الحريري يؤكد أن العلاقة مع دمشق لن تدار من أجهزة الاستخبارات

دعوات لإقالة وزير «الكتائب» بعد طعنها في «بند السلاح»

TT

أكدت مصادر لبنانية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن لا شيء تقرر بعد بالنسبة للزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء السوري ناجي العطري إلى بيروت قريبا، مشيرة إلى أن نتائج زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى دمشق ستبدأ بالظهور في النصف الثاني من الشهر المقبل على الأقل، وقبل ذلك الحين لا زيارات متبادلة بين الوزراء أو رئيسي الحكومة في البلدين. وتحدثت المصادر عن «اتصالات شبه يومية» بين «بيت الوسط» حيث مقر الرئيس الحريري وبين دمشق، لكنها أشارت إلى أنه لم يحدد شيء بعد بالنسبة للزيارات.

وكان الرئيس الحريري قد التقى ليل أول من أمس حليفيه المسيحيين، الرئيس السابق أمين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع، حيث أطلعهما على نتائج زيارته الأخيرة إلى العاصمة السورية. وقالت مصادر اطلعت على أجواء اللقاء إنه كان «ممتازا»، مشيرة إلى أن الجميل وجعجع «ارتاحا كثيرا لما أبلغهما إياه الحريري على صعيد تأكيده أن العلاقة بين سورية ولبنان ستكون من دولة إلى دولة ولن تدار بواسطة أجهزة الاستخبارات».

وأكد الرئيس الحريري أمس ردا على سؤال عن موعد الترجمة العملية لزيارته دمشق بأن «الأمور الإيجابية هي أننا اليوم بدأنا علاقة جديدة وفتحنا صفحة جديدة مع سورية»، وقال: «نحن ننظر إلى الأمام لكي تحدث عدة إجراءات سنقوم بها نحن والدولة السورية لمصلحة الشعبين والدولتين، والتركيز هو على أهمية الصراحة وعلى المصالح المشتركة للدولتين وللشعبين». وعمّا إذا كان يتوقّع مزيدا من اللقاءات بين القيادات اللبنانية والسورية، قال الحريري: «إن شاء الله، وأنا برأيي أن هذا الموضوع يكون التعامل فيه».

وفيما يخلد الوسط السياسي اللبناني إلى «استراحة الأعياد» مع نهاية العام الميلادي، بقي موضوع الطعن الذي أعلن حزب الكتائب أنه سيقدمه إلى المجلس الدستوري بالبند السادس من البيان الوزاري المتعلق بحق لبنان «بشعبه ومقاومته وجيشه» العمل من أجل الدفاع عن لبنان وتحرير أرضه بالوسائل المشروعة، موضع أخذ ورد، مع تسجيل «حملة مضادة» شنها «الثنائي الشيعي»، حركة أمل التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري وحزب الله، على خطوة الكتائب، على الرغم من أن الأوساط القانونية والسياسية تعتبرها غير ذات جدوى قانونيا وسياسيا بعد التصويت على البيان الوزاري في البرلمان، وهو ليس قانونا للطعن به. وقد طالب بعض هؤلاء بإقالة ممثل الكتائب في الحكومة وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ الذي رفض في اتصال مع «الشرق الأوسط» الرد على هذه الدعوات لانشغاله «بأمور أهم هي توزيع الهدايا على المحتاجين»، معتبرا أن كل ما يثار هو «فقاقيع».

وطالب عضو كتلة بري النائب غازي زعيتر، رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري بـ«إقالة الصايغ»، مشيرا إلى أنه «لا مراجعة للطعن في البيان»، مؤكدا «حق اللبنانيين في مقاومة إسرائيل».ولفت زعيتر إلى أن «وحدة اللبنانيين هي بالتعاون مع الجيش اللبناني والمقاومة والشعب بتحرير الأرض»، مشددا على «أن المقاومة أثبتت نجاحها وفي محطات عدة في هزيمة إسرائيل»، فيما اعتبر عضو الكتلة نفسها عبد المجيد صالح «عملية الطعن في البند المتعلق بسلاح المقاومة طعنا في الثقة الكبيرة التي ظهرت في المجلس النيابي للحكومة اللبنانية وهو خروج عن الإجماع الوطني». وإذ رأى رئيس كتلة حزب الله البرلمانية محمد رعد أن الكتائب كان يفترض بها أن «تدرسه بدقة قبل أن يطرح» وضع ممثل حزب الله في الحكومة محمد فنيش الاتجاه الكتائبي في إطار «سعي بعض الناس إلى الاستمرار في الحضور الإعلامي وإرضاء جمهورهم الخاص فيتحدثون بلغة لا قانونية ولا دستورية»، معربا عن اعتقاده بأنه «لا يفوت أصحاب هذا الموقف أن المجلس الدستوري يطعن في القوانين، والمجلس الدستوري ليس المرجعية للبت بصلاحية بيان وزاري للحكومة»، معتبرا هذا أمرا فيه استخفاف بعقول الناس. وأضاف: «حقهم ليفعلوا ما يشاءون، الحكومة تأخذ ثقتها من المجلس النيابي والبيان الوزاري للحكومة حصل على ثقة المجلس النيابي، طالما هناك إرادة لقوى سياسية أساسية، بعض الذين يستشعرون ضعفا في دورهم يريدون أن يعوضوا شعورهم بالضعف بإطلاق مواقف عصبوية. هذا شأنهم لن يؤثر في مجرى العمل الحكومي ولن يغير في مسار الأمور في لبنان». ودعا عضو الكتلة النائب علي فياض المعترضين على المقاومة إلى إعادة النظر في موقفهم لأنه سيظهر لهم أكثر فأكثر عجزهم عن إعاقة المسار السياسي الإيجابي الذي تشهده البلاد والذي يقوم على مناخات شبه إجماعية تضم الاتجاهات السياسية الكبرى في البلاد. وفي المقابل وصف النائب الكتائبي ايلي ماروني سعي حزب الكتائب لتقديم الطعن لدى المجلس الدستوري في إطار «المساعي لإثبات أنه لا يمكن بناء الدولة والمؤسسات الدستورية إذا كان هناك سلاحان بين جيش لبناني شرعي ونظامي وجيش حزب الله غير الشرعي»، وقال: «بالتالي لقد استعملنا كل الوسائل السياسية من خلال مناقشة البيان الوزاري وسجّلنا ملاحظاتنا دون جدوى واليوم نلجأ إلى الطرق القانونية، هذه هي طريقتنا في الاعتراض على كل من يمسّ الدولة بأمورها الداخلية ونحن نحاول أن نسمع رأي المجلس الدستوري وهو أعلى سلطة في لبنان حول مدى دستورية وقانونية بند سلاح حزب الله». وأضاف: «سنسمع رأي المجلس الدستوري وما إذا كان سيعتبر البيان الوزاري، لا سيما في بنده السادس، قانونيا أم منصوصا عليه في نص القانون هذا من جهة، ومن جهة ثانية إذا اعتبر المجلس الدستوري أن هذا الملف لا يعنيه لأنه ينظر في دستورية القوانين، فمعنى ذلك أن هذا البيان ليس قانونيا ولا دستوريا ولا نظاميا ولا يشرعن أي أسلحة خارج إطار الشرعية».

أما رئيس المجلس الإعلامي في «الكتائب» سيرج داغر فقد أشار إلى أنه في حال تعهد حزب الله أن يسلم سلاحه بعد تحرير الغجر فالكتائب ستتوقف عن الحديث عن السلاح». وعن طعن الكتائب بالبند السادس بالبيان الوزاري الخاص بالمقاومة، قال داغر «إن هناك خللا في النظام الديمقراطي»، مؤكدا أن حزب الكتائب كان في أكثر من مكان قادرا على الخروج من الحكومة التي لم تمنح الكتائب حقها بالتمثيل الصحيح بالإضافة إلى مشكلة البند السادس لدى صوغ البيان الوزاري، مشددا على أن «الخروج من الحكومة هو خروج من الحياة السياسية لأن الحكومة هي صيغة مصغرة عن المجلس النيابي»، داعيا المنزعجين من الطعن الكتائبي إلى الخروج من الحكومة والاستقالة.