الناطق باسم الحكومة الصومالية لـ «الشرق الأوسط»: نستعد لاستعادة السيطرة على مقديشو

أسمرة تنتقد قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات عليها.. وردود متباينة في الصومال

TT

كشف عبدي حاجى غوبدون المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء والناطق باسم الحكومة الانتقالية في الصومال النقاب عن أن القوات العسكرية والأمنية الموالية للرئيس الصومالي الانتقالي الشيخ شريف شيخ أحمد تستعد حاليا للقيام بما وصفه «عملية عسكرية كبيرة لتطهير العاصمة الصومالية مقديشو من مختلف الجماعات والعناصر الإسلامية المتشددة المناوئة للحكومة ولتواجد قوات حفظ السلام الأفريقية في البلاد».

وقال غوبدون في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مقديشو إن هناك استعدادات لدى قوات الجيش والأمن لكي تحرر الحكومة العاصمة وبعض المدن القريبة منها، لكنه امتنع في المقابل عن تحديد موعد بدء هذه العملية العسكرية المرتقبة.

ولا تسيطر الحكومة الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي حاليا وفقا لتقديرات حكومية وغربية سوى على نحو 40% فقط من مساحة العاصمة مقديشو، في وقت تنشط فيه عناصر حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي للقيام بعمليات تستهدف القوات الحكومية والأفريقية.

وأشار غوبدون إلى أن الشيخ شريف أجرى تغييرات مهمة في الجيش والشرطة بهدف إعادة الضبط والربط وتعزيز قدراتهما العسكرية من أجل تجهيز قوات وطنية قادرة على القيام بعملية مماثلة ومواجهة من سماهم بالمتمردين الإسلاميين.

وقال إن «الحكومة الصومالية رحبت بقرار مجلس الأمن بشأن فرض عقوبات على إريتريا بدعوى تدخلها في الشؤون الصومالية وتقديم المساعدات للمتمردين المناوئين للحكومة». ولفت غوبدون إلى أن المطالبة بمعاقبة إريتريا كانت أساسا مطلبا للحكومة الصومالية قبل أن تتبناها منظمة دول «الإيقاد» والاتحاد الأفريقي، مشيرا إلى أن نائب رئيس الوزراء عبد الواحد نور جامع عقد أمس مؤتمرا صحافيا في مقديشو عبر فيه عن سعادة الحكومة الصومالية وسرورها بقرار مجلس الأمن. واتهم إريتريا بأنها استغلت الوضع الراهن في الصومال والحرب الأهلية لتشجيع المعارضين ضد الحكومة الانتقالية، مشيرا إلى أن الحكومة تأمل في أن يتم تنفيذ هذا القرار على الأرض. من جانبها، انتقدت وزارة الخارجية الإريترية قرار مجلس الأمن ووصفته بأنه «عار ومعيب»، معتبرة أنه يوم مخجل للمنظمة الدولية أن تنحدر إلى هذا المستوى من العدوان على أسمرة. وقالت الوزارة في بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن الاتهامات الموجهة إلى إريتريا لم تثبت صحتها يوما، مشيرة إلى الدور الأميركي والأوغندي في تمرير القرار داخل مجلس الأمن على الرغم من معارضة عدد من الدول من بينها ليبيا.

وتساءل البيان كيف يمكن لإريتريا أن تقدم الدعم اللوجستي للجماعات المسلحة في الصومال بينما ليس لديها حدود متاخمة لهذا البلد؟ وكيف يمكن لها تمويلها ماليا بينما أسمرة ليس لديها النفوذ المالي ولا الإرادة السياسية لفعل ذلك؟

وسخر البيان من أن يتحول مجلس الأمن إلى مهمة البصم على القرارات المعروضة عليه من دون مناقشتها، مشيرا إلى أن أسمرة ما زالت ترفض الاعتراف بشرعية السلطة الانتقالية في الصومال لأنها لا تمثل جميع الصوماليين. ورفض أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة لدى الصومال، في محاولة على ما يبدو لتجنب أي ردود فعل إريترية غاضبة تجاهه، التعليق على قرار مجلس الأمن وقال في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مقره في العاصمة الكينية «نيروبي»: «هذا موضوع ليس من اختصاصي ولا أود الخوض فيه».

وتتضمن العقوبات التي أقرها مجلس الأمن، أول من أمس في اجتماع بنيويورك بعد امتناع الصين عن التصويت ومعارضة ليبيا، على أسمرة حظرا على مبيعات السلاح وتجميد الأصول المالية لأفراد في الحكومة والجيش والمنع من السفر لكل من يخرق بنود الحظر بالإضافة إلى تفتيش السفن والطائرات المتجهة من وإلى كل من الصومال وإريتريا.

وتباينت ردود فعل الأطراف الصومالية والإقليمية على قرار مجلس الأمن أمس بفرض عقوبات مختلفة على إريتريا بسبب دعمها للفصائل الصومالية المعارضة لحكومة الشيخ شريف. فقد رحبت كل من جيبوتي والحكومة الصومالية بالقرار، فيما رفضه الحزب الإسلامي الصومالي المعارض بقيادة الشيخ حسن طاهر أويس.

ووصف مندوب جيبوتي لدى الأمم المتحدة ربوبلي عولهية القرار بأنه إيجابي لكنه جاء متأخرا لأن إريتريا كانت طرفا رئيسيا في القلاقل والمشكلات في القرن الأفريقي في الفترة الأخيرة. وأضاف عولهية أن هذه العقوبات أولية وهناك لجنة لمتابعتها، وقد تواجه أسمرة عقوبات أشد إذا لم تمتثل لمطالبات المجتمع الدولي القاضية بوقف دعمها للفصائل الصومالية المسلحة وما يتعلق أيضا بنزاعها الحدودي مع جيبوتي. وتطالب جيبوتي إريتريا بسحب قواتها من منطقة «رأس دوميرا» الحدودية التي شهدت مواجهات عسكرية محدودة بين البلدين العام الماضي. وفي الصومال، قال وزير الخارجية أحمد جامع جنغلي إن «قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات علي إريتريا هو فرصة لتعزيز السلام في منطقة القرن الأفريقي» واتهم إريتريا مجددا بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية. وفي العاصمة مقديشو ندد المتحدث باسم الحزب الإسلامي الصومالي المعارض (أحد الفصائل الذي تقول الحكومة الصومالية إنه يتلقى الدعم من إريتريا) بقرار مجلس الأمن ووصفه بالقرار الظالم. وقال الشيخ محمد معلم علي إن «إثيوبيا تتدخل في الشؤون الداخلية الصومالية بشكل سافر وواضح ولا يريد أحد أن يفرض عليها العقوبات الأمر الذي يجعل قرار مجلس الأمن الذي يستهدف إريتريا عديم المصداقية».

وكانت أوغندا وهي عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي قد تقدمت بمشروع فرض العقوبات على إريتريا بسبب دعمها المسلحين الإسلاميين وأيدها الاتحاد الأفريقي وكذلك الهيئة الحكومية للتنمية في تبني القرار الذي تعثر إقراره لعدة أشهر إلى أن حصل شبه إجماع أمس على موافقة مجلس الأمن، حيث صوت 13 عضوا لصالحه فيما رفضت ليبيا فقط وامتنعت الصين عن التصويت. وتشمل العقوبات المفروضة علي إريتريا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1907 حظرا على استيراد الأسلحة وفرض عقوبات على أفراد وتجميد أرصدة شركات ستحددها لجنة قائمة للعقوبات وسيكون من بينهم على ما يعتقد شخصيات قيادية في البلاد. وكان هذا القرار يحظى بتأييد الاتحاد الأفريقي ومنظمة «الإيقاد»، اللذين طالبا مجلس الأمن في مايو (أيار) الماضي بمعاقبة إريتريا لعرقلتها جهود السلام في الصومال، ورفضها نتائج اتفاق السلام الموقع في جيبوتي في يونيو (حزيران) 2008 بين الحكومة الصومالية والمعارضة. وكانت أوغندا تصر على الموافقة على هذا القرار أكثر من غيرها؛ لأن الإسلاميين الذين يقاتلون القوات الأوغندية في مقديشو تدعمهم إريتريا.

ويطالب القرار الذي وافق عليه المجلس إريتريا بوقف تسليح وتدريب وتجهيز الجماعات المسلحة بما في ذلك تنظيم الشباب الذي يسعى لزعزعة استقرار المنطقة، وتتهم إريتريا بإمداد متمردي الفصائل الإسلامية المعارضة بالمال والسلاح في قتالهم للإطاحة بالحكومة الانتقالية، وانتهاك حظر توريد الأسلحة إلى الصومال الذي فرضته الأمم المتحدة عام 1992. وكانت لجنة الأمم المتحدة لتسجيل مخالفات هذا الحظر قد قالت إن إريتريا ترسل بالذخائر وتقدم دعما في الإمداد والتموين للمسلحين الإسلاميين في الصومال، ونفت أسمرة هذه الاتهامات بشدة.