السودان: شريكا الحكم يتفقان على إعادة قانون الاستفتاء للبرلمان ويختلفان في قانون آخر

اتفقا على إعادة فقرة مثيرة للجدل في قانون الاستفتاء تتيح لمواطني الجنوب وحدهم حق الاقتراع

TT

اتفق شريكا الحكم في السودان؛ حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، على إعادة قانون الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان إلى البرلمان مرة أخرى الأسبوع المقبل بعد إعادة مادة حذفت منه تسببت في أزمة شديدة بينهما، وأعلن الدكتور رياك مشار نائب رئيس الحركة الشعبية للصحافيين أن الطرفين اتفقا على إبقاء المادة في القانون، كما هي. فيما برزت، مرة أخرى، في الأفق خلافات بين الشريكين حول بند في قانون الاستفتاء في منطقة أبيي الغنية بالنفط المتنازع عليها بين الشمال والجنوب. وكانت الحركة الشعبية اعترضت بشدة على بند في مادة القانون تتعلق بمشاركة السودانيين الجنوبيين الذين يقيمون في الشمال قبل عام 1956، أي ما قبل الاستقلال عن الاستعمار الإنجليزي في الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب في عام 2011، ولكن حزب المؤتمر الوطني أصر على إبقاء المادة ما دفع إلى انسحاب الحركة الشعبية من الجلسة، ليجاز بالأغلبية الميكانيكية لنواب حزب المؤتمر الوطني في البرلمان.

وقال نائب رئيس اللجنة السياسية العليا للشراكة في الحكم الدكتور رياك مشار في تصريحات صحافية بعد لقاء استغرق نحو 7 ساعات مع علي عثمان طه نائب الرئيس، وأحمد الطاهر ورئيس البرلمان، إن الطرفين تجاوزا الخلاف حول تعديل المادة 3/27 وجددا الاتفاق على إبقائها كما هي، واعتبر مشار الاتفاق تعزيزا للاتفاق السياسي الذي تم بين رئيسي الحزبين الرئيس عمر البشير ونائبه الأول سلفا كير.

وكان وفد من الحركة الشعبية ضم مشار ونائب رئيس البرلمان أتيم قرنق ورئيس الكتلة البرلمانية ياسر عرمان أجرى اجتماعا مطولا بوفد من حزب المؤتمر الوطني برئاسة نائب رئيس البرلمان محمد الحسن الأمين وضم القياديين إبراهيم غندور وإسماعيل الحاج موسى، وعقد الوفدان اجتماعا مشتركا برئيس البرلمان قبل أن يعقدا اجتماعا ثنائيا ويلتقيان نائب الرئيس طه بمجلس الوزراء. وكشف عن تعديل آخر جرى في قانون الاستفتاء لمنطقة أبيي يتوقع أن يفجر خلافات جديدة بين الشريكين الأسبوع المقبل عندما يعرض هذا القانون على البرلمان للإجازة، ونسب إلى عضو البرلمان محمد عبد الله آدم، القول بحدوث تعديل جوهري أجرته اللجنة باتفاق الشريكين على مشروع قانون استفتاء أبيي في المادة مثار الخلاف المتعلقة بمن يحق له الاقتراع من الناخبين. ويدور الخلاف، أصلا، بين الشريكين حول قانون استفتاء أبيي حول من هو الشخص الذي يحق له التصويت في الاستفتاء، حيث يرى حزب المؤتمر الوطني أن التصويت للجميع، فيما ترى الحركة الشعبية أن التصويت لقبيلة «دينكا نقوك» الجنوبية المستوطنة في المنطقة. وقال النائب البرلماني، وهو من قيادات قبيلة المسيرية، التي ترى أن أبيي شمالية، إن التعديل حذف عبارتي «دينكا نقوك، الجنوبية، والسودانيين»، وأكد أنه سيكون المعيار في الاقتراع هو المواطنة، التي كفلها الدستور ويشمل ذلك المواطنين المقيمين في المنطقة التي حددها قرار محكمة التحكيم الدولية في لاهاي.

وقال فوجئت الساحة بتأجيل القانون المقرر عرضه للنقاش إلى الأسبوع القادم، وأضاف: «لا نقبل أي حذف أو إضافة على النقاط الجوهرية التي اتفقت عليها اللجنة بوجود ممثلي الشريكين».

في غضون ذلك، قال الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم في ندوة سياسية للأحزاب المعارضة في «ميدان المولد» في الخرطوم إن الحركة الشعبية ضد أي محاولة لفرض الوحدة بهدف نهب الموارد، وأضاف أن حركته مع «الوحدة الحقيقية القائمة على الاحترام والعدالة»، وحذر من أن السودان يقف الآن على حافة الهاوية. وكرر أموم رفض حركته القاطع لقانون الأمن، وقال إنه غير دستوري وبالتالي فإنه ملغى، وقال إن الحركة فاوضت حزب المؤتمر الوطني في نيفاشا واتفقت معه على أن يكون دور جهاز الأمن مهني يجمع المعلومات ويحللها ويسلمها إلى الجهات المسؤولة، لذلك فإنها ضد القانون الحالي وستعمل على تغيره.

ودعت مريم الصادق المهدي المهجي عضو المكتب السياسي لحزب الأمة المعارض في الندوة إلى استمرار المظاهرات والتعبئة من أجل الضغط على حزب المؤتمر الوطني لتعديل قانون الأمن الحالي ليتماشى مع الدستور، فيما دعا سليمان حامد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي المعارض في الندوة، القوى السياسية إلى النزول إلى الجماهير في وجه حزب المؤتمر الوطني، كما دعا إلى عدم التحاور مع حزب المؤتمر الوطني ما لم ينفذ الاتفاقيات التي وقعها مع القوى السياسية وأن يسحب قانون الأمن، وحذر: «إذا لم ينفذ المؤتمر الوطني هذه الشروط فإن على القوى السياسية أن ترفض الجلوس معه». في غضون ذلك، نسبت صحيفة «الرأي العام» السودانية إلى مصدر مطلع في الخرطوم قوله إن سكوت غريشن، المبعوث الأميركي للسودان أبلغ مسؤولا رفيع المستوى، لم يسمه، بالحكومة السودانية خلال زيارته الأخيرة للبلاد بأن الجنوب يتجه نحو الانفصال. وذكر المصدر أن غريشن أكد للمسؤول الحكومي أن الإدارة الأميركية مع دولة الشمال القوية والمستقرة التي تتخذها واشنطن بوابتها إلى أفريقيا، بجانب أن قوة الشمال فيها حماية ورعاية لدولة الجنوب الناشئة. ونقل المصدر قول غريشن بأن الولايات المتحدة توصلت لتلك القناعة، وقال المصدر إن غريشن أكد للمسؤول الرفيع، حرص الإدارة الأميركية على معالجة قضية العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، بجانب الديون الخارجية. ونبه المصدر إلى أن غريشن حرص لأول مرة على الالتقاء بقيادات وزارة المالية، التي بحث معها معالجة قضيتي رفع العقوبات الاقتصادية وديون السودان الخارجية.

وكانت الولايات المتحدة اتهمت أول من أمس حزب المؤتمر الوطني بتقويض «عملية السلام الهشة وذلك في علامة على أن العروض الأميركية الخاصة بزيادة التفاعل مع الخرطوم لم تتمخض عن نتائج»، على خلفية إجازة قانون الاستفتاء في البرلمان من دون حضور نواب الحركة الشعبية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن المؤتمر الوطني عدل عن اتفاق يحدد شروط استفتاء الجنوب، «وهو تحرك من شأنه أن يثير خلافات سياسية جديدة».