مسيحيو العراق يستقبلون أعياد الميلاد بدون مظاهر احتفالية

بسبب الاعتداءات التي طالتهم في الموصل أخيرا.. وكذلك مراسم عاشوراء

TT

يستقبل مسيحيو العراق عيد ميلاد السيد المسيح اليوم والحزن والقلق يلفان حياتهم مع تكرر استهدافهم في الأسابيع الأخيرة خاصة في الموصل، مركز محافظة نينوى الشمالية، رغم تعزيز الحكومة الإجراءات الأمنية حول كنائسهم. كما أن إحياء الشيعة لمراسم عاشوراء، (ذكرى مقتل الإمام الحسين) التي تبلغ ذروتها الأحد دفع بالكثيرين منهم إلى إلغاء احتفالاتهم.

رجل دين مسيحي رفض الكشف عن هويته أكد لـ«الشرق الأوسط» أن توجيها صدر من الكنيسة المركزية، وجه بعدم إقامة أي احتفال ديني بمناسبة المولد والاكتفاء بإقامة صلاة القداس داخل الكنائس أو حتى في البيوت بشكل عائلي، خاصة بعد ورود معلومات بوجود تهديد لبعض الكنائس. وكانت العائلات المسيحية في بغداد تقوم باحتفالات كبرى وتتخذ من بعض الساحات العامة والحدائق والفنادق وصالات الاحتفالات مكانا لتجمعهم ولساعات طويلة تتخللها تقديم أطعمة وفقرات غنائية وأخرى ترانيم تقدمها بلغة سريانية وآشورية وبحسب مذهب كل طائفة منهم.

باسكال وردة، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، لم تخف حالة القلق التي يعيشها المسيحيون. وقالت وردة، وهي وزيرة سابقة للبيئة، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن «الوضع الأمني اليوم أكثر استقرارا، مما سيتيح للمسيحيين الاحتفال بأعياد الميلاد بصورة أكبر مما كان قبل عدة سنوات جراء التحسن الأمني، لكن هذا لا يمنع من القول إن المسيحيين لا يزالون هدفا للجماعات المسلحة وخاصة في مدينة الموصل حيث سقط عدد منهم خلال الأسابيع الماضية وتم استهداف عدد من الكنائس، وهذا أمر يقلقنا كثيرا».

وأضافت وردة «جو العنف والضغط ما زال يحيط بالمسيحيين في مدينة الموصل والأهالي هناك والكنائس بحاجة إلى الحماية من قبل أجهزة الأمن والجيش». واتخذت السلطات العراقية إجراءات أمنية مشددة بالقرب من جميع الكنائس والأديرة في العراق لحماية أبناء الطائفة المسيحية وتأمين أجواء مناسبة لهم للاحتفال بأعياد الميلاد في بغداد وكركوك والبصرة والموصل. وقالت وردة «أتوقع وقوع أعمال عنف ضد المسيحيين كلما اقتربنا من موعد العيد وهو أمر يزعجنا ونأمل أن تنتهي الاحتفالات دون وقوع أعمال عنف وانفجارات». وذكرت أن «الكثير من العوائل المسيحية في مدينة البصرة وكركوك قلصت برامج احتفالها تضامنا مع الإخوة الشيعة الذين يحيون ذكرى شهر محرم وهذا يعكس مدى احترام المسيحيين لإخوانهم من الطوائف الأخرى ومحبتهم لهم لأنهم جميعا من عائلة واحدة هي العراق».

من جهة أخرى، قالت الراهبة أسماء نائف، وهي مديرة إحدى المدارس المسيحية في بغداد «تم إرجاء الاحتفال بأعياد الميلاد لتواكبها مع احتفالات إخواننا الشيعة بذكرى عاشوراء وسيتم إجراء الاحتفالات نهاية الشهر الجاري لتتزامن مع أعياد رأس السنة الميلادية». ويبدو أن مساحة الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة للمسيحيين في إقليم كردستان ستكون أوسع جراء الوضع الأمني المستقر.

وفي الموصل وصف مسيحيون أجواء الاحتفال هذا العام بأنها «الأسوأ» منذ اجتياح العراق عام 2003، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية. وقال جميل بطرس (59 عاما) وهو محام مسيحي «لقد كان الاحتفال بأعياد الميلاد الذي عشناه لعدة سنوات من قبل مجرد حلم وتحول إلى كابوس وجاءت سحابة سوداء فوق رؤوسنا» وأضاف أن «هذا العام هو الأسوأ منذ اجتياح العراق. فرحتنا وحفلاتنا تحولت إلى جحيم... القتل والتهديدات والانفجارات، لا تعرف ما الهدف من ذلك، أو من الذي وراءها».

بدوره قال المهندس يونس ميخا (56 عاما) «اليوم أصبحت الشوارع التي تؤدي إلى الكنائس تبدو وكأنها قاعدة عسكرية، مغلقة بالأسلاك الشائكة والحواجز الخرسانية، بالإضافة إلى انتشار رجال الشرطة في كل مكان».

وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة، تعرضت كنيسة مار توما للسريان الأرثوذكس، وسط مدينة الموصل صباح أول من أمس إلى تفجير أسفر عن مقتل شخصين وإصابة ستة آخرين. كما قتل شاب مسيحي أمس برصاص مسلحين مجهولين في الموصل. وهذا الهجوم هو السابع الذي يستهدف المسيحيين في المدينة منذ الشهر الماضي.