الحريري: اتفقت والأسد على طرح الأمور بإيجابية

وضع سجاله والوزير العريضي في إطار «اللعبة الديمقراطية»

البطريرك الماروني مستقبلا أمس رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الذي زاره في بكركي مهنئا بعيدَي الميلاد ورأس السنة الميلادية (دالاتي ونهرا)
TT

أكد رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، رغبته بـ«علاقة جيدة» مع سورية، واصفا زيارته الأخيرة إلى دمشق بأنها «كانت مهمة جدا بالنسبة لي»، مشيرا إلى «كلام صادق وصريح بيني وبين الرئيس (السوري) بشار الأسد، وانفتاح كامل».

وقال الحريري إن البدء بترسيم الحدود بين البلدين هدفه «فتح العلاقات الاقتصادية والتجارية»، موضحا أنه توافق مع الأسد على «طرح الأمور بشكل إيجابي لأنه الأمر الذي يفيد الشعبين والدولتين»، واصفا اللقاء معه بأنه كان «ممتازا».

ووصف الحريري ما جرى من سجال بينه وبين وزير الأشغال، غازي العريضي، في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء بأنه «طبيعي وفي إطار اللعبة الديمقراطية»، مقللا من أهمية طعن حزب الكتائب في البيان الوزاري، ردا على سؤال عن انتقاد القوات اللبنانية زيارته الأخيرة إلى دمشق، مشيرا إلى ضرورة «تحسين أدائنا بهدوء وحوار».

وكان الحريري قد جال، أمس، على المرجعيات الدينية المسيحية، وقدم التهاني بحلول الميلاد ورأس السنة الميلادية، كما جال على المرجعيات الدينية الإسلامية. وزار الحريري البطريرك الماروني نصر الله صفير، وعقد معه خلوة قال بعدها أنهما بحثا فيها «كل الأمور التي حصلت خلال الأسابيع الماضية، من تشكيل الحكومة، والبيان الوزاري، كذلك زيارتنا إلى كل من المملكة العربية السعودية وسورية وكوبنهاغن».

وأشار الحريري إلى أن زيارته سورية «كانت كما وصفها البعض تاريخية، وبالنسبة لي كانت مهمة جدا، خصوصا أنه كان هناك كلام صادق وصريح بيني وبين الرئيس بشار الأسد، وكان هناك انفتاح كامل، وتبادلنا الأفكار بالنسبة لمصلحة الدولتين والشعبين. وما يهمنا، كما قلت في سورية، أن المصلحة العامة هي التي يجب أن تبنى، وكذلك مصلحة الدولتين والشعبين، وهو ما يجب التركيز عليهما، وأن لا نطرح الأمور من قبيل تسجيل النقاط على بعضنا. وفي رأيي فإن الشيء الأساسي الذي يتحدث عنه البعض لا سيما في الصحف هو موضوع ترسيم الحدود. فنحن لماذا نريد ترسيم الحدود؟ هل من أجل بناء جدران أو وضع الشباك بيننا وبين سورية، أم نحن نريد ترسيم هذه الحدود من أجل فتح العلاقات الاقتصادية والتجارية، لكي تكون هناك علاقة جيدة بين البلدين. الأمور يجب أن تطرح بشكل إيجابي لا بشكل سلبي. وهذا الأمر هو الذي يفيد الشعبين والدولتين، وهذا كان رأي الرئيس بشار الأسد في هذا الموضوع، لأنه من الواضح أن هناك انفتاحا في هذا الموضوع، وعلينا أن لا نُسيّس هذه الأمور، بل نطرحها من زاوية تحقيق الفائدة وبشكل إيجابي». وأكد أن صفير «كان مباركا للزيارة»، وقال: «أنتم تعلمون أنني ذهبت إلى سورية بصفتي رئيس حكومة كل لبنان، وممثلا لكل اللبنانيين، وأنا مصر أن أكون رئيس حكومة لكل اللبنانيين، وهذا ما نريد البناء على أساسه. فهذه الحكومة هي حكومة كل لبنان، وكل الوزراء فيها هم وزراء لكل لبنان، وليس لفريق سياسي، وهذا ما يجب التركيز عليه».

وردا على سؤال عن هجوم الرئيس الأسبق، أمين الجميل، على البند السادس في البيان الوزاري (المتعلق بسلاح المقاومة)، وانتقاد رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية، سمير جعجع، لزيارته إلى دمشق، أجاب: «هذا البلد هو بلد ديمقراطي، وعلينا استماع واحترام الآراء الأخرى، وأن لا نعتبر أن الرأي الآخر هو يؤدي إلى تعطيل أي أمر في البلد. وعلينا أن نعتاد على أن نتقبل آراء الآخرين، وأن نناقش ونرى ما هي هواجسهم ونتعامل معهم على هذا الأساس. نحن أردنا الديمقراطية كنظام لهذا البلد، وإذا أردنا أن تكون هذه الديمقراطية هي الأساس لبلدنا، علينا أن يستمع بعضنا لبعض بكل هدوء وروية، وأن نجري نقاشا بنّاء، حتى لو كان في مرحلة سياسية صعبة تمر بها البلد. ولكن أهم شيء أن نستمع إلى الرأي الآخر ونتقبله ونرى ما هي الهواجس، لذلك علينا تحسين أدائنا بهدوء وحوار، وبأن نجمع كل اللبنانيين. نحن في لبنان نعيش في منزل واحد وهذا البلد هو منزل واحد، ونحن جميعا مسؤولون عنه، فأي واحد منا لا يريد أن يسير في هذا البلد أو يريد تخريب هذا المنزل فسيقع علينا جميعا كلبنانيين».

وردا على سؤال حول أجواء جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، أجاب الرئيس الحريري: «الجلسة الأولى كانت جيدة جدا، واتسمت بحوار هادئ، كان هناك بعض الخلافات في وجهات النظر وهذا أمر طبيعي، وما أريد التركيز عليه هو أن الديمقراطية تعني أن يكون لكل واحد رأي، وأن يسمع الرأي الآخر. ومن هذا المنطلق نحن نعمل».

وزار الرئيس الحريري بطريركية الروم الكاثوليك، حيث استقبله البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، ثم زار الرئيس الحريري مطرانية الروم الأرثوذكس، حيث استقبله متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة. وبعد الظهر، زار الحريري نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، ثم مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، في دار الفتوى، وبحث معهما «الأوضاع العامة وطبيعة التحرك الذي يقوم به الرئيس الحريري في الخارج».

وبعد اللقاء قال الحريري إنه زار الشيخ قبلان ومفتي الجمهورية ليؤكد أن هذه الأعياد، سواء كان رأس السنة الهجرية أو الميلاد، هي أعياد يجب أن نتشارك فيها، «وهي لكل اللبنانيين، لتثبيت العيش المشترك، ولكي يعرف اللبناني أننا في بلد يجمع كل هذه الطوائف والمذاهب التي تغنينا ومن المفروض أن تجمعنا».

واستنكر الحريري «التهجم على المقامات الدينية، سواء كانت دار الفتوى أو غيرها من المقامات»، معتبرا أنه «أمر مرفوض»، ملوحا بموقف «أكثر حدة في هذا الخصوص إذا استمرت هذه الأمور».