16 منظمة غير حكومية: المجتمع الدولي «غدر» بشعب غزة

بعد عام من عملية «الرصاص المصبوب» للجيش الإسرائيلي في القطاع

TT

في تقرير نُشر أمس في باريس، اعتبرت مجموعة من 16 منظمة غير حكومية أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة عاجز عن إعادة البناء بعد عام من العملية العسكرية الإسرائيلية «الرصاص المصبوب» وقد «غدر به» المجتمع الدولي.

وقالت المنظمات غير الحكومية عشية ذكرى بداية العملية العسكرية الإسرائيلية إن «المجتمع الدولي غدر بشعب غزة عبر عدم توصله إلى ترجمة أقواله إلى أفعال من أجل إنهاء الحصار (الإسرائيلي) لغزة الذي يمنع إعادة البناء».

وأكدت هذه المنظمات، وبينها منظمة العفو الدولية-فرنسا وأوكسفام-فرنسا وتحالف منظمات غير حكومية هولندية، أن «السلطات الإسرائيلية لم تسمح بدخول سوى 41 شاحنة محملة معدات بناء إلى غزة منذ نهاية الهجوم منتصف يناير (كانون الثاني)» 2009، «في حين يتطلب إصلاح الأضرار التي لحقت بالمنازل والبنى التحتية المدنية والخدمات العامة والمزارع والمؤسسات، آلافا» من الشاحنات.

وأورد هذا التقرير أنه «يحظر على السكان المدنيين وكذلك على الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية استيراد معدات مثل الأسمنت أو الزجاج، إلا في عدد محدود جدا من الحالات».

وأسفت المصادر نفسها لكون الحصار «أدى أيضا إلى انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي والغاز والمياه مع انعكاسات كارثية على الحياة اليومية والصحة العامة».

ولفتت إلى أن الحصار المطبق الذي بدأ في يونيو (حزيران) 2007 أدى إلى «تفاقم الفقر إلى حد كبير وأسهم في جعل 80% من السكان يعتمدون على المساعدة» الدولية.

وطالبت خصوصا وزراء الخارجية الأوروبيين والممثلة العليا الجديدة للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون بـ«زيارة غزة والاطلاع بأنفسهم على تأثير الحصار على السكان». وقتل أكثر من 1400 فلسطيني و13 إسرائيليا في أثناء الهجوم الجوي والبري الذي شنته إسرائيل من 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008 إلى 18 يناير (كانون الثاني) 2009 على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ يونيو (حزيران) 2007.

وبعد سنة على الحرب في غزة يسود هدوء حذر، يكاد لا يخفي الاستعدادات التي يقوم بها الجانبان لمواجهة جديدة محتملة.

ويقول الجنرال عاموس يلدين رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بلهجة إيجابية: «لم يقتل ولا جندي ولا مدني خلال هذا الشتاء في هجمات إرهابية، إنها ظاهرة غير مسبوقة منذ عقود».

ويؤكد أن «إسرائيل فرضت هذا الهدوء من خلال قدراتها الرادعة، ولكن حركة حماس، مثلها مثل حزب الله اللبناني، مشغولة في إعادة بناء قواتها بدعم من إيران».

ويعلن الجانبان استعدادهما لأي طارئ مما يوفر أرضية ملائمة للتسبب في انفجار جديد.

ويقول ديفيد هارتويل الخبير في مجلة «جينس» الدفاعية البريطانية: «بما أن الجانبين يتوقعان حصول نزاع، فسينتهي الأمر إلى نشوب نزاع»، ويضيف أن الهدوء الحالي سببه أن «إسرائيل تسعى لحالة من الاستقرار السياسي وحماس إلى بناء قدراتها العسكرية».

ويتهم مدير قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوشافي حماس وحزب الله بأنهما «حسّنا وبصورة كبيرة من قدراتهما على إصابة الأهداف بدقة ولفترة أطول»، وذلك بدعم من إيران على حد قوله. وعلى الرغم من «الهدوء المخيم على الحدود، تسجل اشتباكات يومية» في المنطقة الحدودية بين غزة وإسرائيل، وفق كوشافي الذي كان يتولى سابقا قيادة المنطقة الجنوبية التي تضم غزة.

ويعيد الجيش الإسرائيلي باستمرار تقييم استراتيجيته، وقد أحصى إطلاق 275 قذيفة وصاروخا منذ نهاية الحرب على غزة.

ويرفض قادة حماس التعليق على هذه الأنباء، ويكتفي المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس، أبو عبيدة بالقول إن «الحرب المقبلة ستكون أطول».

وأقر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المقيم في الخارج خالد مشعل في سبتمبر (أيلول) إنه «رغم الحصار وإغلاق المعابر والتضييق والمؤامرة الكبيرة وأساطيل الشرق والغرب التي تمنعنا من السلاح، فنحن والحمد لله نشتري السلاح ونصنع السلاح ونهرّب السلاح، وهذا أمر الله لنا».

وتقول مجلة «جينس» إن حماس التي تفاخر بتحقيق انتصار سياسي في الحرب الإسرائيلية التي أخفقت في تدميرها، تبنت أساليب قتالية جديدة بعد هزيمتها العسكرية.

ودليلا على تحسن قدراتها الدفاعية، يؤكد الإسرائيليون أن حماس نجحت في اختبار صاروخ إيراني الصنع يصل مداه إلى 60 كلم في حين كانت الصواريخ السابقة تصل إلى 40 كلم، وهذا يعني أنه بات بوسعها أن تضرب تل أبيب.

وبهدف تفادي هذا التهديد، تطور إسرائيل نظاما دفاعيا باسم «قبة الفولاذ» يُفترض أن يدمر الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة قبل سقوطها، وكذلك تلك المنطلقة من لبنان، حيث يقدر أنه بات لدى حزب الله 40 ألف صاروخ مقابل 14 ألفا في 2006.

ووصف رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو حزب الله بأنه «جيش لبناني حقيقي». ويؤكد ديفيد هارتويل أن «الإسرائيليين يرون أن النزاع المقبل سيحصل مع حزب الله لا مع حماس».