السودان وتشاد يتفقان على إحياء البروتوكول الأمني بينهما.. ويخطوان نحو التطبيع

وزير خارجية انجمينا في الخرطوم: تقدمنا خطوة > غازي صلاح الدين: نعمل على بناء الثقة

غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني لدى تحدثه في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع وزير الخارجية التشادي موسى فكي في الخرطوم أمس (أ. ف. ب)
TT

اتفق الجانبان السوداني والتشادي في ختام مباحثات أمنية وعسكرية أجراها الطرفان في الخرطوم على البدء في تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، خاصة برتوكول ضبط الحدود، وحددا اجتماع اللجنة الأمنية العسكرية المشتركة بين البلدين في العاصمة التشادية انجمينا خلال أسبوعين، لإحياء البرتوكول الأمني وتطبيقه على الأرض. وعاد الوفد التشادي برئاسة وزير الخارجية التشادي موسى فكي إلى بلاده بعد زيارة استغرقت يومين.

وقال الدكتور غازي صلاح الدين، مستشار الرئيس السوداني مسؤول ملف دارفور في الحكومة، في مؤتمر صحافي مشترك في مطار الخرطوم مع وزير الخارجية التشادي موسى فكي، إن زيارة الوفد التشادي للخرطوم أحدثت اختراقا معقولا في العلاقة بين البلدين، خاصة الحواجز النفسية. وأشار إلى أن زيارته إلى انجمينا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وزيارة هذا الوفد للخرطوم أسهمتا في بناء الثقة. وأضاف «نحن تقدمنا خطوة مهمة نحو تطبيق الاتفاقيات بين البلدين والتي تصوب بشكل رئيسي نحو كيفية منع أن تكون أرض كل من البلدين منطلقا لعمليات عدائية ضد البلد الآخر».

وقال إن تطبيع العلاقات مع تشاد وحده سيكون أكبر دفعة لعملية السلام من دون الحاجة أو النظر إلى الإجابة عما هو دور تشاد في مباحثات الدوحة التي لها آلية ووساطة محددة. وقال إن أفضل ما تقدمه تشاد للسودان هو أن تعود العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، وألا تكون هناك أعمال عدائية ضد السودان من داخل تشاد، على أن يلتزم السودان بالأمر ذاته.

وردا على سؤال حول ضمانات تنفيذ الاتفاق، قال صلاح الدين إنهم يثقون في المنهج الذي يتبعونه الآن في بناء الثقة، وفي تصحيح النية والعمل من خلال الإجراءات العملية كطريق للوصول إلى الهدف. وهون من تأثير التقاطعات الإقليمية والعلاقة ما بين فرنسا وتشاد وفرنسا والسودان على عملية التطبيع، وقال إن فرنسا رحبت بالأمر. وأضاف «لم ألمس خلال زيارتي الأخيرة لباريس أي اعتراض منهم على ذلك». وأضاف «في تقديري السياسي من مصلحة فرنسا أو أي جهة أخرى ذات نفوذ في المنطقة أن تكون العلاقة بين تشاد والسودان طبيعية باعتبار أن الحرب لا تخدم أحدا». وحسب صلاح الدين فإن المعطيات الإقليمية والمحلية تدفع الآن في اتجاه التطبيع بين البلدين.

من جهته، وصف موسي فكي، وزير الخارجية التشادي، في مؤتمر صحافي بمطار الخرطوم المباحثات التي أجراها مع المسؤولين في الحكومة بالصريحة والشاملة. وقال «تطرقنا لقضايا ذات أهمية مشتركة، واتفقنا على تطبيق بروتوكول ضبط الحدود بعد أن ناقشنا ما يحدث في الخط الحدودي بين البلدين، واتخذنا إجراءات لمنع أي اعتداءات على الحدود». ومضى يقول «كانت محادثات مثمرة تقدمنا فيها خطوة أولى للوصول إلى تطبيع العلاقات بين البلدين، واتفقنا على اتخاذ عدة تدابير حتى لا تقوم المعارضة المسلحة بإيذاء الدولتين». وقال «نحن في بداية المناقشات، والضمان الأساسي لنجاحها هو الرغبة السياسية». وأضاف أن المحادثات إذا تقدمت ستتوج بقمة بين الرئيسين.

وأكد وزير الخارجية التشادي استعداد بلاده إذا ما طلب منها القيام بدور أكبر في مفاوضات الدوحة بين الحكومة السودانية ومسلحي دارفور، وقال «تشاد تدعم المبادرة القطرية وتشارك في اللجنة الأفريقية العربية». وأضاف «أنا شخصيا شاركت في المشاورات مع منظمات المجتمع المدني السوداني بالدوحة».

وكان موسى فكي وصل إلى الخرطوم أول من أمس، في زيارة هي الأولى له منذ قطع العلاقات بين البلدين، وأجرى مباحثات مع الرئيس عمر البشير، ركزت على كيفية تطبيع العلاقات المتوترة بين البلدين، وسلمه رسالة من الرئيس التشادي إدريس ديبي، تحمل المعاني ذاتها. ودخل وزير الخارجية التشادي الذي جاء على رأس وفد أمني عسكري دبلوماسي، في مفاوضات مع المسؤولين في جهاز الأمن السوداني والجيش، أحيطت بقدر كبير من السرية.

وتعبر زيارة الوفد التشادي هي الأولى من نوعها إلى السودان منذ أن توترت العلاقات بين البلدين في مايو (أيار) عام 2008، بعد يومين من هجوم شنته حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور على العاصمة السودانية، خلف المئات من القتلى والجرحى، حيث اعتبره الرئيس البشير هجوما مدبرا من دولة تشاد، وأمر بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة تعتبر زيارة متابعة لاتفاق جرى بين مستشار الرئيس السوداني ومسؤول ملف دارفور الدكتور غازي صلاح الدين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى تشاد، في أول زيارة لمسؤول سوداني لتشاد بعد الأزمة. ولم يشأ المصدر الإفصاح عن بنود الاتفاق، غير أنه قال إنه «يتعلق في المقام الأول بكيفية السيطرة على الحدود بين البلدين، وهي حدود تنشط فيها فصائل المعارضة المسلحة ضد تشاد وفصائل المعارضة السودانية ضد السودان». وأشار إلى أن الاتفاق يتعلق حول كيفية دفع المعارضة في كل من البلدين في اتجاه طاولة المفاوضات.

وضم الوفد التشادي قيادات من وزارة الخارجية التشادية والجيش ونائب رئيس البرلمان التشادي ومسؤولين في جهاز الأمن التشادي. وتضاربت التسريبات حول مدة زيارة الوفد التشادي «بين يوم واحد وثلاثة أيام». وبدا القنصل التشادي في الخرطوم «حسين جدة» متفائلا بعودة العلاقات بين الخرطوم وانجمينا، وإنهاء مسببات التوتر بين البلدين، التي تبرز من وقت لآخر. وقال في تصريحات صحافية إن الحدود بين البلدين هي السبب الرئيسي في تدهور العلاقات.

وكان المسؤولون في البلدين سجلوا، لأول مرة، اعترافا صريحا خلال الزيارة التي قام بها مسؤول ملف دارفور إلى العاصمة التشادية انجمينا، يؤكد وجود نشاط للمعارضة ضد الآخر من داخل الحدود المشتركة، ويربط المراقبون السلام في إقليم دارفور المضطرب بتوافر علاقات جيدة بين العاصمتين.