الغزيون يخزنون الوقود والبضائع تحسبا لتوقف تهريب الأنفاق

الهبّة الشعبية ضد الجدار الفولاذي مسألة وقت

TT

على عجل توجه ماجد إبراهيم إلى منزل شقيقته الذي يبعد مسافة مائة متر عن منزله للبحث عن غالونات فارغة. فقد كان هذا المحاضر الجامعي في عجلة من أمره، وبعدما ناوله ابن أخته ثلاثة غالونات انطلق ماجد بسيارته إلى أقرب محطة وقود للتزود بالبنزين وذلك لضمان تخزينه ما يكفي لتمكينه من التحرك وقت الضرورة القصوى بالسيارة، ولتشغيل مولد الكهرباء في منزله الذي يقوم بتشغيله عندما يتم قطع التيار الكهربائي، الذي عاد ليمتد إلى أكثر من خمس ساعات متواصلة في ظل رفض إسرائيل السماح بتزويد محطة توليد الكهرباء الوحيدة بالوقود الكافي لتشغيلها. وماجد مثله مثل كثيرين في قطاع غزة هرعوا لتخزين الوقود والمواد التموينية التي يتم تهريبها عبر الأنفاق، بعد أن ترامى إلى مسامعهم أن مصر تعكف على بناء الجدار الفولاذي الذي سيؤدي في حال إنجازه إلى انهيار كل الأنفاق التي باتت تمثل الرئة التي يتنفس بها أهالي القطاع.

عاد ماجد بعد أن قام بملء الغالونات، لكن غالبية الناس الذين توجهوا إلى محطات الوقود عادوا بخفي حنين، بعدما أنكر أصحاب المحطات وجود الوقود بحجة أن التجار لم يعودوا يزودونهم به. ولا خلاف بين الناس على أن الأنفاق حتى الآن تعمل بكامل إمكانياتها، إذ إن السلطات المصرية شرعت في إقامة الجدار من الناحية الشرقية من الحدود وهي المنطقة التي لا توجد فيها أنفاق، إذ إن الأنفاق تصطف في المنطقة الواقعة بين معبر رفح وشاطئ البحر. لم يتمالك فتحي التعبي صاحب إحدى سيارات الأجرة الذي يعمل على خط غزة رفح، نفسه وانفجر غاضبا عندما أخبره صاحب محطة الوقود التي تقع عند مفترق الطرق المفضي إلى مخيم المغازي وسط القطاع، بعدم وجود وقود.. فقفل عائدا إلى سيارته. وقال فتحي لـ«الشرق الأوسط» «إن الأنفاق التي تستخدم في تهريب الوقود تقع في أقصى الناحية الغربية من الشريط الحدودي، والسلطات المصرية ستحتاج إلى أربعة أسابيع على الأقل حتى تشرع في إقامة الجدار في هذه المنطقة تحديدا». وتوجه سالم العثمان، الذي يقطن مخيم النصيرات وسط القطاع يملك محل بقالة وهو مهتم بتخزين أكبر قدر من البضائع تحسبا لتوقف عمليات التهريب، إلى أحد تجار الجملة في مدينة دير البلح المجاورة لتأمين الحصول على ما يحتاجه، لكنه فوجئ أن التاجر ينكر وجود ما يطلب. وغادر سالم محل التاجر وهو يضمر التوجه لقسم حماية المستهلك في وزارة التموين لتقديم شكوى في هذا التاجر. وعلى غير العادة في مثل أيام الخميس، شهدت الأسواق الشعبية في مدينة غزة ورفح وغيرها من المدن الفلسطينية الكبرى التي تعرض المنتجات المصرية حركة نشطة جدا، حيث يقبل الناس على شراء كل ما تقع عليه عيونهم قبل أياديهم. وقد أدت حالة انعدام اليقين إلى ارتفاع الأسعار بشكل واضح، رغم التحذيرات التي حرصت الحكومة المقالة وأجهزتها على توجيهها للتجار عبر محطات الإذاعة المحلية. في هذه الأثناء أصبح الجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر هو حديث الناس هنا. ويلاحظ من يدخل المنتديات الفلسطينية - التي تجذب الشباب بشكل خاص - أن الشباب الفلسطينيين في غزة يتبادلون الأفكار حول كيفية جعل الجدار الفولاذي غير فاعل. ومن خلال متابعة ردود أفعال الناس هنا على هذا الجدار، فإن حدوث هبّة شعبية ضد هذا الجدار ستكون مسألة وقت.