مجلس الأمن يفرض عقوبات على إريتريا لمساعدتها مسلحين في الصومال

حركة الشباب تحكم سيطرتها على الجنوب وتوفر ملاذا آمنا لمقاتليها

TT

وافق مجلس الأمن الدولي أمس على فرض حظر على الأسلحة إلى إريتريا كما فرض عقوبات على قادتها لدعمهم فصائل إسلامية في الصومال ورفضهم سحب قواتهم من منطقة حدودية متنازع عليها مع جيبوتي.

وقد وافق 13 من أعضاء مجلس الأمن الـ 15 على مشروع القرار الذي قدمته أوغندا ويحمل رقم 1907. وامتنعت الصين، وهي عضو دائم في مجلس الأمن وتتمتع بحق النقض (الفيتو) عن التصويت. وصوتت ضده ليبيا، البلد العربي الوحيد العضو غير الدائم حاليا في المجلس، والتي تترأس في الوقت الحاضر الاتحاد الأفريقي، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

من جهة اخري استولى مقاتلو حركة الشباب المجاهدين المعارضة للحكومة الصومالية على مناطق جديدة في الجنوب على الحدود مع كينيا، وقد دخل مقاتلو الحركة أول من أمس، وأمس، الجزر الواقعة في آخر نقطة من جنوب البلاد لتكون بذلك أحكمت سيطرتها بالفعل على كامل جنوب الصومال. كما استولى مقاتلو الحركة على جزر «جولا» و«جواي» و«مطاوا» و«رأس كمبوني» إضافة إلى مدينتي «بطاطي» وكولبيو» على الشريط الحدودي بين الصومال وكينيا الذي يمتد على مسافة 1200 كم. وبناء على التطورات العسكرية الأخيرة تسيطر الحركة على الجانب الصومالي من هذا الشريط الطويل الذي يبدأ من المحيط الهندي حتى المثلث الحدودي بين الصومال وإثيوبيا وكينيا. وتسيطر حركة الشباب حاليا على 7 محافظات في الجنوب الصومالي بشكل كامل إضافة إلى 3 محافظات أخرى خاضعة لها بشكل جزئي، والمحافظات التي تسيطر عليها الحركة كليا هي، «جوبا السفلي» و«جوبا الوسطي»، و«باي» و«بكول» و«جيدو» و«شبيلي السفلى» و«شبيلي الوسطى». كما تسيطر حركة الشباب جزئيا علي محافظات مقديشو (العاصمة) وجلجدود، وهيران، والأخيرتان تقعان بوسط البلاد، وتقع 8 محافظات فقط (من أصل 18 محافظة تتكون منها الجمهورية الصومالية) خارج سيطرة حركة الشباب المجاهدين، وهذه المحافظات تشكل إقليمي «أرض الصومال» الذي أعلن الانفصال عن بقية الصومال، وإقليم بونت بشمال شرقي البلاد الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي. وتتمتع مناطق رأس كمبوني و«بدا مدو» بأقصى الجنوب الصومالي التي استولى عليها مقاتلو حركة الشباب خلال اليومين الماضين بأهمية استراتيجية كبيرة لأنها مناطق غابات استوائية وعرة وتطل على سواحل طويلة على المحيط الهندي، كما أنها قريبة من الحدود مع كينيا. وكانت هذه المناطق آخر المعاقل التي فر إليها مقاتلو المحاكم الإسلامية التي كان يقودها الرئيس الصومالي الحالي الشيخ شريف أحمد بعد التدخل العسكري الإثيوبي نهاية عام 2006 والذي أدى إلى الإطاحة بنظام المحاكم الإسلامية. ويرى مراقبون عسكريون أن المقاتلين الإسلاميين من حركة الشباب يراهنون على التمسك بجنوب الصومال في حالة تدخل عسكري مباشر من إثيوبيا أو من الاتحاد الأفريقي كما توفر مناطق الغابات الاستوائية ملاذا آمنا لمقاتليها في حالة خسارتها للمدن الرئيسية في جنوب الصومال في أي حرب محتملة مع قوات الحكومة الصومالية. وتعتبر منطقة «بدا مدو» أهم هذه المناطق لأنها تقع عند خط الاستواء وفيها غابات كثيفة ماطرة في معظم شهور السنة بالإضافة إلى وديان خضراء ومناطق زراعية شاسعة ومصادر مياه وفيرة جدا، مما يتيح لأي جماعة مسلحة البقاء على الأرض لفترة أطول دون الحاجة إلى الاتصال بالمدن الرئيسية. وتعتمد حركة الشباب، التي كانت جزءا من تحالف المحاكم الإسلامية، الذي كان يقوده الرئيس الصومالي الحالي شريف شيخ أحمد، على مقاتلين لا يعرف عددهم على وجه الدقة. وتقول الحكومة الصومالية وأجهزة الاستخبارات الغربية بأن الحركة تضم عددا كبيرا يقدر بالمئات من المقاتلين الأجانب الذين وفدوا من أنحاء العالم، وتصفها الولايات المتحدة بأنها ذراع تنظيم القاعدة في منطقة القرن الأفريقي، وأدرجتها في قائمة المنظمات الإرهابية في فبراير (شباط) عام 2008. وفي العاصمة مقديشو يسيطر مقاتلو حركة الشباب المجاهدين على عدد من الأحياء المهمة ومناطق قريبة من القصر الرئاسي. وتشهد مقديشو هجمات يومية على مواقع قوات الاتحاد الأفريقي وقوات الحكومة الصومالية. وقد توالت تصريحات المسؤولين العسكريين والسياسيين في الحكومة الصومالية عن خطة أمنية واسعة النطاق لاستعادة السيطرة على العاصمة مقديشو وإخراج المقاتلين الإسلاميين منها، وتعتمد الحكومة على قوات الاتحاد الأفريقي التي يصل عددها إلى 5100 جندي وبضعة آلاف أخرى من قوات الجيش والشرطة التي تلقت تدريبات عسكرية في دول الجوار أخيرا لكن هذه القوات تعاني من ضعف شديد في التنظيم والقدرات التسليحية، كما أن حالة من التذمر تسود في صفوفها بسبب تأخر المرتبات حيث تعتمد الحكومة الصومالية على المساعدات الخارجية غير المنتظمة التي تتلقاها من الدول المانحة ومنظمات إقليمية لكن معظم الوعود التي قطعتها هذه الجهات لم تترجم إلى واقع حتى الآن. وبناء على التطورات العسكرية الأخيرة يرى مراقبون عسكريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن عدة سيناريوهات محتملة في الصومال في الفترة المقبلة من بينها سيناريو حكومي مدعوم من الاتحاد الأفريقي وهو استعادة العاصمة مقديشو، بالتزامن مع تحريك القوات الحكومية والميليشيات القبلية المتواجدة على الجانب الإثيوبي من الحدود بجنوب غربي البلاد لاستعادة المحافظات الجنوبية الغربية ودفع مقاتلي الشباب إلى التراجع نحو الجنوب الأقصى للصومال المحاذي للحدود الكينية. ويرى السيناريو الثاني وهو مدعوم من إثيوبيا والولايات المتحدة، وفحواه إنشاء جماعات مسلحة من الطرق الصوفية المعادية للمقاتلين الإسلاميين وحركة الشباب تحديدا لضرب معاقل الحركة في وسط وجنوب البلاد وفي وقت لاحق يكون لهذه الجماعات في حالة نجاحها استحقاقات سياسية من قبيل التحاور مع الحكومة والمشاركة في السلطة التي يهيمن عليها الإسلاميون المعتدلون حاليا بقيادة الرئيس الحالي شيخ شريف شيخ أحمد. وهناك سيناريو ثالث وهو أن تعجل حركة الشباب بضرب معاقل القوات الحكومية وقوات الاتحاد الأفريقي في العاصمة مستفيدة من الكثرة العددية لمقاتليها وسيطرتها على كامل جنوب الصومال، وفي هذه الحالة قد تكون النتيجة إسقاط الحكومة الحالية ووضع قوات الاتحاد الأفريقي في مأزق عسكري جديد، وهو ما حذر منه مسؤول رفيع في الاتحاد الأفريقي أخيرا بأنه إذا لم يتم التحرك بشكل جدي فإن النتيجة قد تكون سيطرة حركة الشباب على الصومال وخسارة الاتحاد الأفريقي للمعركة برمتها، وهو أمر في حالة حدوثه غير معروف العواقب.