مسيحيو فلسطين أقل ثقة في إحلال السلام مع بداية احتفالات عيد الميلاد

يكتفون في غزة بإقامة شعائر دينية فقط

طفل فلسطيني بزي بابا نويل يشارك في الاحتفالات بمناسبة الميلاد امام كنيسة المهد في بيت لحم امس (إ ب أ)
TT

تحولت مدينة بيت لحم إلى ما يشبه ساحة احتفال كبيرة، مع بدء إحياء المسيحيين لعيد ميلاد السيد المسيح، أمس. وانتشر مئات من الفلسطينيين والحجاج الأجانب أمام كنيسة المهد في بيت لحم لاستقبال موكب غبطة بطريرك اللاتين فؤاد طوال، الذي يحيي قداس منتصف الليل.

وانتشر عشرات الشبان الذين يرتدون لباس بابا نويل، يوزعون الهدايا على المارة، بينما انطلقت الفرق الكشفية في استعراض في شوارع المدنية وأقيمت مسيرات للأطفال، وأخذت معظم المحال التجارية تصدح بالأغاني في مشهد يدل على فرح غامر.

ويرى المسيحيون في هذا اليوم يوما للصلاة وإطلاق أمنيات بأن يحل السلام وهم يحتفلون بعيد ميلاد السيد المسيح، وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) فور وصوله إلى بيت لحم للمشاركة في قداس منتصف الليل: «نحن نبعث رسالة سلام ومحبة لكل شعوب العالم، بمناسبة عيد الميلاد المجيد».

لكن ثقة المسيحيين بالوصول إلى هذا السلام تراجعت كثيرا هذا العام. وعبر عن ذلك البطريرك طوال وذلك قبل يوم من وصوله لكنيسة المهد، بقوله إن جهود إحلال السلام في الأراضي المقدسة منيت بالفشل، وأضاف طوال في رسالة بهذه المناسبة: «تبدو أحلامنا في السلام والمصالحة في الأرض المقدسة ضربا من المحال. ورغم الجهود المشكورة التي بذلها سياسيون وذوو النوايا الحسنة لإيجاد حل للصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن الواقع الأليم يتناقض مع أحلامنا».

وقال طوال إن الفلسطينيين ما زالوا من دون دولة تمكنهم من أن يعيشوا في سلام ووئام مع جيرانهم الإسرائيليين. وما زالوا يعانون من الاحتلال وصعوبة الوضع الاقتصادي، وتدمير المنازل في القدس الشرقية والانقسامات الداخلية. وأضاف أنه بعد سنة من الحرب على غزة، ما زال القطاع يعاني من حصار اقتصادي وانعدام حرية الحركة منه وإليه، ومن تلوث مقلق لمياه بحرها. وحث البطريرك على العمل من أجل السلام في موسم أعياد الميلاد، وقال إن أفضل هدية نسعى إليها، هدية تسمو على المال والثروة ألا وهي السلام. إنها أمنية جميع سكان هذه الأرض، الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.

وشكا بابا الفاتيكان بنيديكت السادس عشر في كلمة له يوم الأحد الماضي من أن المدينة التي شهدت ميلاد المسيح لم تعد اليوم رمزا للسلام. وحرصت بلدية بيت لحم على إضاءة المدينة المحاصرة بالجدران، في تحد لهذا الحصار، وقبل أسبوع أضاء عمدة مدينة بيت لحم فكتور بطارسة، شجرة الميلاد التي ترتفع نحو عشرة أمتار، في ساحة كبيرة أمام كنيسة المهد التي ولد فيها السيد المسيح.

وصرفت بلدية المدينة أكثر من 120 ألف دولار على الإضاءات وزينات شوارعها والساحات العامة.

وقال بطارسة لـ«الشرق الأوسط» إن «مدينة السلام ستفرح بعيد ميلاد رسول السلام، ولن تستسلم لهذه الجدران والبوابات الحديدية».

ويكتسب عيد الميلاد في بيت لحم أهمية استثنائية بالنسبة للفلسطينيين، فهم يروون في الاحتفالات، كذلك، اعترافا بالسيادة الفلسطينية على أقدس بقعة مسيحية، كما أن الاحتفالات التي تمتد حتى مارس (آذار) المقبل، ويتخللها الاحتفال بالعيد حسب التقويم الشرقي في 7 يناير (كانون الثاني) تعتبر مناسبة جيدة لتنشيط السياحة في المدنية التي تضررت لسنوات من غياب السياح عنها.

وقال بطارسة: «أتمننا استعداداتنا لاستقبال الحجيج من كل أنحاء العالم، ونتمنى أن تمر هذه المناسبة من دون حروب في المنطقة»، في إشارة إلى الحرب التي شنتها إسرائيل العام الماضي على غزة في مثل هذا التوقيت، مما أدى إلى إلغاء الاحتفالات في بيت لحم.

وبسب هذه الحرب تراجعت السياحة هذا العام بنسبة 30% عن العام الماضي، وقال بطارسة: «نريد أن تستعيد هذه المدينة الصغيرة مكانتها العظيمة وتساهم في نشر السلام». وشكا مسيحيو غزة من أنهم لن يستطيعوا الاحتفال هذا العام كذلك بأعياد الميلاد، ورفضت إسرائيل منح التصاريح لمن هم دون سن 35 لزيارة بيت لحم للمشاركة في الاحتفالات.

وقال بطارسة: «الاحتلال ينغص دائما فرحتنا». وقال مكتب العلاقات العامة في كنيسة الروم الأرثوذكس في غزة إن احتفالات عيد الميلاد ستقتصر هذا العام على الشعائر الدينية وبعض الاحتفالات الصغيرة للأطفال داخل الكنيسة، وذلك تماشيا مع الوضع والحصار المفروض على قطاع غزة.

وقال بيان للجيش الإسرائيلي، إنه منح 300 إذن مغادرة لمسيحيي قطاع غزة الذين تتجاوز أعمارهم 35 عاما للمشاركة في احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم. ويعيش في قطاع غزة 3500 مسيحي من أصل مليون ونصف المليون فلسطيني.