سجال الحريري - العريضي يطبع أولى جلسات الحكومة اللبنانية

أبو فاعور لـ «الشرق الأوسط»: تقني.. ولا يجب بناء استنتاجات سياسية عليه

TT

انطلقت حكومة الرئيس سعد الحريري في عملها الفعلي بعد نيلها «الثقة القياسية» في مجلس النواب بما يشبه الإجماع بسبب تمثيلها جميع الأطراف السياسية الأساسية في لبنان وتحولها إلى ما يشبه «البرلمان المصغر»، لكن هذا التمثيل الواسع لم يحل دون تسجيل أول «خناقة» في أولى جلساتها، وهي «خناقة» لم تخل من الدلالات السياسية، باعتبار أنها سجلت بين الوزير غازي العريضي المقرب من النائب وليد جنبلاط والرئيس الحريري.

وقد حرص الجانبان على وضع ما حصل من خلاف في إطاره «التقني»، بعد أن طرح الرئيس الحريري التمديد للشركة المتعهدة بخدمات مطار بيروت الدولي، حيث وزع على الوزراء ملحقا للبند المذكور يطلب تكليف مجلس الإنماء والإعمار استدراج العروض، لكن وزير الأشغال غازي العريضي طلب أن تتولى وزارة الأشغال استدراج العروض ما دامت تدفع من موازنتها. وقد اعترض الرئيس الحريري وطلب إبقاء البند كما هو، وتطور ذلك إلى نقاش حاد، فتدخل وزير الدولة وائل أبو فاعور المقرب من جنبلاط أيضا طالبا تأجيل بت الموضوع، كما تدخل رئيس الجمهورية لفض الخلاف، وتم الاتفاق على تمديد عمل الشركة الحالية ستة أشهر، يصار خلالها إلى درس تغيير دفتر الشروط واستدراج العروض. غير أن مصادر سياسية في قوى 14 آذار قالت لـ«الشرق الأوسط» إن ما جرى قد يشكل «عنوانا» للمرحلة المقبلة إذا ما تكرر، مشيرة في هذا الإطار إلى موقف النائب جنبلاط «غير المسهل» للحريري قبيل الانتخابات النيابية، ثم المواجهة التي خاضها الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه جنبلاط ضد قوى 14 آذار وتيار المستقبل تحديدا في الانتخابات الطلابية في الجامعة اللبنانية الأميركية بالتحالف مع قوى 8 آذار. مشيرة إلى «احتمال» قيام جنبلاط بالـ«زكزكة» بعد زيارة الحريري إلى دمشق و«تأخر» زيارة جنبلاط إليها.

وأكدت مصادر قريبة من جنبلاط لـ«الشرق الأوسط» أنه «على تنسيق تام مع الحريري، وأنه أبلغه دعمه الكامل لخطواته الأخيرة»، كاشفة أن اتصالات رفيعة المستوى جرت بين الجانبين، وأن الرئيس الحريري زار بالفعل النائب جنبلاط بعد عودته من سورية ووضعه في أجواء الزيارة وما تخللها من نقاشات»، وبدوره نفى وزير البيئة محمد رحال القريب من الحريري وجود «مشكلة لا يمكن حلها»، مشيرا إلى أن «ما حصل يمكن أن يتم البحث فيه ومعالجته في الغرف المغلقة». وقال رحال لـ«الشرق الأوسط»: «ما حصل يندرج في إطار اللعبة الديمقراطية التي تتيح إبراز الاختلاف في وجهات النظر»، داعيا الأطراف السياسية المسؤولة إلى معالجة هذه المواضيع بهدوء وموضوعية»، مشيرا إلى وجود «مشاكل في كل المؤسسات، لا في مكان واحد فقط». وقال: «الناس تريد من الحكومة أن تتابع أمورها وتعالج مشاكلها وهذا ما ينبغي لنا القيام به في أسرع وقت ممكن».

أما الوزير أبو فاعور فقد شدد لـ«الشرق الأوسط» على «الطابع التقني» للجدل الذي دار في مجلس الوزراء، مؤكدا أن «لا خلفيات سياسية له».

وقال: «يجب أن لا يبنى على ما حصل أي استنتاجات سياسية على مستوى العلاقة بيننا وبين رئيس الحكومة، وهذا الأمر يحل بمجرد حصول نقاش حوله بين رئيس الحكومة والوزير العريضي». وأضاف: «نحن نعتبر أن كل المؤسسات يجب أن تكون خاضعة للرقابة والمحاسبة، ومجلس الوزراء هو السلطة المخولة القيام بهذا الأمر» مشددا في الوقت نفسه على «أننا لسنا مع استهداف أي مؤسسة سياسيا وبشكل خاص مجلس الإنماء والإعمار».

إلى ذلك رأى عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب حكمت ديب أن «رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط قاما بإعادة تموضع»، معتبرا أن «أهمية زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى سورية تكمن في أنها وضعت حدا للتهم الباطلة التي استمرت على مدى السنوات الأربع الماضية السوداء». ولفت إلى أن «الهدف من العلاقة مع سورية هو القيام بأفضل العلاقات معها نظرا لموقعها، واليوم بدأت تصبح العلاقة صحيحة وسنستمر بالمطالبة بترسيم الحدود من دون تحد ومعالجة الاتفاقيات المجحفة بحق لبنان والحفاظ على الاتفاقيات التي هي لمصلحة لبنان وسورية». ولفت إلى أن «الأسلوب الجديد للزيارة التي قام بها الحريري وطريقة الاستقبال يؤشران إلى أن علاقة شخصية سوف تُبنى وتتجاوز المرحلة السابقة وطي صفحة الماضي، وهي زيارة غير رسمية تشير إلى علاقة جديدة مع سورية»، معتبرا أن «اللقاء السعودي - السوري انعكس على الداخل اللبناني وهذا سهّل قيام زيارة الحريري إلى سورية».

وأكد عضو كتلة الحريري أمين وهبي أن «لا خلفية سياسية لنقاش الرئيس الحريري والوزير غازي العريضي في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، وهناك العديد من الملفات يجب معالجتها، وبالتالي يجب أن يكون لدينا القدرة على مناقشة أي موضوع وليعبر كل شخص عن رأيه».

واعتبر نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن «الرئيس الحريري أثبت أنه رجل دولة بكل معنى الكلمة، لأنه تجرد وتجرأ، تجرد من عاطفته الشخصية وشعوره، وتجرأ وزار سورية حين وجد أن هناك مصلحة وطنية للقيام بذلك». وقال بعد زيارته الحريري: «منذ خمس سنوات وحتى الآن، مرت أمور مهمة جدا على البلد وكانت إيجابية، منها خروج الجيش السوري من لبنان ومن ثم إقامة سفارتين وعلاقات دبلوماسية بين البلدين. اليوم أجد زيارة الرئيس الحريري إلى سورية استكمالا لمتطلبات ثورة الأرز، لأن الرئيس الحريري تحدث في هذه الرحلة مع الرئيس الأسد في أمور كانت تعتبر ممنوعات على اللبنانيين». وأضاف: «حصل كلام عن ترسيم الحدود وعن السلاح الفلسطيني، وإعادة النظر بالاتفاقات الموقعة بين لبنان وسورية. أنا أعتبر أن هذا إنجاز هام جدا وتكملة لمسيرة ثورة الأرز، خاصة حين نتحدث عن العلاقات المستقبلية مع سورية». وتابع: «نحن بالتأكيد نفتح صفحة جديدة والمهم هو ماذا سيكتب في هذه الصفحة. ونحن ننظر إلى علاقات مؤسساتية بين دولة وأخرى. في كل الأحوال قناعتي أن هذه الزيارة كانت تاريخية والمهم أن لا نعود إلى تاريخ العلاقات السابقة بما كان فيها من تدخلات في الشؤون اللبنانية الداخلية».