إرجاء جديد في تنفيذ خطة نقل محتجزي غوانتانامو حتى 2011

150 مليون دولار تكلفة تشغيل معسكر كوبا سنويا

TT

في أعقاب الصد الذي جابهته هذا الشهر من جانب مشرعين متشككين عندما سعت للحصول على تمويل لشراء سجن بمنطقة ريفية من إلينوي، تناضل إدارة أوباما لتوفير المال اللازم لإيجاد سجن بديل عن الآخر القائم في غوانتانامو. وعليه، تولدت قناعة لدى مسؤولي الإدارة الآن أنه من غير المحتمل إغلاق سجن غوانتانامو في كوبا ونقل المحتجزين به من الإرهابيين المشتبه فيهم حتى عام 2011 على أقرب تقدير؛ ما يعكس جدولا زمنيا لتنفيذ سياسات الرئيس أوباما المعلنة المعنية بالأمن القومي يختلف عما سبق الإلماح إليه. في الوقت الذي اعترف فيه أوباما بأنه لن يتمكن من الالتزام بالموعد النهائي المحدد في 22 يناير (كانون الثاني) لإغلاق السجن، وهو الموعد الذي حدده بعد توليه الرئاسة بفترة قصيرة، بدا أن الإدارة تتخذ خطوة كبرى، الأسبوع الماضي، عندما أصدرت توجيهات إلى المسؤولين الأدنى مرتبة للتحرك «بأسرع وتيرة ممكنة» لشراء «مركز ثومسون العقابي»، وهو سجن يتميز بإجراءات أمن قصوى ويكاد يكون خاليا يقع في إلينوي، وإعادة تجهيزه بما يتناسب مع استقبال محتجزي غوانتانامو. إلا أنه خلال المقابلات التي أجريت هذا الأسبوع، قدر مسؤولون أن هذا الأمر قد يستغرق بين 8 إلى 10 أشهر من أجل تركيب سياج جديد وأبراج مراقبة وكاميرات وتجهيزات أمنية أخرى. وبطبيعة الحال، من المتعذر الشروع في إعداد مثل هذه التجهيزات قبل شراء الحكومة الفيدرالية السجن من ولاية إلينوي. من جهته، لا يملك «المكتب الفيدرالي للسجون» أموالا كافية لسداد ثمن السجن لإلينوي، الذي قد يصل ثمنه إلى 150 مليون دولار تقريبا. منذ عدة أسابيع ماضية، طرح البيت الأبيض على «لجنة المخصصات المالية» بمجلس النواب فكرة إضافة 200 مليون دولار إلى مشروع قانون الإنفاق العسكري للسنة المالية 2010، طبقا لما ذكره مسؤولون في الإدارة والكونغرس. إلا أن القيادات الديمقراطية رفضت تضمين هذا البند الذي يحمل وراءه دلالات سياسية كبيرة في مشروع القانون. عندما وافق المشرعون على مشروع القانون في 19 ديسمبر (كانون الأول)، لم يتضمن أي ذكر لتمويل شراء «مركز ثومسون العقابي». من المحتمل ألا تتوافر أمام الإدارة فرصة أخرى حتى يستأنف الكونغرس النظر في مشروع قانون آخر تكميلي يعنى بالمخصصات المالية للحرب في أفغانستان. ومن غير المحتمل أن ينتهي المشرعون من أمر مشروع القانون حتى آخر مارس (آذار) أو أبريل (نيسان). إضافة إلى ذلك، تقول الإدارة إن محور التركيز المالي حاليا فيما يخص جهود شراء «مركز ثومسون العقابي» يتمثل في مشروع قانون المخصصات المالية للسنة المالية 2011. ولن يعكف الكونغرس على دراسة مشروع القانون حتى أواخر عام 2010. ونظرا لشعورهم بالإحباط جراء المصاعب التي تعرضوا لها في الحصول على تمويل من الكونغرس، ناقش مسؤولون بالإدارة اللجوء إلى قانون غير معروف على نطاق واسع يسمح للرئيس بإعلان حالة طوارئ وطنية، ثم يستغل التمويل العسكري المخصص لمشروعات بناء وتشييد أخرى لشراء وإعادة تجهيز سجن إلينوي. جدير بالذكر أن هذا القانون لم يجر استخدامه من أجل مشروع من هذا النمط من قبل قط. من جهتها، قررت الإدارة عدم اللجوء إلى هذا القانون خشية إثارة غضب أعضاء الكونغرس حال إقدامها على هذه الخطوة، وربما يدفع ذلك المشرعون للسعي لإلغاء هذا القانون. من جهته، قال ماثور واكسمان، مساعد وزير الدفاع لشؤون المحتجزين في إدارة بوش، إن إدارة أوباما ستحتاج إلى دعم المشرعين لخططها طويلة الأمد المتعلقة بحقبة ما بعد غوانتانامو. وأشار إلى أن استغلال سلطات فردية في شراء السجن الموجود في إلينوي سيأتي بمثابة «استفزاز مباشر للكونغرس على نحو يؤتي نتائج شديدة السلبية». ومع ذلك، ما زال من غير الواضح ما إذا كان الكونغرس على استعداد للموافقة على توفير المال اللازم لنقل محتجزي غوانتانامو إلى الأراضي الأميركية، خاصة مع احتدام الحملات الخاصة بانتخابات التجديد النصفي خلال عام 2010، واحتمال فوز الجمهوريون بكثير من المقاعد. يذكر أنه في هذا العام، قلص الكونغرس من قدرة السلطة التنفيذية على نقل المحتجزين إلى السجون داخل الأراضي الأميركية، الأمر الذي جرى التأكيد عليه في مشروع قانون المخصصات المالية لعام 2010. من ناحية أخرى، يحظى مقترح شراء «مركز ثومسون العقابي» بتأييد العناصر الديمقراطية في إلينوي، بما في ذلك الحاكم باتريك جيه. كوين والسيناتور ريتشارد جيه. دربين، الذي أشاد بالفكرة باعتبارها سبيلا لخلق مزيد من الوظائف. من جهته، أشار البيت الأبيض إلى أن إغلاق غوانتانامو سيعزز الأمن القومي من خلال القضاء على رمز جرى استغلاله من قبل العناصر الساعية لتجنيد إرهابيين جدد. كما أضاف أن إغلاق المعسكر سيوفر أموال دافعي الضرائب بالنظر إلى أن وزارة الدفاع تدفع 150 مليون دولار سنويا لتشغيل معسكر غوانتانامو بالقاعدة البحرية الموجودة هناك، بينما تبلغ تكاليف تشغيل سجن «ثومسون» في إلينوي 75 مليون دولار. وصرح بن لابولت، المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، بأن أوباما لا يزال ملتزما بإغلاق سجن غوانتانامو، مستطردا بأنه «سنستمر في العمل مع الكونغرس لضمان تأمين الأموال اللازمة لشراء وتحديث سجن (ثومسون)، الذي سيكلف تشغيله قدرا أقل بكثير من أموال دافعي الضرائب». في المقابل، يعارض كثيرون من الجمهوريين إغلاق سجن غوانتانامو، باعتبار أن سَجن محتجزي غوانتانامو داخل الأراضي الأميركية ستترتب عليه مخاطر أمنية لا داعي لها. علاوة على ذلك، تراود الشوك بعض العناصر الديمقراطية المعتدلة حيال جدوى هذا الإجراء، مثل أيك سكيلتون، عضو مجلس النواب عن ميسوري ورئيس «لجنة الخدمات المسلحة» بالمجلس، حيث تشير أقاويل إلى أنه أعرب على الصعيد غير المعلن أمام مسؤولين بالإدارة عن قلقه إزاء الخطة. كما أثار عضو آخر باللجنة ذاتها، وهي الديمقراطية لوريتا سانشيز، من كاليفورنيا، شكوكا قانونية وأمنية بشأن المقترح. وقالت في تصريحات لها، أمس: «خلق شيء على الأراضي الأميركية جاذب لتنظيم القاعدة وللإرهابيين - ما يعد بمثابة تحريض لهم كي يهاجموا منشأة على الأراضي الأميركية - هنا تحديدا تكمن المشكلة، ونحن بحاجة للتفكير فيها مليا». داخل مجلس الشيوخ، أعرب جيم ويب، ديمقراطي من فيرجينيا، عن اعتقاده بأن مشكلة غوانتانامو تتمثل في افتقارها إلى عملية قانونية تكفل الحقوق على نحو ملائم، وليس الموقع الجغرافي لمنشأة الاحتجاز. وأعلن مؤخرا عن أن الإرهابيين المشتبه فيهم «لا ينتمون إلى بلادنا ولا إلى محاكمنا ولا إلى سجوننا».

*خدمة «نيويورك تايمز»