الكويت: البرلمان يلزم الحكومة بشراء فوائد قروض المواطنين وإعادة جدولتها

أقر قانون العمل الأهلي بعد مداولات استمرت أكثر من عام ونصف

TT

وافق البرلمان الكويتي أمس من حيث المبدأ على مقترح بقانون يلزم الحكومة بشراء فوائد قروض المواطنين وإعادة جدولتها عليهم، بأغلبية 35 نائبا مقابل رفض 17 وامتناع 3.

وأتت الموافقة النيابية مقابل رفض حكومي في جلسة طويلة امتدت من الصباح إلى ما بعد الثامنة من مساء أمس، أكد خلالها وزير المالية مصطفى الشمالي أن المقترح تشوبه مخالفات دستورية ولائحية وقانونية، كما أنه سيحمل المال العام من 2 - 3.75 مليار دينار كويتي (نحو 7 إلى 13 مليار دولار)، وذلك في حال إقراره.

وسيتعين على الحكومة رد القانون متى ما أقر بشكل كامل، إذ سبق وتحدث رئيسها في افتتاح أعمال الدورة الحالية للبرلمان عن الموضوع معلنا رفض الحكومة لمثل هذه المقترحات، وعليه، فإن إسقاط القانون سيتطلب وقوف ستة نواب في صف الحكومة من أصل 50 نائبا يتألف منهم البرلمان، بالإضافة إلى تضامن وزراء الحكومة بالتصويت (16 وزيرا).

يذكر أن ملف قروض المواطنين استمر مفتوحا منذ أربع سنوات، وشكل في فترات عنصر ضغط على الحكومة إلى جانب كونه مادة للنقاش في الشارع السياسي، نظرا لتفاوت وتباين وجهتي النظر حوله وارتباطه بمستقبل الدولة المالي. ويرى مؤيدو المقترح أنه سيسهم في التخفيف عن كاهل المواطن المثقل بالديون، خاصة بعد ازدياد تكلفة المعيشة وارتفاع الأسعار، ما أدى به إلى الاقتراض من مؤسسات مالية لم تطبق المعايير التي يفرضها بنك الكويت المركزي، ما أدى إلى تفاقم المشكلة لتصل فوائد القروض في بعض الأحيان إلى ما يزيد على أصل الدين نفسه.

من جهتها، سجلت الحكومة اعتراضها على المقترح لما يعتريه من مخالفات دستورية وإجرائية ولائحية، كونه يدخل الدولة طرفا في التزام بين طرفين (المقرض والمقترض)، وكذلك لكونه يفتقد للعدالة لعدم مساواته بين المواطنين المقترضين وغير المقترضين، وبين المقترضين أنفسهم، بالإضافة إلى أن المقترح يلزم الحكومة بتطبيقه بأثر رجعي، في الوقت الذي كانت الحكومة قد أنشأت فيه صندوقا لمعالجة أوضاع المتعثرين عن سداد ما عليهم من مديونيات. وقال وزير المالية مصطفى الشمالي أمام البرلمان إن حالات التعثر في السداد التي تم اتخاذ إجراءات قانونية بحقها تصل إلى 3.3 في المائة من إجمالي القروض المسجلة على الكويتيين، ونسبتها إلى قيمة إجمالي القروض 2.5 في المائة حتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي. وكشف الشمالي في بيان له أن تكلفة المقترح سيتحملها المال العام وتتراوح بين 2 إلى 3.75 مليار دينار كويتي (نحو 7 إلى 13 مليار دولار) نظرا لجدولة رصيد هذه القروض لمدد تصل إلى 15 عاما، مع تحمل الدولة فوائد وعوائد جدولة هذه القروض.

وأشار إلى أن الهيئة العامة للاستثمار، وهي الذراع الاستثمارية للدولة، ستخسر جراء تمرير هذا المقترح 33.5 في المائة من أموالها المودعة لدى البنوك المحلية، كان مقررا أن تسجل كعوائد تراكمية، حيث يصل إجمالي ودائع الجهات الحكومية 2.9 مليار دينار (نحو 10 مليارات دولار)، وذلك متى ما استخدمت ودائع المؤسسات الحكومية لتعويض الفوائد أو العوائد التي تم إسقاطها.

وذكر وزير المالية مصطفى الشمالي أن بنك الكويت المركزي قام بتصحيح عدة مخالفات شابت عمليات منح القروض الاستهلاكية والقروض المقسطة، كما حمّل البنوك والشركات تكلفة تصويب المخالفات التي بلغت قيمتها 102 مليون دينار كويتي (نحو 355 مليون دولار) مع فرض جزاءات مالية وصلت إلى 8.3 مليون دينار كويتي (نحو 29 مليون دولار).

واعتبر الوزير أن تمرير مقترح قانون إعادة جدولة أرصدة قروض المواطنين «سيخلق سابقة في مجال تحمل الحكومة أعباء القروض التي حصل عليها المواطنون الكويتيون وذلك في ظروف اعتيادية، الأمر الذي سيصعب مواجهة المطالبات بالمعاملة بالمثل في المستقبل، بالإضافة إلى تغذية النزعة الاستهلاكية للمواطنين وطلب المزيد من القروض على أمل إسقاطها أو إسقاط فوائدها مستقبلا، وعدم الانتظام في تسديد أي قروض جديدة، وبالتالي ازدياد المخاطر السلوكية والأدبية في الجهاز المصرفي والمالي».

يذكر أن البرلمان سبق له في جلسته المنعقدة أمس إقرار قانون العمل الأهلي الجديد، بعد أكثر من عام ونصف منذ شرع في مناقشته في الدورة البرلمانية الماضية، وعلى الرغم من أن القانون خلا من أي تعديلات جوهرية، فإنه أتى ليعطي مزيدا من الضمانات للعامل أمام صاحب العمل.

وجاء القانون بـ142 مادة ومذكرة إيضاحية، بهدف تنظيم العلاقة بين التزامات صاحب العمل وعماله، بالإضافة إلى إقراره جزاءات تأديبية وتحديد خطوات إنهاء عقد العمل من أي من الطرفين، وتوضيحه سقف مكافأة نهاية الخدمة ومدد الإجازات الدورية والمرضية والخاصة كالحج وعدة الأرملة، وأيضا إنهاء الخدمة بسبب الوفاة.

كان لافتا أن القانون لم يفرق بين العامل الكويتي والوافد في المنشأة، في الوقت الذي تلتزم فيه الدولة بدفع جزء العلاوات والبدلات الخاصة بالموظف الكويتي تحت بند قانون دعم تشغيل العمالة الوطنية، كما نظم إجراءات التعيين والتشغيل والتعليم والتدريب المهني، وتشغيل الأحداث والنساء بالإضافة إلى تأكيده على السلامة والصحة المهنية. واعتبر وزير العمل الكويتي محمد العفاسي أن إقرار البرلمان للقانون يتماشى مع الاستحقاق الدولي المتوقع من الكويت، ومتمنيا أن يدفع القانون بلاده لتصبح نموذجا يحتذى في منظمات العمل الدولية، في الوقت الذي تعاني فيه الكويت من تأخر موقعها في التصنيفات الدولية المتعلقة بحقوق العمال وتشغيل العمالة. ويتوقع أن يوازن قانون العمل الجديد كونه استبدل سابقه المعمول به منذ السبعينات، بين متطلبات وحقوق العمال وحماية مصالح أصحاب العمل، مع إبقائه على نظام الكفيل للعمال غير الكويتيين.

وكان البرلمان قد شرع في أغسطس (آب) الماضي في مناقشة قانون العمل، بعد أن تعطلت المناقشات في الدورة البرلمانية الماضية خلال شهر مارس (آذار) الماضي، إذ وافق النواب على المداولة الأولى منه، إلا أن حل البرلمان في ذلك الشهر أدى إلى عدم إقرار القانون بشكل كامل، وبالتالي أعيد النقاش حوله في الدورة الحالية، ليقر أخيرا يوم أمس.