الحريري من دمشق: نتعلم من الماضي ونتطلع للمستقبل.. ونريد علاقات مميزة مع سورية

قال إن الزيارة جاءت ضمن المصالحات العربية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين

الحريري يغادر السفارة اللبنانية في دمشق (أ.ف.ب)
TT

بعد جولة محادثات ثانية وإفطار عمل جمع الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، صباح اليوم الثاني لزيارته دمشق، قال الحريري إن زيارته تأتي «ضمن عدة لقاءات وضمن المصالحات العربية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين في الكويت والرياض وقطر». وأضاف في مؤتمر صحافي عقده أمس في مقر السفارة اللبنانية في دمشق في ختام زيارته، أنه سيكون «هناك مصالحات في المستقبل لتوحيد الصف العربي لمواجهة التحديات الإقليمية والتعنت الإسرائيلي، بالخروج من الأراضي اللبنانية والجولان وإعطاء الحقوق للفلسطينيين». وقال إن زيارته «سواء على المستوى الشخصي أو خلال الاجتماعات التي دامت ساعات، بالإضافة إلى العشاء، تدل على أن العلاقة تُبنى على مصلحة البلدين والانفتاح على المستقبل». وأضاف: «نحن نتعلم من الماضي ونتطلع إلى المستقبل».

ونفى الحريري أن يكون قد طرح مع الأسد موضوع الاستنابات القضائية السورية خلال محادثاتهما. وفيما يخص المحكمة الدولية، لفت الحريري إلى أن «الرئيس الأسد قال سابقا إن المحكمة الدولية أصبحت عند المجتمع الدولي وأنا قلت هذا الأمر أيضا وكلنا يريد الحقيقة».

وردا على سؤال ما الذي سيحمله لفريق «14 آذار» من هذه الزيارة، قال الحريري إنه جاء إلى سورية «كرئيس حكومة كل لبنان وليس كرئيس لفريق سياسي، والحرص داخل الحكومة من كل الأفرقاء على بناء علاقة ودية بين البلدين وهذا ما ورد في البيان الوزاري». وشدد على أن كل المحادثات مع الأسد كانت «مبنية على المصالح التي تفيد الدولتين والشعبين»، وأن «الرئيس الأسد كان حريصا على أن تبدأ العلاقة بود وصدق بين الطرفين».

وأشار إلى تلاقيه مع الأسد حول هدف واحد، «وهو حكومة وطنية تجمع كل لبنان». وقال الحريري إن الأسد «كان حريصا على أن تكون حكومة الوحدة الوطنية تجمع دائما كل لبنان، وأنا عندما دخلت هذه الحكومة دخلت على أساس أننا نريد جمع كل الناس، وكل وزير في هذه الحكومة هو وزير لكل لبنان». وأضاف: «نريد أن نبني مستقبلا يفيد الشعبين سواء بالاقتصاد أو التجارة أو غيرها». وشدد على أنه ركز في محادثاته مع الأسد على أهمية وجود «تنسيق اقتصادي وتجاري بين البلدين».

وحول القضايا السياسية والعلاقات بين البلدين، قال الحريري: «الأسد كان حريصا جدا على أن تكون العلاقة مع لبنان صادقة، وبالنسبة لنا يهمنا أن يعود الجولان إلى سورية كما يهم سورية أن تعود الأراضي اللبنانية إلى لبنان وأن يكون هناك تنسيق في هذا الموضوع». وأضاف: «نريد علاقات مميزة مع سورية والعلاقات المميزة تكون مبنية على الصراحة والصدق، فإذا نظرنا إلى الأمور بشكل سلبي فهذا لن يفيد البلدين».

وعن وجود إجراءات لتطوير العلاقات بين البلدين وبما يؤكد أن هذه الزيارة ليست فقط علاقات شخصية، قال الحريري: «اتفقنا على خطوات مع الرئيس الأسد نقوم بها معا حتى ترى الناس على الأرض أن العلاقات ليست شخصية إنما مبنية على أسس تفيد البلدين والشعبين»، منبها إلى أن مجيئه إلى دمشق «ليس لتسجيل النقاط على بعضنا بعضا، فلا شك أنه كان هناك تباعد في مرحلة سابقة، ومصلحة سورية تقتضي أن يكون هناك وضوح وصراحة في العلاقة». وقال: «ناقشنا الكثير من الأمور التي تهم اللبنانيين واتفقنا على كثير من الأمور التي تكلمت عنها الدكتورة بثينة شعبان وقد يكون لي طريقتي الخاصة بمعالجة هذه الأمور». وشدد الحريري على أن الرهان هو على المستقبل فـ«المباحثات كانت جيدة وممتازة بشكل واضح وصريح»، مشيرا إلى أنه رأى من الأسد إيجابية بكل «المواضيع التي تهم البلدين». وقال: «نريد أن نفتح آفاقا جديدة بين البلدين، ونريد أن نرى النصف المملوء من الكوب ونرى الإيجابيات ونحل الأمور بيننا بشكل هادئ».

وحول بعض الملفات العالقة منها مسألة قرية الغجر، قال الحريري إن «هذا شأن لبناني وسيُطرح هذا الأمر على مجلس الوزراء وسيكون هناك قرار فيه». وردا على سؤال يتعلق بالمحكمة الدولية وإذا ما بحث مع الأسد موضوع الاستنابات القضائية، أشار الحريري إلى أن الأسد «قال سابقا إن المحكمة الدولية أصبحت عند المجتمع الدولي، وأنا قلت هذا الأمر أيضا وكلنا يريد الحقيقة». وختم الحريري بشكر «الرئيس الأسد والشعب السوري»، وقال «إن شاء الله تكون العلاقة جيدة والسماء زرقاء».

وبعد المؤتمر الصحافي، غادر الحريري دمشق عائدا إلى بيروت، بعد أن أجرى جلستي مباحثات مع الأسد، الأولى لدى وصوله بعد ظهر يوم السبت والثانية صباح يوم الأحد في قصر تشرين مقر إقامة الحريري، جرى خلالها استكمال محادثات الجلسة الأولى. وقال بيان رئاسي إن الجانبين أكدا خلال محادثاتهما التي أجريت على «ضرورة البناء على ما اتفق عليه خلال هذه الزيارة التي تشكل نقطة انطلاق لاستعادة التعاون بين حكومتي البلدين ومتابعة المواضيع التي نوقشت من قبل الجهات المختصة للارتقاء بالعلاقات السورية اللبنانية إلى ما يطمح إليه الشعبان الشقيقان». كما تم الاتفاق على «قيام مؤسسات ووزارات البلدين بالتنسيق والتواصل مباشرة لإزالة العقبات التي تعترض علاقات التعاون على جميع الصعد». وقد حظي الحريري باستقبال «حار» في دمشق، في زيارته الأولى منذ اغتيال والده رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2005. وتعد استضافة رئيس حكومة في قصر تشرين المخصص لاستقبال الرؤساء والملوك، كسرا للبروتوكول، الأمر الذي رأت فيه المستشارة السياسية والإعلامية في القصر الرئاسي بثينة شعبان «تعبيرا عن حرارة ومودة خاصة». وكان لافتا أيضا قيام الأسد بتوصيل الحريري بسيارته الخاصة إلى مقر إقامته بعد مأدبة عشاء أقيمت على شرف الضيف في «بيت الفن»، وهو مكان له خصوصية ثقافية واجتماعية، حضرها مجموعة من المسؤولين السوريين.