أنطون سعد لـ «الشرق الأوسط»: جنبلاط لن يزور سورية إلا معززا مكرما

حديث عن عدم استعجال سورية لزيارة قبل طي صفحة الإساءة وتنفيذ لائحة شروط

TT

متى سيزور رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط سورية؟ سؤال بدأ يطرح في الساحة السياسية اللبنانية بعد زيارة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري العاصمة السورية والاجتماع بالرئيس السوري بشار الأسد، في خطوة تهدف إلى فتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين. والسؤال مبرر انطلاقا من الموعد الذي كان حدده جنبلاط بنفسه عندما ردد أنه لن يزور سورية قبل زيارة الحريري لها.

إلا أن الأخبار المرافقة لهذا السؤال تشير إلى عدم استعجال من الجانب السوري لاستقبال الزعيم الدرزي الذي لم يوفر مناسبة طوال الأعوام الخمسة الماضية لانتقاد النظام في سورية، ليعيد النظر في حساباته بعد أحداث السابع من مايو (أيار) 2008، وما رافقها من تغيير جذري في مواقفه وعلاقته بقوى 14 آذار.

ويقول النائب في «اللقاء الديمقراطي» أنطوان سعد لـ«الشرق الأوسط»: «الزيارة لم تتقرر بعد. ومعروف أن جنبلاط سبق وقال إنه سيزور سورية بعد زيارة الحريري لها. صحيح أن هناك كلاما كثيرا بخصوص الأمر. لكن لا شيء محدد حتى الآن». ويضيف: «هذه الزيارة ليست مسألة بسيطة. ولا ننسى أن الأمور وصلت بين جنبلاط والنظام السوري إلى حدها الأقصى بسبب التشنجات والخلافات التي حصلت منذ محاولة اغتيال النائب مروان حمادة، مرورا باغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري والاغتيالات اللاحقة وما رافقها من أجواء سياسية محتدمة. ولكن بعد أحداث السابع من مايو (أيار) 2008، والموقف الذي التزمه جنبلاط لإزالة التشنج والرواسب والتداعيات والانقسام العمودي بين قوى 14 آذار و8 آذار والانفتاح على جميع القوى السياسية اللبنانية والمصالحات مع حزب الله والنائب سليمان فرنجية والنائب ميشال عون. وبالتالي مهد هذا الموقف لحصول هذه الزيارة بالشكل اللائق بجنبلاط كزعيم لبناني وزعيم للطائفة الدرزية ورئيس كتلة نيابية لها وزنها في الحياة البرلمانية اللبنانية».

ويشدد سعد على أن «هذه المواقف لا تمنع أن يبقى الاتفاق متينا مع قوى الأكثرية في المواضيع السياسية الأساسية، على رغم التباين مع فريق 14 آذار. ذلك أن جنبلاط ونواب اللقاء الديمقراطي هم مؤيدون للحريري، ولا يزالون مع الأكثرية كحلفاء». وكان تردد أن «السوريين ليسوا مستعدين بعد لاستقبال جنبلاط». كما تردد أن هناك بعض الشروط المفروضة التي يجب على جنبلاط تنفيذها ليصار بعد ذلك إلى تحديد موعد للزيارة. ومن هذه الشروط تقديم جنبلاط اعتذارا علنيا إلى الشعب على «الكلام الجارح» الذي كان قد وجهه إلى الرئيس السوري بشار الأسد في أكثر من مناسبة. وجنبلاط ليس بعيدا عن ضرورة التمهيد للزيارة. فقد أعلن سابقا وفي أكثر من مناسبة أن هناك خطوات معينة لطي صفحة الماضي قبل الذهاب إلى دمشق. كذلك ترددت أخبار عن أن الشروط تتضمن زيارة رئيس الجمهورية اللبناني السابق إميل لحود. وتعليقا على هذه الشروط، يبتسم سعد ويقول: «جنبلاط صرح بشأن الشرط الأخير أن زيارته دمشق أسهل من زيارته لحود». ويضيف: «من منطلق شخصي ومن خلال معرفتي بجنبلاط أستطيع أن أؤكد أنه ليس متهافتا على زيارة سورية، لكنه ملمّ بضرورة القيام بها انطلاقا من التغييرات التي تسود المنطقة. لذا لن يزور دمشق بشروط أو دون دعوة، ولا يزورها إلا معززا مكرما بعد المواقف التي التزم بها لإزالة التشنج وحماية السلم الأهلي في الداخل اللبناني».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن ما تردد عن «طلب القيادة السورية من رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير السابق النائب طلال أرسلان مسألة الإعداد للزيارة التي يزمع جنبلاط القيام بها إلى دمشق لا يجانب الحقيقة. وأوضحت مصادر مطلعة على هذا الأمر أن «التحضيرات بدأت لهذه الغاية. لكن المسألة ليست وشيكة، ذلك أن السوريين لن يتقبلوا بسهولة جنبلاط الذي أحدث جرحا عميقا في وجدانهم. وبالتالي فإن الأسد الذي طوى صفحة الإساءة حريص على مشاعر شعبه، لذا كانت الحاجة إلى إعداد الزيارة. وليس بديهيا أن تتم الزيارة فورا بعد زيارة الحريري الذي استقبل كرئيس لحكومة لبنان، والذي على الرغم من الخلاف لم يدخل في الأذى الشخصي وبقي ضمن الخطاب السياسي المقبول. وقد أبلغ الأسد أرسلان شكره لمواساة جنبلاط له ببرقية تعزية لوفاة شقيقه مجد. كما كان جنبلاط قد تبلغ ترحيبا سوريا بمواقفه وتصريحاته الأخيرة». وتضيف المصادر أن «أرسلان أبلغ النائب سليمان فرنجية بالتطورات بشأن الزيارة الجنبلاطية المرتقبة إلى سورية. لذا نفى فرنجية ما تردد من أن الرئيس السوري بشار الأسد ليس مستعجلا لقاء جنبلاط وأكد أنه سمع كلاما يشير إلى عكس هذا الطرح، وأن الصفحة الماضية طويت وجنبلاط كما غيره من الزعماء اللبنانيين مرحب به متى يشاء. الأجواء جيدة، لكن الأمور تحتاج إلى وقت وإلى بعض الجهود التي يبذلها أرسلان. والحديث عن شروط أو اعتذار ليس مطروحا من الجانب السوري. وربما تسبق الزيارة المرتقبة زيارة تمهيدية لشخصية مقربة من جنبلاط وليست بعيدة عن السوريين». سعد ينفي هذا السيناريو. ويقول: «لا فكرة لدي عن وجود هذا السيناريو. وبما أعرفه كعضو في كتلة جنبلاط النيابية فإن أرسلان نقل شكر الرئيس الأسد لبرقية التعزية التي وجهها جنبلاط. لكن أن يقوم أحد المقربين منه بزيارة تمهيدية، فالموضوع لم يبحث ولا حيثيات له. والمبالغات التي تسود الزيارة سببها أن قلة تعرف جنبلاط وتفهم رؤيته للأمور وأهمية ما يقوم به وطنيا على المدى البعيد».