مسؤول عراقي: جولة التراخيص النفطية وراء الاحتلال الإيراني للبئر رقم 4

قال لـ «الشرق الأوسط» : الشركات الإيرانية لم تحصل على عقود استثمار

TT

أكد مصدر عراقي مطلع أن الاحتلال الإيراني للبئر رقم 4 في حقل الفكة بمحافظة العمارة جنوب العراق مؤخرا، جاء احتجاجا على جولة التراخيص النفطية التي أدارتها وزارة النفط العراقية مؤخرا والتي لم تحصل من خلالها الشركات الإيرانية على أي عقد للاستثمار النفطي في العراق، وجاء ذلك فيما أكد مسؤولون عراقيون أن القوة الإيرانية ما زالت متواجدة في الأراضي العراقية رغم انسحابها جزئيا من البئر.

وكانت قوة إيرانية مؤلفة من 11 جنديا قد احتلت البئر النفطية قبل بضعة أيام ورفعت العلم الإيراني على ساريته، الأمر الذي كاد أن يتسبب بأزمة بين بغداد وطهران. غير أن مسؤولين عراقيين أكدوا لاحقا انسحاب القوة جزئيا من البئر.

وقال المصدر الحكومي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع، أن «السبب الرئيس لقيام إيران باحتلال تلك البئر جاء احتجاجاً على جولة التراخيص التي قامت بها وزارة النفط العراقية مؤخراً والتي لم تحظ إيران بحصة من تلك العقود».

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إنه «كان هناك اتفاق ضمني بين العراق وإيران، وفقاً لاتفاقية وقعت بين الطرفين، بأن تكون للشركات النفطية الإيرانية حصة من العقود التي ستعلن لاحقاً ضمن جولة التراخيص».

وأضاف المصدر أن «إيران أرسلت رسالتين، الأولى تحد وأنها قادرة على أن تصنع ما تريد، والثانية إلى الشركات التي رست عليها العقود، تهدف إلى عدم إعطاء تطمينات لتلك الشركات التي تريد الاستثمار في البلاد، وبأنه كيف ستعمل في العراق في ظل عدم الاستقرار في المنطقة؟» مشيراً إلى أن «إيران تعتبر أن مسألة ترسيم الحدود غير منتهية بين العراق وإيران، ولذلك فإن على بغداد الانتهاء من هذا الملف قبل الشروع في جولة التراخيص». وكان عاصم جهاد، المتحدث باسم وزارة النفط العراقية، قد أكد أن «البئر تقع في حقل الفكة النفطي العراقي وقد تم طرحه ضمن جولة التراخيص الأولى التي جرت في يونيو (حزيران)» الماضي. وتقع البئر التي تحمل الرقم 4 في حقل «الفكة» النفطي الذي يمثل جزءا من ثلاثة حقول يقدر مخزونها بـ55.1 مليون برميل.

ومن جانبه، أكد علاء الطائي، المسؤول الإعلامي في وزارة الداخلية، أن القوة الإيرانية انسحبت من البئر جزئيا وأنها أنزلت العلم الإيراني مساء أول من أمس.

وقال الطائي لـ«الشرق الأوسط» لقد «تم انسحاب القوة بمسافة عن البئر، حيث تمركزت في نقطة اتخذت كثكنة لهم»، مضيفاً أن «القوة ما زالت موجودة على الأراضي العراقية».

وحول طلب العراق مساعدة القوات الأميركية لحل الأزمة في حال فشل الخيار الدبلوماسي، قال الطائي إن «صيغة الاتفاقية الأمنية الموقعة بين العراق وأميركا تعني الجانب العراقي وليس الأميركي، سيما أن الاتفاقية مشروطة بموافقة عراقية لطلب المساعدة الأميركية خصوصاً في الأزمات، وبالتالي فإن حركة الأميركان مقيدة في هذا الموضوع». وبين الطائي أن «الجانب العراقي اتخذ قراره بإعطاء الجانب الدبلوماسي مساراً لحل الأزمة، وفي حال لم نتوصل إلى حلول عبر هذا الطريق فإن هناك ملفات أخرى يمكن استخدامها للتوصل إلى حل»، لكنه لم يكشف عن طبيعتها.

إلى ذلك، أعرب النائب طه اللهيبي، عن جبهة التوافق، عن دهشته لقدرة قوة مكونة من 11 عنصراً إيرانيا من احتلال بئر عراقية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة العراقية وقعت اتفاقية مع أميركا تسمح للأخيرة عند الطلب بمساعدة العراق، ولكن للأسف الحكومة لم تفاتح الجانب الأميركي، بل العكس فإننا نجد القائد العام للقوات المسلحة (نوري المالكي) يقوم بزيارة إلى مصر». ويجري رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حاليا زيارة إلى القاهرة.

وأضاف اللهيبي أن «عدم تحرك الحكومة إما أن يكون تهرباً من المسؤولية أو رد الجميل لإيران باعتبارها كانت تؤوي أغلب المعارضين للنظام السابق»، مستشهداً بواقعة «أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ألغى زيارته إلى أميركا عند خطف جندي إسرائيلي». وعبر عن رفضه اللجوء إلى الحوار الدبلوماسي، قائلا «لماذا الحوار الدبلوماسي، يجب إعطاؤهم مهلة 72 ساعة إما الانسحاب أو استعمال القوة»، وأضاف قائلا «نمتلك أكثر من مليون عنصر أمن ولا نستطيع إخراج 11 عنصراً دخلوا واحتلوا أرضا عراقية». وكانت «جبهة التوافق» العراقية قد طالبت بطرد السفير الإيراني في العراق واستدعاء السفير العراقي في طهران احتجاجا على احتلال حقل الفكة. إلى ذلك، أكد أحد الفنيين في شركة نفط الجنوب اكتفى بذكر اسمه الأول حسن (40 عاما) ويعمل هناك منذ أكثر من عشرين عاما أن الكوادر العراقيين يتعرضون لمضايقات من قبل القوات الإيرانية منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003. وقال «كنا نذهب كمجموعة من مهندسين وفنيين إلى البئر لأغراض إجراء أعمال صيانة لأن البئر مغلقة منذ 1997 وأضاف «لكن القوات الإيرانية تقوم بإطلاق النار من حولنا لإخافتنا ومنعنا من الاقتراب»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.