد وأنه تم اعتماده، ولكن كانت هناك ملاحظات تم مناقشتها ولم يؤخذ بها، قائلا بحده: «إن العرض علينا الآن للاحتفاء به ليس له داع ما دام أنه لم يعرض علينا مسبقا ولم تؤخذ ملاحظاتنا في الاعتبار».

وانتقدت وزيرة الشؤون الاجتماعية السودانية، سامية أحمد، الأرقام والبيانات الموجودة في التقرير حول نسبة الفقر والتنمية وغيرها، مؤكدة أنها أرقام مبنية على المعلومات المتاحة، والمتاح بعيد عن الواقع بشكل كبير.

وأكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية الأردنية، هالة بسيسو، أن التقرير ذكر التعليم في اختصار شديد من دون عرض كاف لكيفية إحداث تنمية في مجال التعليم في الدول العربية، حيث تم التركيز على الاقتصاد على حساب الجانب الفكري والثقافي.

وشهدت الجلسة مشادات حادة بين وزراء الشؤون الاجتماعية المشاركين في الاجتماع، واستنكروا عرض التقرير في وقت ضيق حيث لم يحظ بدراسة جيدة من قبلهم، لافتين إلى العديد من الملاحظات عليه.

وتضمن التقرير أوضاع التنمية في الدول العربية ومستقبلها وتقييم مسارات التنمية في دول المنطقة واتجاهاتها وما حققته من إنجازات وما تعرضت له من انتكاسات وتشخيص التحديات التي تواجه عملية التنمية فيها وفي مقدمتها الأمن الغذائي والفجوة الغذائية في الدول العربية.

وقال التقرير إنه على الرغم من تحقيق معدلات نمو اقتصادي مقبولة منذ عام 2000 في المنطقة مما انعكس على خفض معدلات اللامساواة التي كانت تزداد قبل ذلك، فإن نسبة الفقر العام ما زالت مرتفعة وتصل إلى 40% في المتوسط ما يعني أن ما يناهز الـ140 مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر الأعلى. وأضاف التقرير أن تلك المؤشرات تدل على أنه لم يحدث أي انخفاض في متوسطات الفقر على المستوى العربي خلال السنوات العشرين الماضية (قياسا على معدلات عام 1990)، بل إن بعض البلدان شهدت زيادة في معدلات الفقر. وأشار التقرير إلى أن نسبة الشباب من إجمالي السكان العاطلين تزيد على 50% بالنسبة لمعظم الدول العربية، مما يجعل معدل البطالة بين الشباب في الدول العربية الأعلى في العالم كله. وقال إنه وفقا لتقديرات منظمة العمل العربية بلغت نسبة البطالة بين الشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 25.7% في عام 2003 وهو المعدل الأعلى عالميا ويفوق المعدل العالمي بنسبة 77.8%. وأضاف أن التحدي العربي يتمثل في هذا المجال في ضرورة توفير 51 مليون فرصة عمل جديدة خلال السنوات العشر القادمة أي بحلول عام 2020 حتى تتوفر المرونة المطلوبة في سوق العمل العربية.