فرنسا تنضم إلى أميركا في رفض إلغاء القرار 1559

أستاذ في العلاقات الدولية: إلغاء القرار «قصر نظر» > نائب لبناني: قد يصبح مقدمة لإلغاء قرارات أخرى

TT

يتطور التجاذب القائم بشأن قرار مجلس الأمن 1559 في لبنان ويمتد إلى خارجه، مع دخول وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير وسفيرة الولايات المتحدة في بيروت ميشيل سيسون على خط رفض إلغائه، في حين لا تزال مواقف قوى «8 آذار» تؤكد أن القرار بات في حكم الملغى، كما ورد في تصريح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أول من أمس عندما قال «لدينا أرض محتلة، والسلاح هو أيضا للدفاع عن الأرض اللبنانية، ولا حق للأمم المتحدة أن (تشلّحنا) (تنتزع منا) سلاحنا، ثم قبل أن ينفذوا الـ1559 فليوقفوا الطلعات الجوية فوق أرضنا».

وفي حين لم يصدر أي كلام لبناني رسمي بشأن أي طلب لإلغاء القرار، يقول أستاذ العلاقات الدولية الدكتور شفيق المصري إن هذا الطرح يكشف «قصر نظر لأن بنوده لا تقتصر على سلاح المقاومة وإنما تشمل الجيش الإسرائيلي الذي لا يزال يحتل مناطق لبنانية». ويوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «القرار 1559، وأسوة بقرارات مجلس الأمن كافة، لا يحق لأي سلطة أخرى إلغاؤه، ولا يحق حتى للجمعية العمومية أن تقوم بتعديله أو شطبه أو تصعيده إلا من خلال مجلس الأمن ذاته إذا قبل هو بذلك، مما يعني أن الدول منفردة لا يمكنها أن تقدم طلبا ملزما لتحقيق ذلك. وحده مجلس الأمن له الحق بالتذكير بالقرار أو تعديله أو تصعيده أو إلغائه». ويضيف «كما أن مجلس الأمن هو الذي يحرص على متابعة القرار 1559 منذ صدوره عام 2004 ولغاية الآن. وهذا دليل على اهتمامه بتنفيذ بنوده كافة».

ويؤكد المصري أن «القرار 1559 لم يستنفد كل أغراضه بعد. وذلك لأن البند الأساسي فيه والمتعلق بسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه لم يكتمل. فهذا البند ينص على انسحاب القوات غير اللبنانية من لبنان من دون أن يحدد هوية هذه القوات. وبالتالي يشمل كل القوات غير اللبنانية المتبقية على أرض لبنانية. وبتحديد أدق، هو يشمل القوات الإسرائيلية التي لا تزال تحتل أرضا لبنانية في الجنوب. من هنا فإن لبنان الرسمي إذا زعم أنه استكمل تنفيذ القرار 1559، فهذا يجعله يبدو وكأنه تخلى عن الأرض التي تحتلها إسرائيل».

أما بخصوص البند المتعلق بسلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية فيقول المصري «سبق أن تم توضيح هذا البند عبر مسارين. المسار الأول الذي حدد آلية حل مسألة سلاح حزب الله عبر الحوار الداخلي بتوافق لبناني. والمسار الثاني يتعلق بسلاح الميليشيات غير اللبنانية والتي أقرت طاولة الحوار الأولى عام 2006 تنفيذها، أي نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وبالتالي عندما نقول إن القرار نفذ ويجب إقفال هذا الملف، فكأننا بذلك نعترف بأن مسألة السلاح في يد ميليشيات غير لبنانية حلت، أو أن الحكومة تغاضت عنها». ويشدد المصري على أن «أهمية القرار 1559 تكمن أيضا في وروده في الفقرة الثامنة من القرار 1701 كأحد المكنونات الأساسية لمعالجة الوضع بين لبنان وإسرائيل. بالتالي فإنه ليس من المنطق إطلاقا أن نعلن أننا نتشبث بالقرار 1701 ونطالب بشطب أحد مكوناته».

ويقول النائب السابق والقيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش، لـ«الشرق الأوسط»: «المطالبة بإلغاء القرار 1559 هي محاولة لتهميشه، أكثر مما هي سعي جدي لإلغائه. والمعروف أن الأمم المتحدة تراقب تنفيذ قراراتها وترصد الأموال لأجل ذلك. وبالتالي تعرف أن بعض بنود هذا القرار لم تنفذ حتى الآن». ويضيف: «إلا أن المستغرب أن يأتي طلب الإلغاء من سورية، وكأن هناك محاولة للمزايدة والتأكيد لحلفائها في لبنان اهتمامها بأمرهم». ويشير إلى أن «الخوف من أن تكون الحملة لإلغاء هذا القرار مقدمة لإلغاء قرارات أخرى، منها القرار 1701، وقرار تشكيل المحكمة الدولية لملاحقة الذين ارتكبوا جرائم الاغتيال في لبنان، وإلغاء قرار مجلس الأمن رقم 1680 الصادر عام 2006 والذي تناول مسألتي العلاقات الدبلوماسية بين سورية ولبنان وترسيم الحدود».

وفي حين يرى علوش أن «السعي لإلغاء هذا القرار لن يؤدي إلى نتيجة»، يشير إلى أنه «سيتسبب في إحراج لبنان دبلوماسيا. فما فعله وزير الخارجية علي الشامي لجهة طرح الموضوع على البعثة اللبنانيين في مجلس الأمن وعلى السفراء هو مخالف للدستور. إذ ينبغي بحث هذه المسألة في مجلس الوزراء ومن ثم تكليف الشامي بها إذا تم الاتفاق عليها». وينفي أن يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قد طرح الأمر خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن. ويؤكد أن (مثل هذا الطلب لن يجد صدى له لدى الحكومة التي لا تزال تضم أكثرية تستند إلى الرأي العام المؤيد لقوى 14 آذار. فهذه القوى لا تزال موجودة ومتمسكة بالقرارات الدولية)». وكان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد قال إن «حقنا في المقاومة لا يقبل نقاشا، لكن من يرد أن يبحث في دور المقاومة وموقعها في السياسة الاستراتيجية الدفاعية فيمكن أن يبحث على طاولة الحوار، أما الحق فهذا أمر لا يناقش فيه لا على المستوى الأخلاقي ولا على المستوى الدولي ولا على المستوى الإنساني ولا على أي مستوى آخر». وأضاف «أعتقد أن 1559 صيغة مضت الآن وفق صيغة (15+5+10) التي تشكلت في ضوئها حكومة الوفاق الوطني».

في المقابل، دعا النائب في تكتل «لبنان أولا» عقاب صقر إلى «مقاربة لبنانية خاصة للقرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وذلك عبر القيام بحملة ولو شكلية، والقول للمجتمع الدولي إننا طبقنا القرار وهذا تفسيرنا له، وعبر سحب بعض سلاح الميليشيات من الساحة. إذ لا يمكن القول للمجتمع الدولي إن السلاح المتوسط والخفيف الذي وجه إلى بيروت وإلى الجبل في 7 مايو (أيار) أدوات مطبخ»، وتساءل «أين هي مقاومة الحزب السوري القومي الاجتماعي منذ استلام حزب الله للمقاومة وكذلك مقاومة تيار التوحيد وحزب الاتحاد؟»، وشدد على ضرورة سحب أي سلاح ومع أي جهة كان.

وأوضح صقر أن «المطالبة بإلغاء القرار 1559 تفتح لإسرائيل المجال للمطالبة بسحب القرارات الدولية التي ليست في صالحها وعدم تطبيق القرار 1701، لذلك تتم طريقة المعالجة عبر التعاطي مع القرار بسياسة موضوعية وفقا للواقع وظروفه، إذ إن أمامنا خيارين، الأول هو الاصطدام مع المجتمع الدولي، والثاني المباشرة بتطبيقها وفقا لمفهومنا وربح الوقت». ووصف المطالبة بإلغائه بأنها «أضغاث أحلام لن تؤدي إلى شيء إلا إلى السخرية من لبنان، لا سيما بعد أن أصبح لبنان عضوا في مجلس الأمن».