الكويت: الحكومة تشدد على اتخاذ «إجراءات رادعة» للتجاذبات القبلية والطائفية

نواب يهددون باستجواب رئيس الوزراء إذا لم يوقف قناتين فضائيتين عن البث

TT

أكدت الحكومة الكويتية مساء أول من أمس عن رفضها لكل ما يمس الوحدة الوطنية على خلفية تجاذبات قبلية وأخرى طائفية شهدتها البلاد خلال نهاية الأسبوع.

وكانت الكويت قد شهدت مساء السبت مظاهرة قادها نواب قبليون احتجاجا على ما بثته قناة «السور» الفضائية، وهي قناة محلية، معتبرين ما جاء فيها وتعلق بملف المواطنين من مزدوجي الجنسية ومعظمهم من أبناء القبائل، مساسا بهم وبناخبيهم، ومحملين الحكومة ورئيسها المسؤولية، ومهددين باستجوابه إذا لم تتدخل السلطات المعنية وتقفل القناة وتحيل القائمين عليها للتحقيق.

ومن جانبه، شدد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير الدولة لشؤون التنمية ووزير الدولة لشؤون الإسكان الشيخ أحمد الفهد، على أن «الحكومة وبتوجيهات من رئيسها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث، وستتخذ إجراءات حازمة بجميع ما لديها من وسائل وأدوات».

وأشار الشيخ أحمد إلى أن «تصريحات الفتنة بين أبناء الوطن الواحد التي تخرج علينا بأوجه فئوية تارة وطائفية تارة أخرى تثير الامتعاض، ويجب على الجميع الكف عن تلك الدعوات والتصريحات غير المسؤولة، كون وحدة الصف تتعلق بأمننا الوطني الذي لا يمكننا التهاون أمامه».

أما وزير الإعلام الشيخ أحمد العبد الله فعبر عن استيائه الشديد لما قامت قناة «السور» الفضائية من مس بالوحدة الوطنية، وأشار إلى أن «وزارة الإعلام تقوم بالتنسيق مع الجهات المختصة بالدولة لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة تجاه هذه القناة وما يتم بثه من خلالها».

وكشف عن أن «وزارة الإعلام لم تمنح أي ترخيص بث لقناة (السور) الفضائية، كما أن الوزارة لن تألو جهدا في تطبيق قانون الإعلام المرئي والمسموع الذي ينظم عمل القنوات الفضائية داخل الكويت، وأن أجهزة وزارة الإعلام تتابع ما يتم بثه على كل هذه القنوات، وتقوم بمراجعته واتخاذ الإجراءات القانونية حيال أي مخالفة لأحكام القانون».

وأتت التصريحات الرسمية بمثابة تطمينات حكومية للنواب وناخبيهم، بعد أن حشدوا بحسب المصادر أربعة آلاف شخص في ديوانية النائب مسلم البراك، الذي دعا لمهرجان خطابي حضره عدد من النواب والإعلاميين وممثلي القوى السياسية.

وقال قطب المعارضة البرلمانية النائب أحمد السعدون، موجها كلامه لرئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد «ستصعد المنصة (في إشارة إلى اعتزامه تقديم استجواب بحقه) إذا لم تتخذ قرارا عاجلا وتوقف هذا الهرج السياسي وتوقف القنوات العابثة في المجتمع الكويتي».

وأضاف السعدون «قد نجري قرعة لأن من يرغبون باستجوابك عشرة إلى خمسة عشر نائبا، فنحن لن نسمح إطلاقا بضرب الوحدة الوطنية لأنها ليست للمساومة». ومنح السعدون رئيس الحكومة مهلة حتى اليوم لاتخاذ إجراءات حكومية رادعة لوقف ما أسماه بـ«المهازل، وإلا سنقيم الاثنين (اليوم) مظاهرة غير طبيعة لإصلاح هذا الوضع».

ثم توجه الحضور بمسيرة سلمية، وتقدمهم نواب البرلمان، للتعبير عن رفضهم لما جاء في القناة، ثم دعوا بعد ذلك إلى مهرجان خطابي يقام اليوم الاثنين إذا لم تقم الحكومة بإغلاق قناتي «السور» و«سكوب» وإحالة مالكيهما إلى جهات التحقيق لمحاسبتهما، كون الأولى تعرضت لهم، والثانية دأبت على تبني التوجهات الحكومية وتأليب الشارع على المعارضة من خلال تركيزها في أكثر من مناسبة على التصعيد السياسي وإظهار النواب بشكل سلبي.

إلى ذلك، وبموازاة التصعيد القبلي على الحكومة، رفض نواب شيعة قيام مركز سلفي بنشر لوحات إعلانية تعتبر يوم عاشوراء «يوم فرح وسرور»، وهو ما يعكس قناعات أبناء المذهب الشيعي الذين يعتبرون العاشر من شهر محرم مناسبة دينية تقام فيها مجالس عزاء في ذكرى استشهاد الإمام الحسين. واعتبر النواب الشيعية أمس ما يقوم به مركز «وذكّر» المملوك لرجل الدين المقرب من التيار السلفي فؤاد الرفاعي من نشر لوحات حوت ما شأنه اعتبار يوم عاشوراء مناسبة للفرح «إثارة للفتنة الطائفية، وظاهرة سلبية ودخيلة لم تشهدها البلاد».

وفيما قال رجل الدين الشيعي محمد المهري إن «الدولة مطالبة بالوقوف في وجه مثيري الفتنة والانشقاق في أيام عاشوراء من الجماعات المتحجرة والتكفيرية»، رد النائب السلفي وليد الطبطبائي بأن «يوم عاشوراء شهد في التاريخ الإسلامي أحداثا عظيمة بعضها محزن كاستشهاد الإمام الحسين على سيد من قتله من الأشرار الملعونين، فهنا لا بأس من الحزن أو البكاء بدون نياحة ولطم، وأما المفرح في عاشوراء فهو نجاة موسى وغرق فرعون، وهنا يستحب الصيام، وعلى الجميع احترام هذين الأمرين، ولا أرى في الحملة التي يتعرض لها مركز (وذّكر) إلا مزايدات ومحاولة لدغدغة المشاعر، ويجب عدم تضخيم ما يحصل».

ومن جانبه، حذر النائب حسين القلاف مما أسماه «رؤوس الفتنة التي تريد تمزيق وحدتنا وتفريق صفنا، فحرية العقيدة مكفولة في الدستور، ولكل مواطن الحق في ممارسة شعائره واعتقاد ما يراه ويؤمن به من دون التحامل على الآخرين».

وأشارت النائب رولا دشتي إلى ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية «وعلينا جميعا تقبل الآخر والتعايش معه في إطار الدستور الذي يكفل حرية الاعتقاد وحماية الدولة لحرية القيام بشعائر الأديان، وعلى الحكومة اتخاذ كل التدابير والإجراءات لضمان حق المواطن في ممارسة شعائره من دون تجريح أو إهانة من الآخرين».