متقي زار نصر الله وهنأ الحريري وعرض المساعدة: تزويد بلدان المنطقة للبنان بالمشورة «ليس تدخلا»

ناطق باسم سفارة طهران لـ «الشرق الأوسط»: الإيرانيون يعتبرون أن لهم يدا في التطورات الأخيرة

رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، مصافحا وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي لدى بدء اجتماعه به في بيروت أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

رأى وزير الخارجية الإيراني أن لبنان يمكنه في «المرحلة الجديدة» أن يستفيد من الأجواء الإقليمية والدولية، مؤكداً أن «التشاور بين بلدان المنطقة هو الذي أوجد أرضية للالتقاء اللبناني، وهذا يجب أن يكون أنموذجًا يُحتذى به لحل قضايا المنطقة». وإذ لفت إلى أن «بعض المسائل التي تم التشاور بها مع اللبنانيين هي مهمة بالنسبة للعلاقة بين إيران والسعودية»، ذكّر متقي بـ«الاجتماع الذي عُقد بين سورية وقطر وإيران لحل موضوع لبنان» معتبراً في المقابل أنه «إذا كان هناك مسعى من قبل بلدان المنطقة لتزويد المسؤولين اللبنانيين بالمشورة فهذا لا يعتبر تدخلا».

ورفض مدير مكتب الإعلام في السفارة الإيرانية إبراهيم حرشي وضع الزيارة في غير «الإطار البرتوكولي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن المسؤولين الإيرانيين «كانوا مرتاحين جدا للتطورات الأخيرة في لبنان لجهة تأليف حكومة الوحدة الوطنية والسياق التوافقي القائم»، مشيرا إلى أنهم يعتبرون «أن هذا الجهد الذي تكلل بحكومة الوحدة لهم دور فيه ابتداء من اتفاق الدوحة»، مشيرا إلى أن إيران تعتبر أن حكومة الوحدة الوطنية «هي التي ستضع لبنان على السكة الصحيحة أمنيا واقتصاديا وسياسيا»، موضحا أن متقي أتى بهدف تهنئة الحريري بحكومته الأولى وليقول له إن إيران تضع كل إمكاناتها بخدمة لبنان، مبديا الاستعداد للمساعدة «في كل ما تطلبونه». وأشار حرشي إلى أن اللقاء مع الحريري كان إيجابيا جدا، كاشفا عن أن الحريري وعد بتلبية الزيارة في أقرب فرصة ممكنة، معربا عن اعتقاده بحصولها «في المدى المنظور».

وكان متقي وصل إلى بيروت في وقت متأخر من ليل أول من أمس، فزار أولا الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله وجرى استعراض لآخر التطورات السياسية للمنطقة وخصوصا في فلسطين ولبنان، كما تطرق البحث، بحسب بيان للحزب، إلى «الأجواء الإيجابية التي تشهدها الساحة اللبنانية في المدة الأخيرة، وخصوصا بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والمصالحات التي تجري بين مختلف الفئات السياسية في لبنان، وكذلك التطورات الإيجابية المتسارعة في العلاقات اللبنانية السورية». كما جرى التطرق «إلى التهديدات الإسرائيلية المستمرة ضد لبنان وخصوصا في الآونة الأخيرة، حيث شكر الأمين العام لحزب الله الجمهورية الإسلامية في إيران قيادة وحكومة وشعبا على موقفها الداعم بقوة لمقاومة الشعبين اللبناني والفلسطيني في مواجهة الاحتلال والتهديد».

واستهل متقي جدول أعماله في لبنان بزيارة ضريح مسؤول «حزب الله» عماد مغنية وكان في استقباله والدا مغنية ووفد كبير من «حزب الله» ضم النائب علي عمار، النائب السابق أمين شري، رئيس بلدية الغبيري محمد سعيد الخنسا وأعضاء البلدية. وأشاد متقي بـ«شهداء المقاومة الإسلامية والقائد الرمز الحاج عماد مغنية»، معتبرا أن «استشهاده يمثل قمة في حركة المقاومة الإسلامية كما يعبر عن مدى الخبث والحقد الذي يضمره أعداء الإسلام ضد شعوب المنطقة». وزار متقي رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ناقلا إليهم دعوات لزيارات رسمية إلى طهران.

واستعرض متقي في مؤتمر صحافي عقده نتائج زيارته الرسمية للبنان قائلا: «ننظر إلى موضوع أفغانستان بعد ثماني سنوات من تواجد القوات الأجنبية فيه، فلا نجد حلا لمشكلته، وإذ لا يوجد ربط بين ما يحصل من مشكلة أفغانستان وبين لبنان، لكننا نرى أن الحل في أفغانستان لم يحصل بفعل غياب آليات إقليمية، أما بالنسبة لموضوع لبنان فإن هذا البلد بشعبه الكبير ومسؤوليه الذين يتحلّون بالذكاء والحوار البنّاء استطاع الوصول إلى الحل»، معتبرًا أن «لبنان في هذه المرحلة الجديدة يمكنه أن يستفيد من الأجواء الإقليمية والدولية»، مؤكداً أن «التشاور بين بلدان المنطقة هو الذي أوجد أرضية للالتقاء اللبناني، وهذا يجب أن يكون أنموذجًا يُحتذى به لحل قضايا المنطقة».

ورأى متقي أن «العلاقات بين الشعبين الإيراني واللبناني تضرب جذورها في التاريخ، حتى في تلك الفترة التي كانت فيها القوات الأجنبية موجودة في لبنان»، مذكّراً بأن «أول اتفاقية عُقدت مع لبنان كانت منذ 70 سنة»، وأضاف: «نحن نرغب في استمرار وديمومة هذا المنحى الذي يزيد العلاقة بين الشعبين، ونحن دائمًا نُكّن للبنان وحكومته وشعبه المودة والاحترام، هذا الشعب الذي أثبت أنّه لا يحتاج للتدخل الأجنبي ويستطيع التغلب على مشاكله، وهذا ما يفرحنا، ونحن اليوم في لبنان كي نبارك للشعب اللبناني باتخاذه هذا المنحى الذي يؤكد الاستقلال عن التدخل الخارجي، فلبنان في مرحلة الاستقرار والتقدم، وأعتقد أن هناك فرصًا أكبر للتعاون مع هذا البلد».

وعن اللقاء مع رئيس الحكومة سعد الحريري، أكد متقي أنه «كان لقاءً جيدًا جداً ومفيداً، وجرت خلاله مباحثات إيجابية تم التحدث فيها بكل رحابة صدر عن التعاون»، مشيراً إلى أنه قدم دعوة رسمية للحريري لزيارة طهران «سيحدد الحريري موعدها في الوقت المناسب». وإذ لفت إلى أن «بعض المسائل التي تم التشاور بها مع اللبنانيين هي مهمة بالنسبة للعلاقة بين إيران والسعودية»، ذكّر متقي بـ«الاجتماع الذي عُقد بين سورية وقطر وإيران لحل موضوع لبنان»، معتبراً أن «هذه الآليات تؤدي إلى رفع مستوى التعاون والتقارب بين بلدان المنطقة». ولفت إلى أنه قدّم شكره للرئيس سليمان على «تشكيل لجنة لكشف عملية خطف الدبلوماسيين الإيرانيين في لبنان»، وأشار إلى أنه أكد خلال لقائه مع الحريري على «ضرورة درس هذا الموضوع لمعرفة الزوايا الخفية له»، آملا «من خلال هذه الدراسات أن يظهر ما يمكن إعطاؤه لأُسَرِهم». وانتقد متقي سياسة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بالقول: «جورج بوش كان يستيقظ صباحًا ويصدر قرارًا يقول فيه إنه يجب على أساس هذا القرار انتخاب رئيس جمهورية للبنان، وهذا إن دل على شيء فيدل على أنّه لم يعرف بالقوانين السائدة في لبنان ولا يعرف مكانة الشعب اللبناني، وهذا يؤكد التدخل الأجنبي في الشأن اللبناني»، معتبراً في المقابل أنه «إذا كان هناك مسعى من قبل بلدان المنطقة لتزويد المسؤولين اللبنانيين بالمشورة فهذا لا يعتبر تدخلا، فاتفاق الدوحة مثلا عُقد على أساس القوانين السائدة في لبنان وكذلك بالاتفاق بين جميع القادة في لبنان». ولدى سؤاله عن التراجع الدولي في لبنان وتزايد التأثير الإقليمي، أجاب متقي: «أقبل التراجع الدولي، فالتحرك الإقليمي هو أكثر فعالية وجدوى من المحاور الأخرى».

وعن الملف النووي الإيراني، أكد متقي أن «إيران على استعداد دائم للتعاون وتقديم الحل»، أما بالنسبة للأميركيين الثلاثة الذين دخلوا المناطق الإيرانية «فإن ملفّهم يدرس حالياً لدى السلطات القضائية في إيران، والتحقيق مع أحدهم قد انتهى ونأمل أن نتوصل إلى أحكام بشأنهم في القريب العاجل».

واعتبر أن «ما يجري في اليمن هو شأن داخلي لا يجب التدخل فيه»، وأكد أنه «يجب احترام سيادة كامل تراب اليمن»، مشيراً إلى أن «ما جرى هناك لا حلّ له إلا من خلال التفاوض والمصالحة والحلّ السلمي». ورداً على سؤال حول دخول القوات الإيرانية إلى العراق، لفت متقي إلى أن «هذا الموضوع انتهى من خلال مكالمة هاتفية مع وزير خارجية العراق هوشيار زيباري، حيث تم الاتفاق على أن تواصل اللجنة الحدودية بين البلدين اجتماعاتها»، معتبراً أن «ما حصل على الحدود قبل يومين يحلّ ضمن الاتفاقيات المعقودة». ولدى سؤاله عن وفاة آية الله حسين منتظري، قال متقي: «نحن دائماً نطلب الغفران لكلّ من يتوفى، وهذا ما نطلبه من الله لآية الله منتظري كما نطلب له الرحمة».