وزير خارجية المغرب يجدد اتهام الجزائر بالوقوف وراء قضية الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر

الفاسي الفهري يشدد على عدم تعرض الرباط لضغوط.. وسياسيون ينتقدون كيفية معالجة المشكلة

TT

بينما جدد الطيب الفاسي الفهري، وزير خارجية المغرب اتهام الجزائر بالوقوف وراء قضية الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر، نافيا أن تكون بلاده تعرضت لضغوط من أجل عودتها إلى المغرب، حيث كانت وصلت الجمعة الماضية إلى مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء، قادمة من إسبانيا بعض إضراب مفتوح عن الطعام، انتقد سياسيون مغاربة الطريقة التي تعاملت بها سلطات الرباط مع هذه القضية.

وشدد رئيس الدبلوماسية المغربية على القول بأن الرباط لم تتعرض لأي ضغوط من أجل الموافقة على السماح لحيدر بالعودة إلى المغرب، وأنه تم الاتفاق مع الدول التي تدخلت لحل هذه القضية في نطاق إنساني، على أساس احترام القانون المغربي، وضرورة استئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه لنزاع الصحراء، مشيرا إلى أن الضغوط مورست على الأطراف الأخرى (الجزائر والبوليساريو) التي تتهرب من المفاوضات.

وكشف الطيب الفاسي، الذي كان يتحدث في لقاء صحافي أمس في الرباط، النقاب عن أن الحكومة المغربية سبق لها أن منحت لحيدر في السابق تعويضا ماليا قدره 480 ألف درهم (حوالي 60 ألف دولار) في إطار تعويضات منحت لمعتقلين سابقين بسبب الضرر الذي تعرضوا له في إطار سياسة «جبر الضرر» كما هو شأن معتقلين سياسيين آخرين تم الاستماع إليهم، وتحدثوا أمام الملأ عن هذه الانتهاكات، في نطاق إجراءات تروم تحقيق انفراج سياسي، تبناها العاهل المغربي الملك محمد السادس من أجل طي صفحة الماضي.

وأوضح الفاسي الفهري أن حيدر رجعت إلى بلادها، واسترجعت جواز سفرها المغربي واستكملت جميع الإجراءات من أجل الدخول إلى المغرب، مشيرا إلى أن هذه القضية أبانت عن عدد من الأمور، من بينها أن حيدر ليست حقوقية تدافع عن احترام حقوق الإنسان كما كانت تقول سابقا، وأنها قامت بزيارات إلى الخارج منذ 2006 بدعم من الجزائر وجبهة البوليساريو، وأجرت اتصالات مع حكومات وبرلمانيين ومنظمات حقوقية في عدد من الدول، مشيرا إلى أن تحركات حيدر «تزامنت مع إرادة سياسية للإطراف الأخرى، ولأعداء الوحدة الترابية للمغرب، من أجل التصعيد والتهرب من المسؤولية المتمثلة في ضرورة التفاوض، وضرورة الاندماج المغاربي». وقال المسؤول المغربي إنه من خلال هذه القضية، تم الاعتراف بأن القانون يطبق فوق جميع الأراضي المغربية من الشمال إلى الجنوب، وأنه لا بد من استبعاد كل العمليات التي من شأنها المس باطمئنان السكان، وأنه «ليس هناك أي دولة تسمح بأن لا يتم تطبيق القانون فوق أراضيها مهما كان الوضع».

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن كان المغرب راضيا عن المخرج الذي تم التوصل إليه لحل قضية حيدر أم أن الأمر يتعلق بفشل جديد للدبلوماسية المغربية، قال الفاسي الفهري، إن «الأمر لم يكن يتعلق بمخرج، بل باتفاق مع مجموعة من الدول على ضرورة الدخول في المفاوضات، وهذا مكسب للمغرب، لأن الأطراف الأخرى كانت تتهرب من هذه المسؤولية، ففي الوقت الذي كنا نتفاوض فيه حول مكان وزمان الجولة المقبلة من المفاوضات غير الرسمية،جاءت قضية حيدر بصفة واضحة بتوجيهات من الجزائر لتعطيل هذه المفاوضات». بيد أنه بعد 30 يوما، يضيف الفاسي الفهري «رجعنا إلى ضرورة التزام الأطراف بالتفاوض على أساس قرار مجلس الأمن، وإجراء مفاوضات في العمق للتوصل إلى حل سياسي متوافق عليه يأخذ بعين الاعتبار الواقعية وروح التوافق». وزاد قائلا: «لا يمكن لأي طرف أن يتشبث بمواقف عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي خصوصا فيما يتعلق بتقرير المصير، الذي يمر بآليات مختلفة على المستوى الدولي، هي المفاوضات والحل السياسي». وحول موعد استئناف المفوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، قال الفاسي الفهري إن هناك اتصالات جارية مع كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام بشأن ذلك، مشيرا إلى أن الجولة المقبلة من المفاوضات غير الرسمية كانت مبرمجة مطلع الشهر الحالي، إلا أن قضية حيدر حالت دون إجرائها.

وفي سياق متصل، اعتبر عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن عودة حيدر للمغرب هي حل للمشكلة بأقل الخسائر. بيد أنه استدرك قائلا: «إن المغرب لم يخرج رابحا في هذه المعركة نظرا لموقفه المتصلب إزاء عودة حيدر، وهو الموقف الذي تراجع عنه». وأضاف بن كيران أن المغرب أخطأ حين أبعد حيدر إلى إسبانيا، وأخطأ للمرة الثانية حينما وافق على عودتها للمغرب، موضحا أنه كان يتوجب على المغرب أن يتعامل مع حيدر باعتبارها مواطنة مغربية أخطأت، وتطبق عليها القوانين الجارية في هذه القضية.

ومن جهته، قال إسماعيل العلوي، الأمين العام للحزب التقدم والاشتراكية (مشارك في الحكومة) لـ«الشرق الأوسط»، إن عودة حيدر بوثائق وجواز مغربي دليل واضح على الاعتراف بالمغرب. وذكر العلوي أن موقف حيدر السابق كان ناتج عن رغبة في استفزاز الشعب والسلطات المغربية، مضيفا أن قبولها العودة يعني أنها عادت عن غيها. وتمنى العلوي إقلاع حيدر عن التعامل مع خصوم الوطن التي كانت توجه من قبلهم، على حد قوله.

وفي سياق ذلك، اعتبر عبد الهادي خيرات، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة)، أن إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وهي دول أقرت بصريح العبارة، أن المجال الترابي للصحراء يخضع للسيادة المغربية، يعتبر بمثابة مخرج مقبول للوضع.