الأفغان يرون أن أيام السوفيات كانت أفضل

مقتل جنديين من القوات الدولية في هلمند

TT

أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمس عن مقتل اثنين من جنوده أحداهما كندي والآخر بريطاني إثر انفجار قنبلة كانت مزروعة جانب الطريق في جنوب أفغانستان المضطرب.

وقالت قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) التي يقودها الناتو في بيان لها إن جنديا بريطانيا قتل أول من أمس الثلاثاء إثر انفجار قنبلتين كانتا مزروعتين بجانب الطريق في إقليم هلمند ليبلغ بذلك عدد القتلى ضمن صفوف الجنود البريطانيين في أفغانستان حتى الآن 106 جنود.

وأوضحت إيساف أن جنديا كنديا قتل أمس الأربعاء في هجوم مماثل في إقليم قندهار ولكنها لم تقدم مزيدا من التفاصيل. ووفقا لما ذكره موقع إلكتروني مستقل يقوم بإحصاء عدد القتلى في العراق وأفغانستان أن أكثر من 500 جندي تابع للقوات الدولية منهم أكثر من 410 من القوات الأميركية والبريطانية قتل في أفغانستان هذا العام حتى الآن. ويعد هذا العام الأكثر دموية بالنسبة لقوات الناتو منذ الإطاحة بنظام طالبان في أواخر عام 2001. ويتمركز حاليا أكثر من 110 آلاف جندي أجنبي في أفغانستان. ومن المتوقع أن يصل 37 ألف جندي إضافي من الولايات المتحدة وقوات الناتو الأخرى للبلاد بحلول الصيف المقبل.

من جهة أخرى لا يزال الشهود الصامتون على هزيمة السوفيات في أفغانستان يستغربون الوضع الحالي. ولا تزال دبابات الجيش الأحمر الصدئة موجودة في العديد من الطرقات يلهو الأطفال في بعضها. وكان الغزو السوفياتي لأفغانستان منذ ثلاثين عاما مضت بداية لحرب تواصلت إلى يومنا هذا مع تغاير في حدتها واختلاف أطرافها. واستغرق الأمر ما يربو على تسعة أعوام حتى انسحب جنود القوة العظمى آنذاك. وقتل نحو 1.2 مليون أفغاني خلال الاحتلال. ومع ذلك، فإن عددا متزايدا من الأفغان اليوم لديهم صورة وردية عن الاحتلال السوفياتي في ظل تزايد الانتقادات ضد القوات الغربية الموجودة في البلاد منذ ثماني سنوات. وكان نور الحق علومي، رئيس اللجنة الأمنية في البرلمان الأفغاني، عمل كجنرال في الجيش الأفغاني أثناء الغزو السوفياتي للبلاد. وقال إنه يعتقد أن القوات الأجنبية تتظاهر اليوم وحسب بمحاربة الإرهاب. وقال عضو البرلمان من إقليم قندهار جنوبي البلاد «يريدون زيادة نفوذهم في الدول المحيطة بنا إلى دول وسط آسيا في الشمال أو إلى الغرب (تجاه إيران) يفعلون ذلك تحت ستار تعزيز الاقتصاد والديمقراطية». وقال إن الحياة في ظل السوفيات كانت أفضل من الوضع الحالي. وليس الجنرال السابق هو وحده الذي يفضل السوفيات. فحتى بين بعض المجاهدين، المقاتلين المسلمين الذين أخرجوا الروس من البلاد، فإن الجيش الأحمر يحظى بنوع من التفضيل عن حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي من المقرر أن ينشر مطلع العام المقبل مزيدا من القوات في أفغانستان أكثر من السوفيات للمرة الأولى. وعندما تصل التعزيزات المقررة سوف يكون عدد القوات الأجنبية في أفغانستان نحو 150 ألف جندي مقارنة بأقصى عدد وصل له الجيش الأحمر في البلاد وهو 120 ألف جندي. وبحلول عام 2011 فإن القوات الغربية ستكون مكثت أيضا فترة أطول من قوات الجيش الأحمر. وحارب المحلل والكاتب وحيد مزهدا ضد الجيش الأحمر وفي وقت لاحق ترأس إدارة في وزارة الخارجية في ظل حكم طالبان.

وقال مزهدا «كان سلوك الروس أفضل من سلوك الأميركيين فضلا عن الجنود الغربيين الآخرين».

ويقول المحلل إنه على سبيل المثال لا يذكر أي شخص قيام الجنود السوفيات بعملية بحث عن النساء، مضيفا أنه حتى عندما كانت تدخل الدبابات الروسية لإحدى القرى لشن قتال كان الجنود يقدمون الحلوى للأطفال. ومضى المحلل قائلا إن السوفيات احترموا أيضا كبار السن في حين حبس الغربيون حتى الأطفال في معسكر غوانتانامو.

وأوضح مزهدا أن الروس تحاوروا مع المسلمين بصورة أكبر مما تفعله القوات الغربية.

وقال مزهدا: «أدى عدم احترام ثقافة الشعب الأفغاني إلى تزايد التأييد لطالبان مجددا».

والتكتيكات الوحشية للجيش الأحمر سرعان ما يطويها النسيان. واشتكى مزهدا من أن النساء والأطفال يقتلون الآن في العمليات العسكرية ويتسبب سقوط ضحايا من المدنيين في غضب متزايد بين الأفغان. بيد أن المدنيين الذين قتلوا في ظل الغزو الروسي لأفغانستان كانوا أكثر. وترسم الأرقام صورة واضحة عن مدى القسوة التي كانت موجودة في ذلك الصراع. ولا يزال غير واضح عدد الأفغان الذين قتلوا وبينهم المسلحين وقوات الشرطة والجنود والمدنيين، منذ الإطاحة بنظام حكم طالبان في عام 2001، لكن يعتقد أن عددهم يصل إلى مئات الألوف. بيد أن ما يربو على مليون أفغاني لقوا حتفهم في ظل الغزو الروسي للبلاد. وفي تسعة أعوام من الحرب، قتل نحو 15 ألف جندي من الجيش الأحمر، أما في أول ثمانية أعوام من الصراع الجديد فإن ما يربو على 1500 جندي غربي لقوا حتفهم، لكن هذه الخسائر البشرية تزايدت مع كل سنة من الصراع ولا يعتقد وجود تغير في هذا الاتجاه. على الرغم من الفارق الكبير في موازين القوى إلا أن مزهدا يوازي ما بين الصراعين، قائلا إن الروس واجهوا حركة مسلحة وطنية في المناطق الريفية والأمر نفسه يحدث الآن. ويقول مزهدا إن القوات الأجنبية لم تدرك اليوم أن عليهم التعاون مع السكان القرويين وأن المسلحين يستفيدون أيضا من خبراتهم في القتال ضد الحكم السوفياتي. وأضاف المحلل الأفغاني «لذا فالوضع اليوم بات أخطر مما كان عليه إبان القتال ضد الروس». إلا أن منير أحمد، عامل بناء في كابول وجندي سابق، لديه انطباعات جيدة قليلة عن السوفيات. ويقول «الشيوعون والروس» مسؤولون عن تدمير أفغانستان اليوم.

وأضاف أحمد إلا أنه على الرغم من هذا فإنه في ظل السوفيات لم تكن هناك تفجيرات انتحارية، كما أن السوفيات ساعدوا الفقراء على عكس الأميركان.

وقال أحمد «لا يزال الروس أفضل مقارنة بالأميركيين».