إيران: حظر مراسم العزاء لمنتظري.. والشرطة تتأهب لتظاهرات «عاشوراء».. وتهدد باعتقال قادة المعارضة

محكمة ثورية تقضي بالسجن 6 سنوات للمتحدث الرئاسي السابق لخاتمي

TT

حظرت السلطات الإيرانية أمس، كل مراسم العزاء التي تقام في ذكرى وفاة آية الله العظمى حسين علي منتظري الذي توفي السبت الماضي، في وقت حذرت فيه السلطات، المعارضين من إجراءات قاسية مع توقع خروج تظاهرات جديدة في يوم عاشوراء الأحد المقبل، قد تصل إلى حد اعتقال قادة المعارضة. وحكم أمس على شخصية إصلاحية إيرانية بارزة بالسجن ست سنوات بتهمة المس بالأمن القومي. فيما بدا أن التظاهرات المعارضة للرئيس أحمدي نجاد تنتشر في أنحاء المدن الإيرانية بعدما كانت طهران تحتضن أغلبها. وأعلن موقع «برلمانيوز» التابع للمعارضة الإصلاحية على الإنترنت أمس أن حظر السلطات لمراسم العزاء يشمل كل المدن الإيرانية باستثناء مدينتي قم حيث يرقد آية الله الراحل، ونجف آباد (وسط) التي يتحدر منها. ولم يعلن هذا المنع رسميا لكنه أدى إلى إلغاء العديد من التجمعات لذكرى منتظري. وكان من المقرر أن تشهد مدينة كاشان 135 ميلا جنوب طهران، احتفالا لتأبين آية الله منتظري، إلا أن لافتة كبيرة وضعت في البلدة تعلن أن مجلس الأمن القومي الأعلى، حظر أي مراسم عزاء لمنتظري ما عدا في مدينتي قم ونجف آباد. وقالت مواقع معارضة على الإنترنت إن قوات الأمن اشتبكت مع أنصار منتظري الذين تجمعوا للعزاء في أصفهان وهي واحدة من أكبر المدن الإيرانية. كما وردت تقارير أيضا عن اشتباكات بالأيدي في مدينة نجف آباد المجاورة.

وحكمت محكمة إيرانية أمس على عبد الله رمضان زاده الذي يعتبر من أبرز شخصيات التيار الإصلاحي في إيران، بالسجن ست سنوات بتهمة المس بالأمن القومي على ما أفادت الخميس وكالة فارس. وقد اعتقل رمضان زاده، الناطق السابق باسم الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، في 14 يونيو (حزيران) خلال قمع تظاهرات الاحتجاج على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد المطعون في شرعيتها. وأفادت الوكالة أن «الفرع 15 في المحكمة الثورية أعلن أن المحكمة الابتدائية أدانت رمضان زاده، أحد المتهمين في الحوادث الأخيرة، بالسجن ست سنوات».

وذكرت وكالة «فارس» أن «من التهم» الموجهة إليه «المس بالأمن القومي والدعاية ضد الجمهورية الإسلامية وحيازة وثائق سرية».

ودفع رمضان زاده، الذي عمل زادة متحدثا باسم الحكومة خلال فترة رئاسة الرئيس السابق محمد خاتمي من عام 1997 حتى عام 2005، ببراءته في جلسة عقدت في نوفمبر (تشرين الثاني) كما أفادت وسائل الإعلام الإيرانية. وقال في سبتمبر (أيلول) إنه تعرض إلى ضرب شديد إثر اعتقاله مع ابنه وإنه أودع في زنزانة معزولة. ورمضان زاده عضو بارز في جبهة المشاركة التي تعتبر أكبر حزب إصلاحي. وينص القانون على أنه يمكن استئناف أي حكم بالسجن يتجاوز ثلاثة أشهر وبالإمكان الإفراج عن المدان خلال فترة من عشرين يوما يستفيد خلالها من حق الاستئناف. واستفاد رمضان زاده من إطلاق سراحه لأربعة أيام حتى الأحد بعد دفع كفالة قدرها ثمانية ملايين ريال (800 ألف دولار) على ما أضافت «فارس».

وفي الشهر الماضي قالت وسائل إعلام إيرانية إنه حكم أيضا على محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإصلاحي السابق، بالسجن ست سنوات. وأفرج عنه في وقت لاحق بكفالة قدرها 700 ألف دولار إلى حين البت في الاستئناف المقدم من جانبه. وكان أبطحي أبرز شخصية إصلاحية يصدر عليها حكم بالسجن بعد الانتخابات وكان من بين عشرات الإصلاحيين البارزين الذين اعتقلوا بتهمة محاولة قلب النظام من خلال تنظيم احتجاجات بعد الانتخابات.

واعتقل آلاف بعد الانتخابات التي تقول المعارضة إنها زورت لصالح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ليفوز بفترة رئاسية ثانية. وتنفي السلطات الإيرانية حدوث تزوير. وأفرجت السلطات عن غالبيتهم منذ ذلك الحين لكن أكثر من 80 صدرت عليهم أحكام وصل بعضها إلى السجن 15 عاما طبقا للسلطة القضائية. كما صدر على خمسة حكم بالإعدام.

إلى ذلك يتأهب حكام إيران لاختبار جديد لقوتهم في مواجهة المحتجين يوم الأحد المقبل عندما يتزامن يوم عاشوراء مع مرور 7 أيام على وفاة رجل الدين المعارض آية الله العظمى حسين منتظري، الذي كان يوما عنصرا رئيسيا في الصفوة الحاكمة. وتستغل حركة المعارضة الإصلاحية التي تضخمت بعد انتخابات الرئاسة المتنازع على نتائجها والتي أجريت في يونيو (حزيران)، المناسبات السياسة والدينية في الجمهورية الإسلامية لتنظيم احتجاجات والإبقاء على زخم نضالها.

وحذر قائد الشرطة الجنرال إسماعيل أحمدي مقدم، باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد المتظاهرين. وقال أحمدي مقدم أمس في تحذير عبر التلفزيون الرسمي، إن الشرطة سوف تتخذ نهجا «قاسيا» ضد أولئك الذين يرتكبون «الانتهاكات التي تؤدي إلى الفوضى»، مشيرا إلى أن الإجراءات قد تصل إلى حد اعتقال قادة المظاهرات العنيفة.

وقال قائد الشرطة الذي تحدث بوصفه نائبا للممثل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، إن المتظاهرين سوف يواجهون بحملة شرسة إذا تظاهروا بطريقة «غير قانونية». وأضاف «إننا ننصح (المعارضة) بوضع حد للأنشطة غير القانونية». وحظر على وسائل الإعلام الأجنبية القيام بتغطية مباشرة للاحتجاجات وطلب منها ألا تذهب إلى قم بعد وفاة منتظري.

ويبدو أن إيران باتت تواجه صراعا داخليا طويل الأجل، كما تخطت التظاهرات التي كانت محصورة في طهران، الحدود لتشمل مناطق ومدنا جديدة، مثل قم، وأصفهان، ونجف آباد. ووقعت احتجاجات أول من أمس في هذه المدن الثلاث، حيث اشتبك أنصار رجل الدين آية الله منتظري، مع الشرطة والقوات شبه العسكرية بملابس مدنية.

وليس من الواضح كيف سينتهي هذا التصعيد الداخلي في إيران، كما أن القيود المفروضة على التغطية الإعلامية المستقلة تعوق أي تقييم لما يحدث داخل مجتمع. وقال علي أنصاري، الأستاذ في جامعة سانت اندروز باسكوتلندا لـ«رويترز» «سيزداد الوضع سوءا». وأضاف «عندما يقول الناس إنه ما من شيء سيحدث أو أنه ستكون هناك ثورة مخملية سلسة فإنها مجرد أمنيات. ستكون الأحداث عنيفة للغاية». من جهة ثانية قالت وسائل إعلام إيرانية إن طهران ستحظر ابتداء من الشهر القادم الأوراق المالية المكتوب عليها شعارات معارضة، وهي خطوة قال موقع إيراني على الإنترنت إنها استجابة لظهور شعارات سياسية على بعضها. وظهرت عبارات تأييد لموسوي مثل «آه حسين مير حسين» مكتوبة على أوراق النقد منذ الانتخابات. ونقلت صحيفة «جام أي جام» اليومية عن إبراهيم درويشي المسؤول بالبنك المركزي الإيراني قوله «ستكون كل العملات المكتوب عليها أو المختوم عليها أو التي تحمل أي علامات إضافية، باطلة». وقال موقع «أياندي» المعروف بأنه مقرب للسياسي المحافظ محسن رضائي في عنوان رئيسي بشأن هذا القرار «رد فعل البنك المركزي لكتابة الشعارات على أوراق النقد». وشوهدت هذا الأسبوع ورقة نقدية من فئة 20 ألف ريال (نحو دولارين) وقد كتب عليها أحد الأنصار عبارة «منتظري لم يمت».